قال..
وذلك الذي يختارك حينما يهجرك الجميع..
، ويفلتك الجميع..
ويزدرونك..
وكأنك رقعة سوداء في ناصية قلوبهم الأشد بياضا من الثلج..
هو أصدق من ستلتقيه بكل حياتك..
وأحقهم بألا تفرط به أبدا..
ولو قايضوك عليه بالعالمين..
بالثقلين، إنس وجان..
ذلك الذي اختارك وقت احتياجك..
عند ضعفك..
وأنت منكسر..
لا سند لك ولا معين..
ولا مغرٍ من مغريات الحياة يستجلب لك قرب أحدٍ أو مودته،سوى أنك أنت..
ذلك المخموم..
الذي مهما طالت السنون وتطاولت،بقى على صفاء الروح ونقاء الباطن..
طهارة الملائكة..
وصدق الأنبياء..
فالمحبة المجردة، والادعاء الكامل لا يظهران على حقيقتهما إلا عند الافتقار..
ومن استقويته حين ضعف، فقواك وشد أزرك..
فاعلم أنه ما أتاك يبتغي شيئا سوى أن يكون إلى جانبك..
وسيظل معك، ولو كان العالم كله ضدك..
فمثل هذا الشخص إن وجدته فتمسك به جيدا..
وعض عليه بنواجذ روحك، فكم من مرات خاب فيها الظن بمن كنا نظن بهم الحياة، وهم في الأصل سارقوها..
ولكم طاش سهم اعتقادنا، حينما رفع البعض إلى مصاف القديسين..
خارجا بذلك عن دائرة المعتاد في عرف البشر، ليلمس محظورا ممقوتا ولكنه واقع للأسف..
وهو أنهم في صورة بشر،والفعال إلى الشياطين تنسب..
فالغالبية يختارك ويظل معك بقدر ما يجني الرطب..
بقدر توهجك..
حتى إذا ما تعطلت قاطرة العطاء قليلا..
أو..
خبا الضوء ولو لضعف رؤية الرائي..
نزل بأول محطة ليغير القطار..
ليبحث عن وجهة أخرى..
عن أرض أخرى..
ووجوه مغايرة..
ما زال النماء يجري بعروق أصحابها..
ويفيض الجود من قسماتهم..
وقد جاء يمتار..
وما عاد عندك ما كان بالأمس القريب يستهويه،ليقف على الأبواب،أو حتى يسكن الديار ولو سلمته مقاليد الحكم.. الكرسي والصولجان..
فبأي الذنوب حلت عليك نقمة الفراق، سوى كفين فرغتا من العطاء عن غير اختيار..
وفصول للجدب تزاورت أرضك، فلا زرع يرجى ولا ثمر..
لذلك..
فانظر ماذا ترى، وقد علقوا يافطة للوداع كتبوا عليها..
فاخرج منها مذءوما مدحورا..
ماذا يبقى لك ها هنا الآن سوى لعنة الاحتضار..
وكأنك آخر الأبالسة..
أو كأنك قارفت بفعلك الذي لا دخل لك فيه، كبيرة يستحق فاعلها الرجم علنا على رؤوس الأشهاد، وإن رقوا فحكم الطرد مسطور في أعماقهم، وما النطق به إلا كشفا لصورة الدواخل البيضاء..
فعبيء جعبة توقعاتك بما يلي..
اعلم أنك ستكسر..
ستقهر..
سيُدَّعَى حبك كذبا،وستصدقهم..
ستُنفى، وتُغرب..
ستُجلد ويُعرى ظهرك دونما جريرة،سوى الصدق..
اعلم..
أنك..
ستُخذل،ستُخذل،ستُخذل….
إلى أن يموت إثر ذكرها اللسان..
وستذوق-مرات ومرات-مرارة الخذلان..
فاضرب على قلبك بيدك..
قل له:أيها الثائر أيسري اهدأ،فما زال الدرب طويلا بطول الأيام،أسودَ بسواد الليل الحالك،موجعا بقدر نزع كبد وجرها على الشوك بل أكثر..
اربط عليه، لتصبره على تجرع كئوس العلقم، دونما إحساس بالقنوط من انتظار الغد..
وتجلد..
فما كان السوء في نقائك أبدا..
ولكن السواد كان في قلوبهم..
وكل نفس تجزى بما تسعى..
هل كان في الكتاب يا سيدي غير قوله؟!..
ولا تزر وازرة وزر أخرى..
أما أنت،فستجني حصاد الصابرين..
وأما هم،فإلى أي وادٍ يهيمون..
فقد ظلموا، أجرموا وقتلوا..
وليس لقاتل النفس عمدا توبة..
وقد قتلوك حينما أتوا..
وحينما راحوا..
عليك السلام مرتين..
وعليهم من الله ما يستحقون..
فلا تأسف..
إلى هنا تمرد القلم..
وتوقف..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..