التحقت بالعمل في جريدة الجمهورية اواخر عام 1980 وكانت ثالث ثلاثة للصحف القومية في ذلك الوقت. وقد سجلت هذه الثلاثية الصحفية السينما المصرية في افلام كثيرة أشهرها فيلم (بياعة الجرايد) إنتاج العام 1963 من إخراج حسن الإمام ، من بطولة ماجدة وليلى فوزي ونعيمة عاكف ويوسف شعبان ويوسف فخر الدين. ونتذكر جميعا صوت ماجدة الصباحي وهي تنادي على بضاعتها ” اخبار اهرام جمهورية”، كما تجسدت تلك الثلاثية في نداءات الالاف من بائعي الصحف الذين كانوا يتجولون في الشوارع وعلى محطات القطارات والأتوبيسات كل صباح.
والذي يسعدني الى اليوم أنني التحقت بثالث أشهر صحيفة على مستوى مصر والعالم العربي دون وساطة أحد حيث كانت هناك مساحة واسعة من فرص التوظيف في ذلك الوقت متاحة لأصحاب الكفاءات . حيث اتيحت فرصة العمل لي خلال نصف ساعة فقط ، فقد توجهت في ذلك اليوم الذي لا أنساه ألى مبنى الجريدة في شارع زكريا أحمد بوسط القاهرة ، ولفت نظري لدى وصولي قسم الاستقبال جدية العاملين والبشر الذي يبدو على وجوههم . فمجرد الاستفسارعن تواجد الاستاذه أميمة أبوالنصر رئيسة قسم الشئون الدولية المعروف باسم ( قسم الترجمة ) أخبرني الموظف بوجودها وأستأذنها بصعودي وخلال دقائق كنت أمام سيدة محترمة وجادة لأسالها عن فرصة عمل بالقسم فأجابت تعرف الانجليزية ، فقلت بزهو نعم لاني خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. فإعطني خبر من التيكرز وقالت لي ترجمه ، وخلال 15 دقيقة تقريبا أعدته اليها لتراجعه وعلى وجهها علامات البشر ، وقالت مستواك يصلح للتدريب ، وخرجت لتعود بعد دقائق لتزف لى بشرى ـن رئيس التحرير في ذلك الوقت استاذنا الراحل محسن محمد وافق على تدريبك . وهنا سألتها باستغراب تدريب كنت أتوقع التعيين، فأجابت بكلمات صارمة لا تزال محفورة في ذاكرتي :” عارف لو استاذ جامعة في اللغة الانجليزية جاء يشتغل معي بالقسم قمت بتدريبه وقد لا يصلح للاستمرار بعد التدريب ” .
أدركت بعد انخراطي في العمل أهمية التدريب بالنسبة لمهنة الصحافة، وتأكدت ان الشاب حتى ولو كان خريج إعلام يحتاج لفترة تدريب قد تمتد لسنوات حتى يمتلك أدوات المهنة ويصبح صحفيا محترفا. وحتى لو اصبح الصحفي محترفا عليه ان يصقل نفسه باستمرار بالاطلاع الاسفار ومتابعة كل جديد في عالم الصحافة .
وأدركت أيضا الدور التي كانت تقوم به الجمهورية وكل اصدراتها في تدريب شباب الصحفيين حيث كانت تتيح التدريب دون وساطة لشباب الخريجيين من كلية الاعلام وأقسام الإعلام من الجامعات الاقليمية . وعلمت فيما بعد من بعض الزملاء انهم تدربوا عمليا بالجمهورية خلال السنوات الاخيرة من دراستهم بالاعلام ليتم تعيينهم فور تخرجهم . ومع استمراري في العمل حتى الان وهي فترة تقترب من 40 عاما استطيع ان اقول وبكل فخر أن الجمهورية كانت بمثابة ” معمل تفريخ شباب الصحفيين ” الذين كانت تدربهم ثم ينتقلون للعمل في الاهرام أو الاخبار ، أو للعمل في الصحف الخليجية .
وكنت شاهدا طوال هذه الفترة على الدور الذي تقوم به الجمهورية بالاشتراك مع شقيقاتها الأهرام والاخبار وبقية المؤسسات الصحفية القومية في الدفاع عن مصالح الدولة المصرية العليا . قد يتراجع هذا الدور احيانا فترات قليلة لاسباب لا دخل للمؤسسات بها، ولكنها تظل مع بقية المؤسسات الاعلامية القومية الحصن المنيع للامن القومي.
ونحن نحتفل اليوم بعيد الجمهورية الـ 66 يتزايد تمسكنا بهذا الصرح العملاق وضرورة الحفاظ عليه مع بقية المؤسسات الصحفية القومية.