غريبة الأطِوار أنت حقاًّ!
تذهلني سرعة انتقالك من النقيض إلى النقيض، فأحيانا ألمحك تطيرين بخفة فراشة منتشية فرحا وزهوا بنفسها، إذ ازدان بريق ألوانها بين أزهار حديقة غناء، وأحيانا أخرى ألقاك كالصنم! يغلف الصقّيع قلبك الدافئ ليصير ببرودة جليد ألاسكا، وتخبو حماستك المتقدة وتبهت رغبتك بكل شيء وتنطفئ إشراقة روحك فجأة، فتكتسبين ثباتا انفعاليا لا مثيل له، حينها لا تأبهين لأي شيء ولا لأحد ولا يؤثر فيك حزن ولا فرح، والعجيب يخمد بركان ثورتك التي تطفىء عقلك أحيانا، فلا يتأججّمهما حدث! هنا فقط أدرك أن تبلد مشاعرك قد بلغ أقصاه وابتلعتك دوامة اللاشيء لتغرقك، فيكاد يجزم من يرى انطفاءك أنك لا تملكين حتى تلك القشة لتتشبثّي بها للنجاة وأنك غارقة لا محالة..
لكن سرعان ما يتفاجأ بك تطفين على السطح! فتطلقين العنان لمهاراتك الخيالية في السباحة في بحر الحياة متلاطم الأمواج، لتصلي بسرعة الضوء لشاطئ نفوذك وسطوتك وتقفي شامخة، فتنظرين لتلك الدوامة الفظيعة التي خلفتها وراءك فتحسين كأنك ولُدت من جديد واكتسبت قوة هائلة تؤهلك للمضي قدما نحو مملكة انتصاراتك وأفراحك.
رائعة أنت وبمنتهى القوة والصمود إذ تنبتين من تحت الركّام!
مذهلة جداًّروحك المتحدية والعنيدة حين تقاومين وبشدة لآخر رمق وتجابهين أطياف الانكسارات والآلام التي تحاول إلقاء الذعر والوهن في قلبك المرهف، لكن عبثا تحاول!
كزهرة برية تشقين الصخر وتهجرين العتمة لتتنفسي وتستنشقي نسمات السكينة والسلام وتستمتعي بنور الأمل والتفاؤل بغد مشرق.
الجزائر