يشهد العالم اليوم تطورًا متسارعًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI)، حيث أضحي يشكل ركيزة أساسية في تحسين الأداء بمختلف القطاعات، ومن بين هذه القطاعات قطاع التعليم، الذي يعد مجالًا رئيسيًا لاستخدام أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لما تقدمه من إمكانات هائلة تعمل على تحقيق أهداف التعلم بصورة وظيفية.
ويهدف استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم العمل على إعداد الأفراد لعالم الفضاء المفتوح، لما له من إسهامات في جعل الأفراد أكثر تأقلمًا مع المتغيرات التقنية السريعة، ويساعد على تدريبهم ليصبحوا عاملين يمتلكون المهارة والكفاءة، ومواطنين مسؤولين وقادرين على توظيف هذه التقنيات بفعالية.
وتتيح تطبيقات الذكاء الاصطناعي استخدام وتوظيف العديد من أدوات وأساليب تقنية متقدمة تساعد في جودة التعليم وإتاحته للجميع، ويُتيح التطوير المستمر للمناهج والتقنيات التعليمية، مما يضمن تنمية المهارات والمعارف والقدرات بما يتماشى مع مقومات ومتطلبات المستقبل.
وملامح المستقبل تؤكد أنه سيزداد التركيز على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة ومواجهة التحديات العالمية، مما يجعله أداة حيوية للنمو الاقتصادي والاجتماعي، ومع استمرار الابتكار التكنولوجي، ستصبح تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من جميع قطاعات الاقتصاد، مما يساهم في تعزيز الكفاءة والنمو والتقدم البشري وتحقيق الاستدامة.
ويعد الذكاء الاصطناعي (AI) من أكثر التقنيات تأثيرًا في قطاع التعليم، حيث يفتح آفاقًا جديدة لتحسين أساليب التعليم والتعلم لجعله أكثر تشويقًا وفعالية بفضل قدراته المتقدمة على تحليل البيانات وتخصيص محتوى، تجربة أكثر تفاعلية للطلاب والمعلمين على حد سواء، مما يجعله حجر الزاوية والقوة الدافعة لمستقبل التعليم.
ويوفر الذكاء الاصطناعي بيئة تعليمية متطورة وشاملة تلبي احتياجات العصر الرقمي، ورغم التحديات المرتبطة بتطبيقاته، فإن الاستثمار في هذه التقنيات سيؤدي إلى تحسين جودة التعليم، وزيادة الفرص التعليمية، وإعداد أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل بثقة وابتكار، مع التركيز على تطوير مهارات القرن الحادي والعشرين وخاصة التفكير النقدي، والإبداعي، والتعاون باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ودعم التعلم المستمر من خلال منصات تعليمية ذكية تواكب الاحتياجات المتغيرة للأفراد.
وقد أضحي استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم خطوة استراتيجية لتحسين وتطوير العملية التعليمية بما يواكب متطلبات العصر؛ حيث يعمل على توفير أدوات تفاعلية وتحليل البيانات التعليمية، مما يسهم في بناء منظومة تعليمية شاملة ومتطورة تُجهز الأفراد لمستقبل يتسم بالابتكار والديمومة والتغير المستمر.
ومن المجالات المهمة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم، التعليم الشخصي (Personalized Learning) من خلال استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لفهم احتياجات كل طالب وتقديم محتوى تعليمي يتناسب معه ودعم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تصميم برامج تعليمية تلبي احتياجاتهم الفردية.
ومن منها أيضًا القيام بالتحليل التعليمي (Learning Analytics)؛ لتحليل البيانات التعليمية واكتشاف الأنماط التي تُساعد في تحسين أداء الطلاب، ومساعدة المعلمين في تتبع تقدم الطلاب واتخاذ قرارات مبنية على البيانات، والإفادة من التقييم الآلي؛ ولتصحيح الاختبارات وتقييم أداء الطلاب بدقة وسرعة، وتوفير ملاحظات فورية وشخصية لكل طالب لتحسين أدائه.
ويساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الطلاب لفهم نقاط قوتهم وضعفهم، وتوفر خطط تعليمية مخصصة تلائم احتياجات كل طالب، وتمكينهم من استكشاف المفاهيم المعقدة بطريقة بصرية تفاعلية وتقديم خرائط مفاهيمية وذهنية للفهم واستيعاب الموضوعات وإتاحتها للرجوع اليها وقتما نشاء، وهناك أيضًا التقييم الفوري وتحليل أداء الطلاب بشكل سريع ودقيق وتصحيح الاختبارات، ويتيح تقديم تغذية راجعة فورية لتحسين مستوى الأداء، مما يعزز من كفاءة التعلم وإعداد الطلاب للعمل، ودعم التعلم المستمر بإنشاء منصات تعليمية ذكية متعدة تواكب الاحتياجات المتغيرة للأفراد، كما يقدم المساعدة للمعلمين من خلال تخفيف الأعباء الإدارية عن المعلمين مثل إعداد الدروس وتصحيح الاختبارات، وتمكين المعلمين من التركيز على التفاعل الشخصي مع الطلاب.
ونؤكد أنه في ظل التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي الجديد، ووجود بيئات تعتمد على الأتمتة والتقنيات الرقمية، فإن التعليم الذي يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي والوسائل التكنولوجية الحديثة للجمع بين النظرية والتطبيقات العملية أصبح ضرورة حتمية لإعداد الأجيال للمستقبل الرقمي، وتمكينهم من المهارات الصلبة والناعمة وصولا للإبداع والابتكار وريادة الأعمال وتقديم الدعم للمعلمين بأدوات ذكية تمكنهم من التركيز على دورهم الأساسي في التوجيه والإرشاد مما يؤسس لبيئة تعليمية متكاملة تلبي احتياجات المستقبل المتغايرة.
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة – جامعة الأزهر