في العام 1998، كنا ندرس في السنة التمهيدية على يد أعلام عظماء، تعرفنا على أيديهم على اتجاهات أدبية ونقدية وفكرية شتى، فالراحل العلامة د.الطاهر مكي درسنا كتابا ضخما هو “الشعر الأندلسي في عصر الطوائف”، وهو في أصله رسالة دكتوراه لهنري بيرس، بترجمة د.مكي، والعالم والناقد الراحل د.محمد أبو الأنوار درسنا كتابا ضخما من ثلاثة أجزاء هو “المنفلوطي حياته وأدبه”، وهو في أصله رسالته للماجستير، بالإضافة إلى قراءتنا على يديه كتب طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، والفتنة الكبرى، والشعر الجاهلي، وعمل أبحاث حول أحدها، ودرسنا العلامة الراحل د.أحمد هيكل (وزير الثقافة الأسبق) مادة مناهج البحث الأدبي، ومعه الراحل العالم الجليل د.صلاح الدين الهادي، فكانا يحيلاننا على مراجع مهمة في ميدان البحث الأدبي مثل: “منهج البحث الأدبي” للراحل العلامة شوقي ضيف، و”المصادر الأدبية واللغوية في التراث العربي” للعلم العظيم الناقد الكبير الراحل د.عز الدين إسماعيل، و “دراسة في مصادر الأدب” للدكتور الطاهر مكي، و “مصادر الدراسة الأدبية” للدكتور شكري فيصل، بالإضافة إلى الإحالة إلى كتب مهمة أخرى مثل “مصادر دراسة الأدب” للدكتور العلامة الراحل ناصر الدين الأسد. ودرسنا العالم الجليل الناقد والمبدع الشاعر الكبير عبداللطيف عبدالحليم (أبو همام) كيفية تحقيق المخطوطات وجزءا من الأدب الحديث، كمصادر شعر شوقي ومدرسة الديوان. رحمهم الله جميعا وجعل علمهم وأعمالهم الجليلة في ميزان حسناتهم.
لكن المفارقة كانت في المرحلة التالية من الدراسة، متمثلة فى طبيعية الموضوعات، عبر التخصص في فرعين من الأدب الحديث هما: المسرحية النثرية والرواية، بإشراف العلامة الراحل د.محمد فتوح أحمد، ما دعا الباحث إلى القراءة في هذين الفرعين أو الجنسين الأدبيين من البداية.
والشاهد أن الجامعة لا تعطي الدارس كل شيء، لعوامل كثيرة معلومة للباحثين، من ثم يظل الإنسان يشعر بالجهل والتعطش إلى المعرفة في زمن يسرق العمر، ويطارد الفقر الإنسان حيثما يكون، إن هو ركن إلى الراحة، ويصبح الاطلاع والتثاقف ضربا من الجنون، وربما، بل الأغلب، أن يصاب المرء ، إما بالتسطيح الفكري، أو المرض في مجتمعات متقلبة لا تقر على شيء ولا تعالج مريضا بالضغط مثلي، لكن جيلنا رغم كل ذلك أفضل كثيرا، مقارنة بغيره ممن جاء بعده، علما وحكمة وعقلا وعمقا، والحمد لله على نعمه الكثيرة.