بما أن العلماء قد تعلموا المزيد عن COVID-19، فقد أصبح من الواضح أن ما يسمى بحوادث الانتشار الفائقة التي يصيب فيها شخص ما عددًا غير قليل من الأفراد الآخرين لعبت دورًا كبيرًا في نقل الفيروس الذي يسبب المرض. وعندما يوصي الاطباء والخبراء بارتداء الأقنعة، والبقاء على بعد مترين على الأقل من الآخرين، وغسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة فإن ما يقولونه حقًا هو: حاول تقليل كمية الفيروس التي تواجهها. فالمتوقع في العدوى الفيروسية ان تعرضك لكمية قليلة جداً من الجسيمات الفيروسية لا يمكن أن تجعلك مريضا حيث يمكن للجهاز المناعي ان يقهر المتسللين قبل أن يتمكنوا من ذلك. وهذا هو مايعرف بمفهوم The minimal infective dose او الحد الأدنى من الجرعة المعدية والتي يتم تعريفها من قبل بعض العلماء على أنها أقل عدد من الجسيمات الفيروسية التي تسبب العدوى في 50٪ من الأفراد.
ما هي اذن هذة الجرعة في حالة فيروس كورونا المستجد؟ اي مقدار فيروسات كورونا المستجد القادرة على ان تتجذر وتصيب الانسان بمرض كوفيد-19.
الإجابة الدقيقة غير معروفة حتى الان وان كانت تجارب التحدي البشري المختلف على مدى موافقتها لاخلاقيات البحث العلمي قد تفيد في الوصول الى ذلك. حالياً يدرس العلماء كل من النمس والهامستر والفئران بحثًا عن أدلة. واي اجابة حالية هي نوع من التخمين المبني على العلم حيث يمكن أن تقدم فيروسات الجهاز التنفسي الشائعة الاخرى (مثل الإنفلونزا والفيروسات التاجية الأخرى) مساعدة على التوقع لكن الباحثين وجدوا القليل من الاتساق.
فبالنسبة للسارس وهو اقرب فيروس تاجي متشابه جينياً مع الفيروس الحالي المسبب لكوفيد-19 فإن الجرعة المعدية المقدرة هي بضع مئات من الجسيمات.
بينما في حالة متلازمة الشرق الأوسط التنفسية وهي فيروس تاجي اخر كانت الجرعة المعدية أعلى بكثير، آلاف الجسيمات. ولأن فيروس كورونا الجديد يشبه إلى حد كبير فيروس السارس، فإن الجرعة المعدية المتوقعة قد تكون مئات الجسيمات لكن لا يمكننا الجزم فهذا الفيروس لديه عادة في تحدي التوقعات.
ماذا عن تأثير سلوك الناس واستعدادهم الوراثي (بيولوجيتهم) في نقل او اكتساب كمية من الفيروس كافية لإحداث العدوى؟ اي حالة انتقال للعدوى تتضمن شخصين (على الاقل) مريض مرسل للعدوى (موزع او ناشر للعدوى) وشخص مستقبل للعدوى فهل انتقال العدوى مرتبط بسلوك و بيولوجية المصاب المرسل للعدوى (موزع العدوى)؟ ام هو مرتبط بسلوك وبيولوجية الشخص المستقبل للعدوى؟
يبدو ان انتقال العدوى مرتبط بكليهما فعلى الطرف المستقبل للعدوى بيولوجياً قد تؤثر الفروق في كل من الاستجابة المناعية وشكل أنف الشخص وكمية شعر الأنف والمخاط الموجود به وكذلك مدى كثافة توزيع بعض المستقبلات الخلوية في مجرى الهواء التي يحتاج الفيروس إلى الالتصاق بها على كمية الجسيمات الفيروسية الكافية لإصابته بالمرض. وعلى الطرف المرسل للعدوى يبدو ان بعض المصابين هم بطبيعتهم موزع سخي لفيروس كورونا (مصدر كبير للعدوى) اكثر من غيرهم والبعض الآخر موزع بخيل للعدوى.
في الواقع تشير الأبحاث حول حالات الاصابة الفعلية وكذلك نماذج الوباء إلى أن ما بين 10٪ و20٪ من الأشخاص المصابين هم المسؤولون عن 80٪ من انتشار كوفيد-19. لذا نجد ما يُعرف باسم الأشخاص الأكثر نشراً للعدوى Super-spreaders (الناشرون الفائقون) وهم مرضى موهوبون بشكل خاص في نقل العدوى الى غيرهم بمعدلات اعلى بكثير من المعتاد .. على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان ذلك بسبب بيولوجيتهم أو سلوكهم او كليهما معاً.
هل الحمل الفيروسي Viral load للمريض المرسل للعدوى (أي كمية الفيروس في جسده) تلعب دوراً في تحديد قدرته على نشر المرض؟
بشكل عام في العدوى الفيروسية من المرجح عادة ان يكون الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من مسببات الأمراض، سواء من الإنفلونزا، HIV أو السارس، مصدر عدوى محتمل للآخرين بشكل اكبر. ولكن في حالة فيروس كورونا الجديد فمازال التخبط في الفهم هو سيد الموقف فبينما تقول بعض الدراسات أنه يبدو ان المصابين الذين ليس لديهم اي أعراض قد يكون لديهم حمل فيروسي Viral load (أي كمية الفيروس في أجسادهم) مماثل للحمل الفيروسي لأولئك الذين يعانون من حالة حرجة في حين تشير دراسات اخرى الى أن الحمل الفيروسي في الحالات الشديدة وصل إلى 60 مرة أعلى من الحالات الخفيفة.
ماذا عن تأثير التعرض لكميات اكبر من الفيروس (لجرعات معدية اكبر)؟ و تكرار التعرض للجرعات المعدية؟ هل ينتج عن اي منهما مرض اكثر شدة؟
من المتوقع أن يكون التعرض لجرعة أعلى او جرعات متكررة من الفيروس يعطي نتائج أسوأ وهذا ما قد يفسر سبب سقوط ضحايا من صغار السن وخاصة من الاكثر تكراراً للتعرض لجرعات عالية من الفيروس كالعاملين في مجال الرعاية الصحية على الرغم من أن الفيروس يستهدف كبار السن عادة.