اتهمني العديد من القراء الأعزاء بأني مليش في الرومانسية بدليل أنهم لم يقرأوا لي مقالا رومانسيا واحدا طوال حياتي الصحفية، ففكرت فيم تكون الرومانسية سوي بعض الآهات والدموع المضروبة في الخلاط ولما وجدت الأمر سهلا قررت الرد بشكل عملي ووجدت نفسي أكتب هذه الرسالة إلي حبيبة القلب وهذا نصها:
حبيبتي.. ها أنتِ من جديد تبعدين عني وتصبحين حلما بعيد المنال، نعم وبدون مبالغة أجدك قد أصبحت وكأنكِ تختة في الصف الأول في الفصل وأنا تلميذ صغير ضعيف البنيان مطلوب مني أن اصارع بقية التلاميذ وربما استخدم سلما من خارج المدرسة أو قد تضطر أمي لتقذفني بكل ما اوتيت من عزم لأضمن أن أصل إليكِ قبلهم ومع ذلك تتمنعين وترفضين حبي فآظل في محرابك واقفا بدون كرسي حتي انتهاء اليوم الدراسي فأرجع مهزوما مكسور الوجدان، فهل يرضيكِ أن أظل علي هذا الحال يوميا لا أفهم مما يقال في الفصل حرفا واحد وأنا الذي كنت امني نفسي بأن أتلقي من عيونك الجميلة أجمل دروس الإنسانية لأكتشف في نهاية العام الدراسي بأني كنت أطارد خيط دخان،ألا تعلمين أني وأنا في الطريق إليكِ حاملا علي كتفي من الهموم مايشبه شنطة تلميذ في الصف الخامس الابتدائي يحمل علي ظهره كل يوم أطنانا من الكتب تصيبه بالتقوس وبكل أمرض العظام؟ لماذا تتلذذين بوقوفي أمامك مثل وقوف التلميذ الخائب الذي لم يحل الواجب أمام الأبلة وهي تمسك له الخيزرانة وهو يترجاها قائلاً: سيبيني أنام ربع ساعة يا حاجة؟
حبيبتي.. لا أصدق أنك في كل تلك الأيام كنت تخدعينني مؤكدة أنك لا تعبأين بأنني مفلس وتحبينني علي وضعي لكني اكتشفت أنك كنتِ تكذبين علي كذب المسئولين الذين يؤكدون أن صرف الكتب للتلاميذ ليس مرتبطا بسداد المصروفات، فكنتِ إذا عرفتي أن في جيبي مبلغا من المال أتيتِ لي مهرولة تحدثينني عن الحب والغرام فإذا أفلست أعرضتِ ونأيتِ بجانبك، لا تختلفين شيئا عن سكرتير المدرسة الذي لا يفتح مكتبه لأحد من أولياء الأمور إلا لمن جاء لسداد المصروفات!
هل نسيتِ عندما كنتِ مثل مدرسة بلا أسوار تحولت إلي مأوي لمن لا مأوي له فكنتِ تطلبين مني الحماية والأمان؟ وحتي عندما منّ الله عليكِ بالسور ألا تتذكرين كم استبيح هذا السور داخليا من التلاميذ التي تهرب من خلاله وخارجيا بأكوام القمامة التي يلقي بها الناس في حضنه ليلا، هل أذكرك بأنك كنتِ مثل بناء مدرسي فخم ولكنه خالٍ من التلاميذ لأنه خالٍ من المقاعد ومن المدرسين ومن الإدارة؟
حبيبتي.. لا أريد أن أصدق أنك متعودة دايما علي هذا الجفاء، ليس كما قال عادل إمام في رائعته »شاهد ماشافش حاجة» ولكن كما قال وزير التعليم تعليقا علي وفاة تلميذ بسبب التدافع علي الفصول للفوز بالتختة الأولي لأن السيد مدير المدرسة أغلق السلم القريب من مكتبه لأنه مش عايز دوشة وجعل كل تلاميذ المدرسة يستخدمون سلما واحدا.ولا أريد أن أذكرك فأنت سيدة العارفين أن العالم كله ينتظر نتيجة هذه العلاقة التي تربطنا سويا كما لو كنا قيس وليلي تماما كما ينتظر العالم كله تجربة التعليم الجديدة في مصر.وأخيرا وليس آخرا إذا كان كل هذا الغرور وكل هذا الكبر قد أصابك لمجرد أن منً الله عليكِ وأصبح بين أناملك الرقيقة آي باد فأود أن أذكرك بأنه قريبا جدا سيكون في يدي تابلت ومحدش أحسن من حد والسلام ختام!