يقوم اهتمام الدولة المصرية على فلسفة أصيلة فحواها تأهيل المواطن ليصبح قادرا على العطاء ولديه رغبة في التغيير للأفضل تجاه تحقيق ماهية الإعمار بصورة مستدامة، وهذا يعد لبنة بناء الوطن؛ حيث اكساب الفرد المقدرة على تعظيم مقدرات بلاده؛ لتصبح رائدة في مجالاتها المختلفة؛ ومن ثم تحتل المكانة اللائقة بتاريخها وجغرافيتها.
الدولة المصرية وقيادتها السياسية لا تتقاعس تجاه المواطن؛ فما يصدر من توجيهاتٍ وقراراتٍ رئاسيةٍ يؤكد على دور الدولة المصرية الفاعل في تحقيق الحماية الاجتماعية؛ وكي يطابق الواقع ذلك ويصدقه؛ فقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، القرار رقم 12 لسنة 2025 الخاص بقانون الضمان الاجتماعي، والذي وافق عليه مجلس النواب؛ ليستطيع المواطن أن يفي بمتطلباته الأساسية، وأن يستشعر دأب الدولة وجهودها المتواصلة في توفير احتياجاته.
وقانون الضمان الاجتماعي يترجم مبادئ وفرضيات نظرية العدالة الاجتماعية في إدارة اقتصاديات الدولة المصرية بمختلف تنوعاتها؛ حيث تؤكد بنوده على إعطاء كل فردٍ ما يستحق، ويعزز فكرة توزيع الموارد المادية في ضوء معاييرٍ محددةٍ، ومن ثم يعضد أهمية توفير الاحتياجات الأساسية من رعايةٍ صحيةٍ وتعليميةٍ واجتماعيةٍ وغيرها من أنماط الرعاية بصورةٍ متساويةٍ.
وأن تفعيل نصوص مواد قانون الضمان الاجتماعي يجعل المواطن المصري ينال حقوقه؛ ومن ثم يصبح مسئولًا عن حماية نفسه وأسرته ومجتمعه ويحرص على استقراره ويشارك بقوة في التنمية بكافة أنماطها؛ ليؤدي ما يوكل إليه من مهامٍ بإتقانٍ وتفانٍ؛ ويستطيع أن يواجه الصعوبات والأزمات والتحديات مهما تباينت أو اختلفت وتيرتها.
القانون في مجمله يعمل على تأهيل فئات المجتمع للعمل على زيادة الإنتاجية في منابر الاقتصاد المختلفة بكافة قطاعات الدولة؛ لتنمو مهارات العمل التنافسية، وتتأصل لدى الفرد القيم الاقتصادية المحمودة، كما تقوى شبكات التضامن الاجتماعي بين أطياف الشعب، ومؤسسات الدولة؛ بالإضافة إلى خروج بعض فئات المجتمع من حالة العوز.
ونصوص هذا القانون المتفرد تؤكد أهمية توفير أقصى حماية لقادرين باختلاف والمسنين والأيتام، وهذا يشير إلى حب القيادة السياسية لكافة طوائف الشعب العظيم، كما يعضد فلسفة الاحتواء لمكونات هذا المجتمع الذي يتحلى بالرحمة والتواد والعاطفة الجياشة، وهذا الطابع الخاص لشعبنا العظيم يؤكد على قوة الرابطة بين نسيجه، ويبرهن على أن اكتمال السعادة بالشمول؛ فهذه الفئات من المجتمع ينبغي أن نغرس في وجدانها الولاء والانتماء وسائر القيم النبيلة التي يؤمن بها المجتمع المصري ويحافظ عليها ويحرص على تفعيلها في شتى ممارساته، وبدون شك يعد ذلك سر نجاحه لبلوغ مرماه وغايته المنشودة ونهضته المستدامة.
وتستهدف نصوص مواد قانون الضمان الاجتماعي الاستثمار في البشر وتحسين مؤشرات التنمية عبر بوابة الاجتماعية؛ حيث إن أولويات الدولة تبدو في تحقيق الأمان الاجتماعي للشعب العظيم، ومن ثم فإن جدول الأعمال الرئيس للدولة يقوم على هذه الحماية؛ ليستطيع المواطن المصري أن يستكمل مسيرته نحو البناء، وأن يعي بشكلٍ صحيحٍ علاقته بالنظام السياسي، الذي لا يأل جهدًا في توفير وتلبية متطلباته بكافة تنوعاتها؛ فالتنمية رهن استقرارٍ مجتمعيٍ يستوفي احتياجاته الأساسية.
إن تعزيز سياج الحماية الاجتماعية من خلال صندوق تكافل وكرامة يؤكد رسالة الدولة ورؤيتها والتي تؤكد على التكافل في صورة تتجلى في مساقها التراحم والتلاحم؛ لتستطيع الأسر المصرية أن تعيش في عزة، وتستكمل مسيرتها بعيدًا عن مهددات الحياة ومستقبلها، كما أن هذا يتسق مع ماهية الحماية الاجتماعية الشمولية القائمة على العدل، والمساواة، ورغبة تحقيق كرامة العيش.
قانون الضمان الاجتماعي يستبعد الاضطراب الاجتماعي الذي يؤثر على استقرار المجتمعات؛ ومن ثم يعد خطوة متفردة تجاه فكرة بناء الإنسان من خلال روافد عديدة ومتعددة؛ وهذا يساعدنا في معالجة إشكالية عطب النسق القيمي الذي كان من أسبابه انتشار الفقر والعوز؛ فجميعنا يدرك أن تماسك المجتمعات تقوم على بقاء منظومة القيم التي تحقق ماهية الأمن القومي وتقوي الجبهة الداخلية للمجتمع.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر