تمثل التنمية الزراعية مختلف البرامج والسياسات الاقتصادية، التي تعمل على النهوض بالقطاع الزراعي وتطويره، بهدف زيادة الإنتاج والإنتاجية، وأن التنمية الزراعية هي جزء من التنمية الاقتصادية، وان وسائل التنمية الاقتصادية هي نفس الوسائل المستخدمة في التنمية الزراعية، فقط تختلف باختلاف القطاع ومتطلباته الإنتاجية. وأن التنمية الزراعية المستدامة، هي عبارة عن التنمية الزراعية، التي تعمل على توفير مختلف المنتوجات الزراعية، التي تعمل على سد حاجيات أفراد المجتمع وإشباعها في الحاضر، مع المحافظة على مختلف الموارد الطبيعية،
التي تستغل في العملية الإنتاجية، بهدف استغلالها من طرف الأجيال القادمة دون نضوبها أو على الأقل عدم الإسراف في استغلالها، حتى تتمكن هذه الأجيال من الحصول على المنتوجات الزراعية، التي تعمل على سد حاجياتها أيضا من السلع الغذائية الضرورية. تهدف استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة نحو عام 2030 إلى تقييم الإنجازات الزراعية،
تمثل مشكلة البحث في الإجابة على السؤال التالي: هل إستراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030″ تلبي احتياجات ومتطلبات التنمية الزراعية المستدامة بيئياً؟ خاصة في تحقيق الرفاهية الاقتصادية للأفراد، واعتمد البحث في تحقيق أهدافه على أسلوب التحليل الوصفي والكمي، والعرض الجدولي والبياني، والنسب المئوية، والمتوسطات الحسابية والهندسية، ومعدلات النمو، بالإضافة إلى الانحدار المتعدد في الصورة اللوغاريتمية المزدوجة باستخدام بيانات سنوية تغطي الفترة 2000-2014، للوصول إلى أهم محددات الرفاهية الشخصية في مصر، والأضرار الناتجة عن التعديات على الأراضي الزراعية والفاقد في المياه الموجهة للزراعة، وانبعاثات غاز ثاني أكسد الكربون وذلك للوقوف على وضع التنمية المستدامة بيئياً في مصر.
وتوصل البحث إلى عدد من النتائج منها: فيما بتعلق بالرفاهية الشخصية البيئية: تم تقدير العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية كمتغير تابع، وكل من عدد السكان الحاصلين على مصدر محسن لمياه الشرب، أضرار انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بالأسعار الحقيقية كمتغيرات مستقلة، واتضح وجود علاقة طردية معنوية إحصائياً بين الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية وعدد السكان الحاصلين على مصدر محسن لمياه الشرب، ووجود علاقة عكسية معنوية إحصائياً بين الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية وأضرار انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بالأسعار الحقيقية،
مما يشير إلى بُعد السياسات المصرية الزراعية عن الاهتمام بالمعايير والأهداف البيئية لتحقيق تنمية زراعية مستدامة بيئياً، وهو ما يفسر مع ترتيب مصر وفقا لمؤشر التلوث العالمي حيث تحتل مصر المرتبة الأولى كأعلى الدول من حيث التلوث عام 2016.
وفيما يتعلق بالاستدامة البيئية: تم تقدير العلاقة بين أضرار انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بالأسعار الحقيقية كمتغير تابع، وكل من الناتج الزراعي الإجمالي، قيمة الوقود النفطي المستخدم في القطاع الزراعي بالأسعار الحقيقية، وعدد السكان المصريين كمتغيرات مستقلة، واتضح وجود علاقة موجبة معنوية إحصائياً بين المتغيرات المستقلة الثلاثة والمتغير التابع. وتجدر الإشارة إلى أن العلاقة الموجبة بين أضرار انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والناتج الزراعي الإجمالي تُعزى إلى الإسراف في استخدام مستلزمات إنتاج ملوثة للبيئة كالوقود والأسمدة الكيماوية والمبيدات وغيرها، والتي ينتج عنها زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وتحديد الدروس المستفادة، ووضع رؤية للقطاع ومهمته. وهي تقوم على الركائز الخمس التالية: توسيع مشاركة أصحاب المصلحة في إعداد الاستراتيجية؛
واعتماد نهج شامل في إعداد الاستراتيجية؛ وإجراء تحليل موضوعي؛ وتحديد آليات التنفيذ بعناية؛ وتحديد أدوار القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني على نحو موضوعي. إن الدولة أعدت استراتيجية عامة للدولة في عام 2017 وهي استراتيجية 2030 لمواجهة المتغيرات في مختلف القطاعات لافتا إلى أن قطاع الزراعة باعتباره أحد القطاعات الزراعية الرائدة فقد تم إعداد استراتيجية التنمية الزراعية 2030 في ديسمبر 2020 .
تلعب التنمية الزراعية دورا مهما في اقتصاديات البلدان العربية، حيث تقوم بتوفير الأمن الغذائي من خلال التنمية المستدامة، حيث ترتبط هذه الأخيرة بزيادة الانتاج و تحسينه كما و نوعا، كما تقابل هذه الزيادة الزيادة السكانية و توجيه الفائض للتصدير إن وجد، و أيضا مجابهة المنافسة العالمية. لهذا أصبح من الضروري استخدام التنمية الزراعية المستدامة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، و اعتماد سياسات زراعية مفادها رفع الانتاج و توفير الغذاء و بذلك تحقيق الاكتفاء الذاتي.
أن القطاع الزراعى يعد أهم القطاعات الاقتصادية فى المقتصد القومى المصرى من حيث عدد السكان المرتبطين به والذين يمثلون أكثر من ٪40 من إجمالى السكان، فضلاً عن مساهمته بأكبر نصيب فى تشغيل القوى العاملة بنحو 7 ملايين عامل بنسبة ٪30، ويضاف إلى ذلك مساهمته فى كل من الناتج المحلى البالغ 2.3 تريليون جنيها بنسبة ٪14 والصادرات البالغ قيمتها 20.8 مليار جنيه بنسبة ٪20 من إجمالى الصادرات، علاوة على توفير ٪36 من إجمالى الاحتياجات الغذائية لأكثر من من 62 مليون نسمة.
يواجه الاستثمار فى الزراعة المصرية بقطاعيها فى الأراضى القديمة والأراضى الجديد العديد من المعوقات، فمن حيث حجم الاستثمار الزراعى نجد أنه خلال الخطط الخمسية الأربع السابقة والتى تم تنفيذها لم يتجاوز نسبة هذه الاستثمارات ٪5.6 من إجمالى الاستثمارات فى الخطة الأولى ونحو 8 فى الخطة الثانية ونحو٪13.2 فى الخطة الثالثة ثم تناقصت إلى ٪7.2 فى الخطة الخمسية الرابعة، أما فى الخطة الخمسية الخامسة والتى بدأت 2007/2008 فقُدر حجم الاستثمار الزراعى فى عامها الأول بنحو 8.5 مليار جنيه بنسبة ٪4.7 من إجمالى الاستثمارات يساهم بها القطاع الخاص بنحو 5.9 مليار جنيه وتساهم الاستثمارات الحكومية بنحو 2.6 مليار جنيه،وتمثل الاستثمارات الموجهة لاستصلاح الأراضى والبنية الأساسية الثانوية «الاستصلاح الداخلى» النصيب الأكبر من الاستثمارات الخاصة بنسبة٪29.2 ويحصل نشاط استزراع الأراضى على ٪20.9،
أما الإنتاج الحيوانى «الداجنى» والميكنة الزراعية والثروة السمكية فتحصل على ٪22، ٪6.6، ٪1 على الترتيب، وفى العام الثانى من الخطة الخمسية الخامسة تم تخصيص 800 مليون جنيه لقطاع الزراعة بنسبة٪2.2 من إجمالى الاستثمارات العامة للدولة البالغة 36 مليار جنيه.
ويتسم البناء المؤسسي لوزارة الزراعة بدرجة عالية من التعقيد والتشابك، حيث تضم وحدات ذات طبيعة تخطيطية وأخرى ذات طبيعة إنتاجية وثالثة ذات طبيعة خدمية كذلك هناك تدخل شديد من قبل وزارة الزراعة ممثلة فى الإدارة المركزية للتعاون فى التعاونيات من ناحية أخرى، وهناك العديد من القوانين والتشريعات الحاكمة للقطاع والمعمول بها حالياً هى ذاتها التى تم إصدارها فى حقبة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، ولم تعد من ثم صالحة للتعامل مع المتغيرات المحلية والدولية فى ظل التغيرات الاقتصادية والسياسية التى حدثت بالبلاد.
وهناك مجموعة من الآليات التى تساهم فى تحقيق استراتيجية التنمية المستدامة التى يمكن تلخيصها فى التوسع الأفقي وترشيد استخدام مياه الرى فى الزراعة وكذلك حماية الأراضى الزراعية والحفاظ عليها وصيانتها وتحسينها، وقد يتطلب الأمر إعادة أمر الحاكم العسكرى وسن تشريعات جدبدة لمنع التعدى على الأراضي بالبناء، وكذلك التوسع الرأسى أى زيادة إنتاجية الوحدة من الأرض والمياه والعمل ورأس المال من خلال استمرار مركز البحوث الرزاعية ومحطاته فى استنباط الاصناف العالية الجودة، هذا إلى جانب تحفيز الزراع من خلال برنامج للدعم المشروط على تنظيم الدورة الزراعية وتفعيل برامج الارشاد الزراعى،
بالإضافة إلى آلية توفير مستلزمات الإنتاج الزراعى للمزراعين وبأسعار مناسبة، فضلاً عن تحقيق التراكيب المحصولية المثلى التأشيرية وتحسين نسب الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الغذائية الاستيراتيجية كالقمح والسكر والزيوت النباتية والفول البلدى والبروتين الحيوانى وتطوير قطيع الماشية والأغنام وزيادة إنتاجية لحوم الدواجن والبيض وكذلك تنمية الثروة السمكية وتدعيم المؤسسات الزراعية والتوسع فى التصنيع الزراعى والغذائى وتنمية الصادرات الزراعية وتكثيف الاستثمارات الزراعية بالإضافة إلى دعم برامج التعاون الزراعى بين مصر والدول العربية والإفريقية.
01277691834