أكتوبر 1929م، كان شهرا مشهودا في تاريخ المرأة المصرية ، ففي هذا الشهر من هذا العام وقع حادث فريد يتمثل في التحاق أول أربع فتيات مصريات بكلية طب القصر العيني. وجاء ذلك بعد 6 اشهر فقط من تولي الدكتور على باشا ابراهيم عميدا للكلية في 30 إبريل عام 1929 ليكون أول عميد مصري منذ انضمامها الى جامعة فؤاد الأول عام 1927 واستمر عميدا لها 12 عاما ، ثم توالى على رئاستها حتى الان 25 عميدا كلهم مصريين ، وكان شاهدا على تخريج أول دفعة طبيبات في كلية طب قصر العيني سنة 1934م.وحرص خلال فترة عمادته للكلية على تطوير وتوسعة مستشفى القصر العيني. فمن المعروف أن مدرسة طب القصر العيني تأسست عام 1827 وتوالى على رئاستها 22 مديرا على مدى 100 عام منهم 6 مصريين فقط، قبل ان تتحول الى كلية عام 1927.
جاء في دراسة نشرتها مجلة ( ذاكرة مصر ) عدد يوليو 2014 أن علي باشا إبراهيم قضى سنوات طويلة عمل فيها على تمصير الطب في مصر، والتأكيد على قدرة الطبيب المصري إذا أتيحت له الإمكانات اللازمة والظروف المواتية في التفوق على نظيره الأجنبي.
وكانت بداية إنصاف الأطباء المصريين قيام الدكتور على ابراهيم بعملية جراحية ناجحة للسلطان حسين كامل( الذي حكم مصر خلال الفترة من 1914 حتى 1917 ) شُفي على أثرها. فكافأه السلطان وأنعم عليه بلقب جراح استشاري الحضرة العلية السلطانية. فذاع صيت علي إبراهيم وانتشر خبر نجاحه في علاج السلطان بعد أن عجز الأطباء الأجانب عن معالجته، وزاد الاقبال على عيادته الخاصة التي افتتحها بالشراكة مع صديقه الدكتور عبد المجيد محمود في شارع الصنافيري في حي عابدين.
والخطوة الأخرى الهامة في تمصير الطب تمثلت في تمكن الدكتورعلى ابراهيم عندما كان يعمل في قسم الأوبئة في مصلحة الطب العمومية في تشخيص بعض الأمراض التي أصابت الريف المصري وحار فيها الأطباء الأجانب، ومنها: تشخيص وباء الكوليرا الآسيوية، ووباء الجمرة الخبيثة.
أما الخطوة الأهم في النهضة الطبية في مصر والمنطقة العربية تمثلت في تأسيس الجمعية الطبية المصرية في 16 يناير سنة 1920م حينما اجتمع 42 طبيبًا في عيادته الخاصة، واتفقوا على إنشاء الجمعية وانتخب الدكتور عيسى حمدي باشا ئيسًا لها .وقد استمرت عيادة الصنافيري مقرًّا للجمعية أكثر من 20 عاما، إلى أن تم الانتقال إلى مقر الجمعية الدائم بدار الحكمة. وقبلها بـ 3 سنوات قام بخطورة رائدة لرفع المستوى الفكري للأطباء بإصدار المجلة الطبية المصرية عام 1917م. واسس نقابة أطباء مصر عام 1940 وكان اول نقيب للاطباء. وتولى الوزارة لمدة عام واحد وخرج منها عام 1941 ليعين رئيسا لجامعة فؤاد الأول.
وساهم الدكتورعلى ابراهيم في وضع أسس صحيحة لممارسة مهنة الطب في مصر واقرار حقوق الأطباء المصريين في سعيه لإصدار القانون الخاص بمزاولة مهنة الطب في مصر، وكان هناك مشروع قانون قدمه المستر جودمان، كان شديد الإجحاف بحقوق المصريين، فقام بمساعي كبيرة حتى تمكن من إقناع المسئولين بوقفه . وبعد فترة ساهم في صياغة قانون جديد تم إقراره والعمل به، ويرى الخبراء أن هذا القانون من أفضل حسنات مصلحة الصحة في ذلك الوقت.
ولد علي إبراهيم في الإسكندرية في 10 أكتوبر 1880، وينحدر من اسرة ريفية من إحدى قرى مدينة مطوبس بمحافظة كفر الشيخ.
. وتخرج من كلية طب القصر العيني عام 1901وكان الاول على دفعته التي ضمت 12 طالبا، وكان من امهر الجراحين في زمانه وهو اول مصري يحصل على زمالة كلية الجراحين الملكية بريطانيا. وتوفى 28 يناير 1947عن عمر يناهز 67 عاما قضاها في خدمة مصر والمصريين.