الإخبارية -محمد شمس
وضع الله عز وجل في جسم الإنسان آلية مهمتها تنظيم حركة اعضاء الجسم وأجهزته المختلفة، وذلك حتي يكون الليل سكنا والنهار معاشا كما ذكر في القرآن ” وجعلنا الليل لباسا. وجعلنا النهار معاشا “، وهذا النظام له دورة ثابتة مدتها 24 ساعة، وهي ما نطلق عليه الساعة البيولوجية، ضبط الخالق طبيعة الإنسان على هذه الساعة الموجودة فى كل خلية من خلايا جسمه حتي تنسجم بأمر ربها مع وظيفة الإنسان بالنهار، والتى تختلف عن وظيفته بالليل، وكل عضو في جسم الانسان يعطي احسن ما في وظيفته في ساعة معينة.
مركز التحكم
اكتشف العلماء مجموعة من الخلايا اسفل وسط المخ اسمها ” النواة “، ويعتقد ان هذه المجموعة هي مركز التحكم في الساعه البيولوجية، تنقسم هذه النواه لنصفين، وكل جزء يتكون من 10 آلاف خلية عصبية، وكانت دراسة دراسة حديثة أشارت إلي أن المخ ليس العضو الوحيد فى الجسم الذى يحمل جينات هذه الساعة البيولوجية حيث تم اكتشافها فى خلايا أخرى من الجسم مثل خلايا الكلى وبعض أعضاء الجسم الأخرى. هذه الجينات تقوم بإفراز بعض البروتينات بالليل عندما يحل الظلام، وتنخفض نسبتها بالنهار أوعند التعرض للضوء، والعكس صحيح بالنسبة للبعض الآخر، كما تم إثبات هذه الحقيقة فى ذبابة الفاكهة والفئران، والإنسان لا يختلف عن المثالين السابقين من حيث التركيب الجينى للساعة البيولوجية فى جسمه. وتقوم الساعة البيولوجية بتنظيم وظائف الجسم المختلفة ، علي سبيل المثال النوم واليقظة والتمثيل الغذائي والسلوك وانقسام الخلايا وانتاج الهرمونات ودرجة حرارة الجسم والتوازن في مستويات ونسب السوائل في الجسم ووظائف الجسم أخرى مثل الشعور بالجوع.
جينات وبروتينات
توجد في جسم الانسان اوالثدييات عامة جينات مسئولة عن الساعة البيولوجية، حيث تقوم بتشغيلها وتوقيفها بروتينات تأمر بها هذه الجينات. وترتكز معرفتنا بتفاصيل هذه الجينات التى تنتج البروتينات المتحكمة فيها علي مجهودات العلماء الفائزين بجائزة نوبل في الفسيولوجيا والطب لهذا العام، والذين كانوا يدرسون ذبابة الفاكهة، حيث اكتشفوا كيفية عمل الساعة البيولوجية. تمكن هذا الفريق المكون من جيفري هال ومايكل روسباخ اللذين كانا يعملان بتعاونٍ وثيقٍ في جامعة برانديزز في بوسطن، ومايكل يونغ في جامعة روكفلر في نيويورك في عام 1984 من عزلِ جين (Period) بنجاح. وبعدها تمكن جيفري هال ومايكل روسباخ من اكتشاف أن بروتين (PER)، وهو البروتين المشفر بواسطة جين (Period)، يتراكم بداخل الخلايا أثناء الليل ويتحلل أثناء النهار. وهكذا، توصلوا إلى أن مستويات بروتين (PER) تتذبذب وتتغير على مدار دورة الأربعة وعشرين ساعة، التي تمثل دورة الأرض، في تزامن مع إيقاع الساعة البيولوجية في داخلنا.
يسهم هذا الاكتشاف المهم في إمكانية أن نتحكم فى تنظيم الساعة البيولوجية، وهو ما يعني إمكانية التوصل إلى تصنيع أدوية تؤدى نفس المهمة، والتى يمكن أن توجد علاجا لكثير من الأمراض التى تنتج بسبب خلل فى أداء الساعة البيولوجية مثل الأرق، واضطراب النوم، والاكتئاب الموسمى، والشيخوخة، وغيرها من الأمراض التى تؤرق الإنسان.