تابعت اليوم خبر مفاده اجتماع شبه موسع لبحث ومناقشة مستقبل العمل الثقافي والإعلامي في مصر. المهم في الخبر هو اجتماع المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والسيد الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والدكتورة درية شرف الدين، والسيد طارق نور، رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة، وهدف هذا الاجتماع هو مناقشة سبل التعاون بين المؤسسات الثقافية والإعلامية، ودور الإعلام ووسائله في نشر الوعي الثقافي والفكري وتعزيز الانتماء الوطني، وامتد النقاش ليشمل دور قصور الثقافة والمواقع الاليكترونية وغيرها. والجدير بالذكر أن هذا الاجتماع شمل العديد من المسؤولين عن صناعة الفن والثقافة وبعض أعضاء مجالس ممارسة العمل الإعلامي وموظفي الحكومة ذوي الصلة بالموضوع. والأهم أن الخبر لم يذكر حضور أي من أساتذة الإعلام والإتصال أو أي من علماء الاجتماع وعلم النفس والعلوم المعرفية المختلفة.
وهذا الخبر جعلني أتذكر مقولة ريتشارد فاينمان الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء حيث قال: “المبدأ الأول هو ألا تخدع نفسك، فأنت أسهل من يُخدع”.
فإن ما أخشاه بالفعل هو أن تخدعنا مثل هذه الخطوات المتعجلة، والمتسرعة وتتمخض عن لا شيء في نهاية الأمر.
ولكنني كممارس لمهنة العلاقات العامة لأكثر من ٣٥ عاماً، سوف أتناول هذه القضية من منظور التخطيط لمشروع وبرنامج علاقات عامة يتولى إدارتها (مجلس الوزراء) لإدارة دور الوحدات والأطراف ذات الصلة بالقضية، وأهم طرف لهذه القضية والذي أغفلتها معظم الاقتراحات والتوصيات، وبعيداً عن الصراخ والعويل والبكاء على اللبن المسكوب هو، جمهور المشاهدين وحزب الكنبة كما يٌطلق عليه:
فحسب نماذج تخطيط برامج العلاقات العامة، فإنني أقترح تطبيق نموذج تخطيط استراتيجي لإدارة (الأزمة)، يُطلق عليه ببساطة “الخطوات التسع للعلاقات العامة الاستراتيجية”.هذه الخطوات يجب اتباعها بالتسلسل. بعد تحديد المشكلة، وبدل من القفز للبحث عن الحلول، وتجاوز البحث والتحليل لأصول وأسباب المشكلة. وقد يؤدي هذا إلى افتراضات غير مبررة أو وهمية أو متسرعة، قد تثبت لاحقًا أنها مكلفة، وغير منتجة ومهدرة للوقت والطاقة والحماسة، وربما الإحراج لمن (عنده دم). ويؤدي التخطيط الدقيق إلى برامج استباقية ووقائية بدلًا من أنشطة تفاعلية وشكلية وعلاج مسكن ووقتي. في الوقت نفسه، تتميز خطوات هذه العملية بالمرونة الكافية التي تسمح بالمراقبة والاختبار والتعديل المستمر حسب الحاجة.
وتبدآ هذه المراحل بالمرحلة الأولى التي قد يمكن تغافلها بسهولة أو بسبب العجلة في التعامل مع الأزمة وهي مرحلة البحث التكويني أو التأسيسي وتنقسم إلى:
1- تحليل الوضع للقضية وتاريخها وأسبابها
2- تحليل المنظمات والمؤسسات ذات الصلة بالقضية أو الأزمة
3- تحليل الجمهور المؤثر والمتأثر بالإعلام والدراما والثقافة ورصد رأيه واتجاهاته واهتماماته، وتحليل منصات التواصل الاجتماعي
والمرحلة الثانية: الاستراتيجية
4- تحديد الأهداف والغايات
5- صياغة استراتيجيات العمل والاستجابة
6- تطوير استراتيجية الرسالة الإعلامية والثقافية
المرحلة الثالثة: التكتيكات
7- اختيار أساليب الاتصال
8- تنفيذ الخطة الاستراتيجية
المرحلة الرابعة: البحث التقييمي
9- تقييم الخطة الاستراتيجية ونتائجها وإعادة إجراء البحوث الاستكشافية لتطوير البرامج والخطط التنفيذية.
هذه محاولة لتناول المشهد من زاوية منهج تفكير العلاقات العامة، والذي يساء إدراك وظيفتها الجوهرية في بلادنا ويقتصر دورها على كونها “مراكز تجميل” وتزويق إدارة الشركات والهيئات والتحدث نيابة عن المسؤولين.