في عام 1968 كلف الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون ، أكبر مستشاريه في السياسة الخارجية روبرت كرين بتلخيص ملف كامل وعدد كبير من التقارير والبحوث عن الأصولية الاسلامية ، كان طلبها من المخابرات الأمريكية ، ولا يسمح وقت الرئيس بقراءتها كاملة.
وكما نعلم جميعا كيف تكتب كل أجهزة التخابر الأمريكية وعددها 16 جهازا بحسب تصنيف صحيفة “لوس أنغلوس تايمز”، ونعلم أيضا كيف تتصرف بعداء مع الإسلام والمسلمين، ولكن ماحدث شئ آخر لم يكن متوقعا على الإطلاق . فبحسب موسوعة ويكيبديا “ترك التقرير تأثيرا حسنا عند روبرت كرين وقرعت معلوماته شغاف قلبه” ، رغم أن التقرير مكتوب بأيدي المخابرات الأمريكية وليس بأيد إسلامية .
ويقول الدكتور راغب السرجاني في دراسة له نشرت على موقعه الإلكتروني ، أنه في عام 1980، شارك كرين في عدة ندوات ومؤتمرات دارت حول الإسلام، والتقى خلالها بعدد كبير من العلماء قادة الفكر الإسلامي ، وبعد مناقشات معهم وخاصة مع المفكر الفرنسي روجيه جارودي والمفكر السوداني حسن الترابي ، أدرك أن الإسلام هو الحل الوحيد للعديد من المشاكل والأزمات التي تواجهها البشرية،لأنه يحمل العدالة في مقاصد الشريعة وفي الكليات والجزئيات والضروريات. وتأكد كرين كأستاذ للقانون أن هذه المبادئ والمثل العليا التي وجدها في الإسلام ليست من وضع البشر ومن هنا شرح الله صدره للإسلام، وعلى الفور أعلن إسلامه، واختار لنفسه اسم الدكتور فاروق عبد الحق.
ويعد دخول السياسي والمفكر والقانوني روبرت كرين في الاسلام مكسبا كبيرا لأنه شخصية لها ثقلها على الصعيدين العلمي والعملي على الصعيدين الأمريكي والعالمي . فقد حصل على الماجستير في الأنظمة القانونية من جامعة هارفارد، ثم حصل على دكتوراه في القانون العام، ودكتوراه في القانون الدولي، وأسس صحيفة هارفارد للقانون الدولي، وتولى رئاسة جمعية هارفارد للقانون الدولي، وعمل لمدة عشر سنوات في المراكز الاستشارية لصناع السياسية الأميركية، وشارك في تأسيس مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية. كما أسس مركز الحضارة والتجديد، وهو يتقن 6 لغات. ونظرا لخبراته الواسعة شارك في صنع السياسة الخارجية والداخلية الأمريكية ، فكان أكبر مستشاري الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون في السياسة الخارجية, وفي عام 1969م عينه نيكسون نائباً لمدير مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض, وفي عام 1981م عينه رونالد ريجان سفيراً للولايات المتحدة الإمارات .
ومنذ إسلامه أخذ كرين على عاتقه مهمة تصحيح مفاهيم الاسلام لدى المسلمين في الغرب ، وتصحيح صورة الاسلام المغلوطة لدى غير المسلمين . وطرح رؤيته بوضوح في مشاركتة الفاعلة في المؤتمر الرابع والعشرين للاتحاد الإسلامي في أميركا الشمالية الذي عقد في مدينة انديانا الأمريكية عام 1986، وفي هذا المؤتمر وجه د. عبد الحق نقدا شديدا للغرب ا لنظرته المنحازة والقاصرة تجاه الإسلام، فانه لا ينسى توجيه اللوم إلى بعض المسلمين في الشرق أو الغرب ممن لا يفهمون ويطبقون التعاليم الإسلامية, فقال : ” من الصعب أن يتفهم الغربيين حقيقة الإسلام لأن الكثير من المسلمين الذين يعيشون في الغرب وفي الشرق لا يعيشون حسب تعاليم الإسلام “.
كما كرس د. فاروق عبد الحق ( روبرت كرين ) جل وقته لنشر الدين باعتباره المنقذ للبشرية من حالة الصراع التي تعيشها ونقل خالد فائق العبيدي في كتابه القيم (القوانين القرآنية للحضارات – دراسة قرآنية لأحداث التاريخ) صفحة 240عن د. فاروق قوله :” لا يمكن حجب الإسلام بعد اليوم ، فقد أنشأت الحضارة الإسلامية الأسلوب العلمي كطريقة للتفكير ولإلتماس الحقيقة ، ولقد استعار الغرب منها ما رآه ينقصه دون العامل الروح وهنا يكمن الخطأ”. وضرب د. فاروق مثلا عمله بقوله أنه ألقى محاضرة هن الإسلام في جامعة جورج تان الأمريكية حضرها 21 طالبا ، كان من نتيجتها أن أعلن 7 طلاب اسلامهم، وقال الباقون أنها أحسن محاضرة.
بارك الله في عمر الدكتور فاروق عبد الحق فقد بلغ من العمر 90 عاما ولا يزال يواصل عطائه.