“إن القوة لم تكن عاملا في انتشار القرآن. فإذا حدث أن اعتنق بعض الأقوام النصرانية الإسلام واتخذوا العربية لغة لهم فذلك لما رأوه من عدل العرب الغالبين مما لم يروا مثله من سادتهم السابقين، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي لم يعرفوها من قبل”. أقر بهذه الحقيقة المؤرخ والفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه القيم (حضارة العرب ) ، ويعد بمثابة أقوى رد على المزاعم التي يروجها الأعداء عن الإسلام والعرب والمسلمين .
أجمع أكثر من مفكر على أن المؤرخ لوبون “كتب عن العرب، أفضل مما يكتبوا عن أنفسهم “. ومع ذلك تأخر العرب طويلا في ترجمة ما يكتبه عنهم . فكتابه ( حضارة العرب ) الذي يعد وثيقة علمية تنصف بالعرب وتبرز مساهماتهم الواسعة في الحضارة الانسانية تأخرت ترجمته اكثر من 100 عام. فالكتاب صدر باللغة الفرنسية الكتاب عام 1884، وصدر عام 2000 باللغة العربية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب،اي بعد صدوره بـ 116 عاما.
وعلينا أن نتوقف طويلا عند قول غوستاف : ” “كلما أمعنا في دراسة حضارة العرب والمسلمين وكتبهم العلمية واختراعاتهم وفنونهم ظهرت لنا حقائق جديدة وآفاق واسعة، ولسرعان ما رأيتهم أصحاب الفضل في معرفة القرون الوسطى لعلوم الأقدمين، وإن جامعات الغرب لم تعرف لها مدة خمسة قرون مـوردا علميا سوى مؤلفاتهم، وإنهم هم الذين مدَّنُوا أوربا مادة وعقلا وأخلاقا، وإن التاريخ لم يعرف أمة أنتجت ما أنتجوه في وقت قصير، وأنه لم يفقهم قوم في الابتداع الفني “.
توجد كثير من الكتابات المنصفة للعرب والاسلام والمسلمين في مقدمتها كتابات جوستاف لوبون ، وكتابات الكاتب والمفكر النمساوي اليهودي الاصل ليوبولد فايس الذي أعلن إسلامه بعد دراسة مستفيضة عن الإسلام وحمل اسم محمد أسد وهو صاحب مقولة :” شاهدت في الإسلام من الجمال ما يجعلني أغضب عندما أرى أتباعه يضيّعونه”. وهو صاحب الكتاب القيم ( الإسلام في مفترق الطرق ) والذي قال في مقدمته : ” ولا يزال الإسلام بالرغم من جميع العقبات التي خلّفها تأخر المسلمين أعظم قوة ناهضة بالهمم عرفها البشر ، لذلك تجمّعت رغباتي حول مسألة بعثه من جديد”. وحدد أسد في كتابه منهج لنهضة المسلمين من جديد بقولة :” يجب علينا أن ننفض عن أنفسنا روح الاعتذار الذي هو اسم آخر للانهزام العقلي فينا ، وبدلاً من أن نُخضع الإسلام باستخذاء للمقاييس العقلية الغربية ، يجب أن ننظر إلى الإسلام على أنه المقياس الذي نحكم به على العالم أما الخطوة الثانية فهي أن نعمل بسنة نبينا على وعي وعزيمة “.
وكتابات المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه صاحب كتابة (شمس الله تسطع على الغرب)، والتي قالت فيه : “إن هذه القفزة السريعة المدهشة في سلم الحضارة التي قفزها أبناء الصحراء ، جديرة بالاعتبار في تاريخ الفكر الإنساني… وإن انتصاراتهم العلمية المتلاحقة التي جعلت منهم سادة للشعوب المتحضرة لفريدة من نوعها”.
يجب علينا ان نعيد طبع كتب المفكرين والمؤرخين الأجانب الذين انصفونا ونعكف على دراستها ونعقد من أجلها الندوات والمؤتمرات لعله يساهم في إثارة نخوتنا لنعود لركب صناع الحضارة من جديد.