“لو أنصف عقلاء ومفكرو الغرب ، ودرسوا الإسلام دون أفكار مسبقة عنه، لوجدوا أنه دين الإنسانية كلها ، يدعو إلى مكارم الأخلاق ويحث على كل الفضائل. هذا هو جوهر الإسلام الذي جذبتني مبادئه ، وهو منهج رباني أوحاه الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولم يتطرق إليه التحريف “. صاحب هذه الشهادة هو السفير الايطالي توركواتو كارديلي، وهي شهادة حق لانها صادرة من دبلوماسي محنك اشتغل في الدبلوماسية الإيطالية حوالي 33 عاما خدم خلالها في 4 بلدان عربية هي: السودان وسوريا والعراق وليبيا، ودولتين اسلاميتين هما ألبانيا وتنزانيا، قبل تعيينه سفيرا لإيطاليا في السعودية في اكتوبرعام 2000
وأيضا هي شهادة حقه لأنها صدرت بعد دراسة متعمقة للدين الاسلامي وخاصة تفسير القرآن الكريم والحديث والشريف. وساعده على ذلك دراسته العلمية وتجاربه العملية، فقد تخرج كارديلي في قسم الثقافة واللغات الشرقية بجامعة نابولي الإيطالية، كما أنه أمضى شطرا كبيرا من حياته الدبلوماسية في دول العالم الاسلامي.
لذلك جاء إعتناق السفير كارديلي الاسلام عن اقتناع تام مما أهله لمواجهة الصعاب التي كان يتوقعها وفي مقدمتها فقدان منصبه الدبلوماسي الكبير. وتشير المعلومات الموثقة رسميا أن كارديلي نطق بالشهادتين رسميا ليلة ثبوت رؤية هلال شهر رمضان المعظم بالسعودية عام 1422 هجرية الموافق 16 نوفمبر 2001، وكان يبلغ من العمر 59 عاما حيث انه مولود 24 نوفمبرعام 1942.
وبالفعل حدثت المتاعب التي توقعها كارديلي فقد تسبب إعلان إسلامه صدمة في إيطاليا قلعة الكاثوليكية في العالم ، خاصة وأنه جاء بعد حوالي شهرين من تصريحات لرئيس الوزراء الايطالي في ذلك الوقت سيلفيو بيرلسكوني قال فيها “أن الحضارة الغربية تتفوق على الاسلام” والتي أثارت غضبا واسعا في العالم الاسلامي. كما جاء إعلان كارديلي الاسلام بعد حوالي شهرين من احداث 11 سبتمبرعام 2001 في نيويورك وتصاعد الهجمة الغربية على الاسلام والمسلمين بقيادة أمريكا.
وقامت الخارجية الايطالية باستدعائه في اليوم الثاني مباشرة من بث نبأ إسلامه للتشاور في موقفه. وعندما اتضح انه اتخذ قرار باقتناع تام عاد الى عمله في الرياض.
وفي إسلام السفير كارديلي، الذي قرر الاحتفاظ باسمه ، عدة دروس أهمها انتقاده لدراسات وكتب وأفكار المفكرين الغربيين المغرضة والمسيئة للدين الاسلامي، واستمراره في الدفاع عن الجوهر الحقيقي لهذا الدين . ومن هنا وجب على المؤسسات الاسلامية المختصة أن تضطلع بمهمة الرد عمليا على هذه الافكار المسيئة ونشر حقيقة الاسلام بترجمة أمهات الكتب الاسلامية الى كل اللغات. وتنظيم الندوات والمؤتمرات الاسلامية ودعوة المفكرين المسيئين لمناقشهم والعمل على تصحيح أفكارهم.
ودرس آخر مهم وهو قوة عزيمة كارديلي التي يفتقدها الكثير من المسلمين حاليا ، حيث أعلن اسلامه في ظل تحديات كبرى يمر بها العالم ويعلمها هو جيدا. وأيضا قبوله الابتلاء بإمكانية فقد منصبه الدبلوماسي الكبير مع تمسكه بإسلامه ، في الوقت الذي يتخلى فيه الكثير من المسلمين عن مبادئ دينهم للحصول على منافع دنيوية أو إتقاء مضار .
والدرس الأهم أنه يدعو المسلمين للعودة الى دينهم والتمسك بمبادئه الصحيحه لأنه المخرج الوحيد للخروج من أزماتهم ونهضتهم والعودة لدور الريادة العالمية من جديد فيقول : ” الإسلام منهج رباني لم يتطرق إليه التحريف ، ومشكلة الشعوب الاسلامية أنها لا تقدر هذا المنهج الإلهي الذي بين أيديهم ، ولو أنهم طبقوه كما طبقه أسلافهم لاستعادوا حضارتهم ، ورجعت إليهم شوكتهم ، ولاستردوا ماضيهم الذي سادوا به العالم كله “.