لم أكن يوما سهل القراءة ، في داخلي مدن مدمرة لم تُرَ بعد، أرواح مرت بي ومضت، وتركت رمادها يتطاير في نبضي.
ضحكاتٌ ارتديتها كي لا يُكشف العطب في صوتي، صمت طويل خبأت فيه صراخي، وذاكرة تعبت من تدوين الخسارات
يظنّونني قويا لأنني لا أطالب بحقي في البكاء
لكنهم لا يعلمون أنني كل مساء أُعيد ترتيب أحجار الألم في صدري كي لا تنهار عليّ و ان كل صباح أرتدي جلدي
أنا أعمق مما يظنون،
لا لأنني معقّد، بل لأنني صادق
لأنني لا أختصر نفسي بجملة،
ولا أرضى أن أُفهم من نظرة عابرة.
أنا الذي إذا أحبّ ذاب،
وإذا اشتاق، تفجّر،
وإذا وعد، انتظر حتى النهاية .
في صغري، كنت أجلس كثيرا وحدي ليس لأنني خجول،
بل لأنني كنت مشغولًا بمراقبة ما لا يراه الآخرون ،
وجه أمي حين تنظر إلى النافذة بعد صلاة الفجر،
كأنها تنتظر شيئا لا يأتي.
صوت أبي حين يذكر اسم صديق رحل،
فتختنق الجملة ولا تكتمل
ضوء الغروب على الحائط، وهو يتمطّى ككائن يحتضر
فقد كنت ألتقط الحزن كما تلتقط الطيور صوت الخطر
أنا اعمق مما يظنون
فالذين مرّوا بي ظنوا أنهم عرفوني قالوا:
هادئ
عاقل ،
غريب قليلا
لكن لا أحد منهم سمع صراخي الصامت وأنا أُطفئ شموع عيد ميلادي وحدي،
ولا أحد قرأ الرسائل التي كتبتها ولم أرسلها،
ولا أحد لمس الندبة ولا السُهاد الذي يلبس وجهي كل فجر
أنا اعمق مما يظنون لو انك كنتِ هنا