انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة البناء العشوائي في مدن و أرياف مصر، حيث أصبحت تشكل انتهاكا للقانون الأمر الذي أثر سلبا على البيئة العمرانية الجزائرية وحرمان حق المواطن في سكن صحي وجوار سكني تحُترم فيه حاجته ورغباته الصحية والاجتماعية والبيئية فقد احسنت الحكومة المصرية عندما تصدت بكل قوة وحزم خلال الأيام الماضية للتصدي لأعمال البناء المخالف والتحفظ على المعدات ومواد البناء، ومنع المخالفين من تجاوز حدود الارتفاعات وفرض هيبة الدولة وتطبيق القانون بكل حسم، فقد أنعش فيروس كورونا
أن حالات المخالفات دائمًا ما تكون في الأقاليم وفى محيط القاهرة الكبرى، مثل مناطق المرج والسلام والمنيب وفى محافظات ريفية، حيث يعتمد صاحب المخالفة على حيلة جديدة، وهى الاستعانة بطوب لبن قديم، ويقوم بعمل سور حول المبنى الجديد، وعمل محضر إحلال وتجديد، بدعوى أن هذا البناء كان “حظيرة مواشى”
وتم إحلالها وتجديدها، ولكن صمت الحكومة عليهم بالوقت الراهن لا يعتبر موافقة على المخالفة أو اعتراف بها، ولكن هو إرجاء لحين استقرار الأمور، وأظن أن الحكومة تكتفى حاليًا بحصر المخالفات للتخلص منها فور الانتهاء من فيروس “كورونا”.
مسألة التعدي على المخالفات بالمحافظات في الوقت الذي تسعى فيه الدولة جاهدة لمواجهة التجمعات مثل الأسواق التي تشكل خطورة بالغة على المجتمع، تسابق بعض المواطنين بالقرى البعيدة عن القاهرة، بالبناء على أراض زراعية بالمخالفة للقانون، في محاولة منهم للتصالح لاحقًا، بدعوى أنها مبانٍ قديمة قبل إصدار قانون التصالح.
وبما أنه لا تصالح في البناء على الأراضي الزراعية، فإن العمل بقانون الطوارئ يمَكن الحكومة من تحويل أي مخالفة في البناء إلى لنيابة العسكرية، وهذا يؤدى إلى تطبيق مواد العقوبات على كل المخالفين لقرار الدولة بشكل رادع،
إضافة إلى أنه يمكن أيضا قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه بإحالة تلك المخالفات والبت فيه بشكل أسرع باعتبار أن أحكام القضاء العسكري تتسم بسرعة بالفصل على خلاف القضاء الجنائي المدني الذي يستغرق شهور أو ربما سنوات،
ناهيك أن تنفيذ الأحكام العسكرية يتم باستخدام القوة الجبرية العسكرية لتحصيل الغرامات المالية المحكوم بها أو تنفيذ أحكام الحبس والقبض على المحكوم عليهم، أو إزالة المخالفات الموجودة على الأراضي الزراعية بمنتهى القوة والحزم، الأمر الذى يكون رادعا وأن لا تتفاقم الأزمة مثلما حدثت بعد 2011. ويأتي السؤال هل يمكن التصالح في مخالفات البناء، بعد إحالتها للنيابة العسكرية،
فالإجابة “لا” أن ما يمكن التصالح فيه، هي المخالفات التي ارتكبت قبل صدور القانون رقم 1 لسنة 2020 المطبق في 7 يناير الماضي، حيث منح القانون الجديد تقديم طلب التصالح وتقنين الأوضاع في خلال 6 أشهر من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون
وبذلك بعد سداد رسم فحص يدفع نقدًا بحد أدنى ألف جنيه وبما لا يجاوز خمسة آلاف جنيه وتحدد اللائحة التنفيذية فئات هذا الرسم، كما يجوز مد موعد التصالح لمدة 6 أشهر أخرى بقرار من مجلس الوزراء. -نصت المادة 102: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات أو الغرامة التي لا تقل عن مثلى قيمة الأعمال المخالفة ولا تجاوز ثلاثة أمثال هذه القيمة، كل من قام بإنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو ترميمها أو هدمها بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة .
-كما يعاقب بذات العقوبة كل من يخالف أحكام المادة الثانية من قانون الإصدار، ويعاقب بعقوبة الحبس المشار إليها في الفقرة الأولى، وبغرامة لا تقل عن مثلى قيمة الأعمال المخالفة بما لا يجاوز خمسمائة ألف جنيه،
كل من قام باستئناف أعمال سبق وقفها بالطريق الإداري على الرغم من إعلانه بذلك، وفى جميع الأحوال تخطر نقابة المهندسين أو اتحاد المقاولين – حسب الأحوال – بالأحكام التي تصدر ضد المهندسين أو المقاولين وفقا لأحكام هذا القانون لاتخاذ ما يلزم بشأنهم.
أن «النمو العشوائي والبناء المخالف من أبرز الأسباب التي تؤثر على البنية التحتية وشبكة الخدمات والمرافق، وكان له أثر على الثروة العقارية بشكل مباشر، ما كان يستوجب أن يكون هناك تشريع للتعامل مع هذه الأزمة، للحد من هذه الصور العشوائية التي تنتشر في أغلب الأحياء والمحافظات».
أن التهاون في القانون والتصالح مع المخالفين يفتح المجال لمخالفات جديدة، ولا سيما أن تلك المخالفات تشكل خطرًا كبيرًا على حياة المواطنين، خاصة المتعلقة بالارتفاعات وصالحية الأرض للمباني.
أن إجمالي المباني المخالفة وصل إلى 3 ملايين و240 ألف عقار في 27 محافظة بعد ثورة 25 يناير، متوقعاً أن التصالح مع كم هذه المباني المخالفة سوف يدر دخلاً على مصر يزيد على 800 مليار جنيه، أن الدولة لا تمتلك سوى 15% من أجهزة الهدم، ما يجعلها غير قادرة على مواجهة المباني غير السليمة إنشائياً، مطالباً المحافظين بتطهير الأحياء والمدن والمراكز والوحدات القروية من الفاسدين في الإدارات الهندسية وإلغاء ندب الحاصلين على المؤهلات المتوسطة كمرحلة مؤقتة إلى حين نقل الإدارات الهندسية إلى وزارة الإسكان.
أنّ التوعية المجتمعية الهادفة تقلل من ازدياد مخالفات البيئة والبناء والنظافة العامة أمام المحاكم، والسعي لتكاتف بين جميع الجهات بالدولة إلى جانب المراكز الشبابية والاجتماعية والأفراد للحد من الجرائم التي تقترف ضد البيئة، ونوهوا أهمية أن تكون التوعية بلغات متعددة لتتناسب مع الثقافات المتنوعة التي تعيش بالدولة.
إن مشروع قانون التصالح وضع معايير وشروطا للتصالح ومن بينها أن يكون المبنى سليم إنشائيا ولا يكون مشيدا على أراضي محظور البناء عليها، علاوة على تحصيل رسم بنسبة 7% لصالح الدولة من قيمة المتر المباني الذى تم تقديره بمبلغ 600 جنيه، وبنسبة 3% من قيمة الأرض التي شيد عليها المبنى، على أن يتم حساب المبلغ حسب موقع الأرض وتميزها.
فقد أعطى مشروع القانون حق التصالح في الأعمال التي ارتكبت بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء، وفي حالات تغيير الاستخدام في المناطق التي لا يوجد لها مخططات تفصيلية معتمدة والتي ثبت القيام بها قبل العمل بأحكام هذا القانون.
أن أجمالي الاستقطاعات من الأراضي الزراعية ما قبل صدور القانون بلغت 38480 فدان لم يتم ازالة أي حالة منها ، ومنذ صدور القانون رقم 166 لسنة 1983 وحتى 24-1-2011 بلغ 103 ألف و267 فدان ، ما تم أزالته 58 ألف 426 فدان ، مالم يتم أزالته 44 الف و841 فدان ، ومنذ 25-1-2011 وحتى 25 -3-2018 بلغت 82 الف 781 فدان ، ما تم أزالته 26 الف 423 فدان ، ومالم يتم أزالته 56 ألف و358 فدان .
أن أجمالي التعديات على الأراضي الزراعية منذ ما قبل صدور القانون رقم 166 لسنة 1983 وحتى 25-3 2018 بالنسبة التعديات على الأراضي الزراعية بلغت 224 ألف و529 فدان ما تم ازالته بلغ 84 ألف 849 فدان وما لم يتم ازلته 139 ألف و679 فدان ،
أن أجمالي استقطاعات الأراضي لمشروعات النفع العام منذ صدور القرار بلغت 21 الف و884 فدان، 6571 فدان بأجمالي 41 الف و975 فدان و10 قيراط منذ 25-1-2011 وحتى 25 -3-2018 .
أن مشروعات النفع الخاص منذ صدور الفانون رقم 166 لسنة 1983 وحتى 24-1-2011 بلغت 27777 فدان ، ومن 25 -1-2011 وحتى 25-3-2018 بلغ 2900 فدان و15 قيراط، بأجمالي 30678 فدان ، بالإضافة الى استقطاعات مشروعات محطات التقوية للتليفون المحمول بلغ 204 فدان و11 قيراط ،والاحوزة العمرانية لعدد 175 مدينة أضيفت اليها 82 ألف 301 5فدان ، و41 قيراط ، و4433 قرية اضيفت بها مساحات 81 ألف و970 فدان و18 قيراط.
إن هدف التوسع في تحديث الأحوزة العمرانية للعزب والنجوع والكفور، مراعاة التوسعات العمرانية للمدن بمختلف المحافظات، والحد من التوسع العمراني في القرى حتى لا تتأثر خطط الدولة في تطوير القطاع الزراعي، وكذلك الحد من التعديات على الأراضي الزراعية، مؤكدا أن هناك تنسيقا دوريا مع عدة وزارت وزارة والمحافظين، لمواصلة العمل في مشروعات الحيز العمراني، و إعادة ترسيم الحدود للقرى والعزب والنجوع هدفه زيادة الرقعة المأهولة بالسكان،
واستيعاب الزيادة السكانية حتى عام 2032، وإعادة توزيع الثروات وتحقيق العدالة الاجتماعية ودمج المناطق الفقيرة في المناطق ذات الموارد والمقومات الاقتصادية وإضافة مساحات لاستيعاب الاستثمارات المختلفة لتنفيذ المشروعات القومية.
وأخيرا.. فإن قرار الحكومة بتحويل المخالفات إلى النيابة العسكرية، يعد انتصارا للدولة والمواطن، على حد سواء، دون إلحاق ضرر بأي منهما، في إطار من الشفافية والمصداقية، إضافة إلى أنه يساعد على الاطمئنان على سلامة العقارات المخالفة، وبالتالي الاطمئنان على صحة المواطنين وسلامتهم.
دكتور القانون العام ومحكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان