الرئيس الامريكي دونالد ترامب اصبح عبئًا علي السياسة الدولية وعبئا علي أكثر من نصف الشعب الامريكي. فقد كان غريباً على السياسة الأمريكية التقليدية، بل وعلى العالم كله. فقد تصرف كبلطجي، أو رئيس عصابة ذو مزاجية متطيرة، تبوأ منصب رئاسة دولة عظمى مثل أمريكا وعلى حين غفلة. قام ترامب بشق الشعب الأمريكي بإثارة النعرة العنصرية بين البيض والملونين، إضافة إلى تعامله الخاطئ مع جائحة الكورونا، ضارباً بتعاليم الخبراء من العلماء والأطباء عرض الحائط، حيث بلغت نسبة الوفيات والإصابات في أمريكا الأعلى في العالم، إلى أن هو نفسه أصيب بهذا الداء وأدخل المستشفى. كذلك حربه على الإعلام الأمريكي والعالمي واتهامه بتزييف الأخبار عنه.
في خلال رئاسته لأمريكا كان قد عمل على تصعيد التوتر ليس في أمريكا وحدها، بل وفي العالم. فقد خرج ترامب على الأعراف والتقاليد الدبلوماسية، والمعاهدات الدولية بشكل فض وفج بدون سابقة، وكان في حالة توتر وتشنج حتى مع العديد من أفراد طاقمه الإداري في البيت الأبيض فكسب عداءهم. كان فوز ترامب عام 2016 نتيجة رد فعل اليمين الأمريكي الابيض المتطرف على فوز أوباما عام 2008، وهو من أصول أفريقية، والذي قام بإجراءات تقدمية داخلية وخارجية، مثل الخدمات الصحية، والتقارب مع كوبا… الخ، وهذه الاجراءات استفزت اليمين المتطرف. فكان ترامب مصاباً بعقدة نفسية وحقد أعمى ضد سلفه الرئيس باراك أوباما بدافع عنصرية، لذا فأول عمل قام به عند تسلمه الرئاسة هو إلغاء نظام الخدمات الصحية الذي أسسه أوباما والذي سُمِّي باسمه (Obama healthcare)، والذي كان يفيد كل الشعب الأمريكي وخاصة الفقراء منهم الذين يشكلون نحو 40 مليون مواطن أمريكي دون خط الفقر وفق مقاييس أمريكا. أما في علاقاته الدولية، فرغم أنه وعد بأن يجعل أمريكا عظيمة وذات هيبة، بينما جعلها دولة في مواجهة أغلب دول العالم، وحتى ضد حلفاء أمريكا مثل دول الناتو، والوحدة الأوربية. وأخرج أمريكا من اتفاق باريس بشأن البيئة والتغيير المناخي لعام 2015، علماً بأن أمريكا التي يمثل شعبها نحو 4.3% من سكان العالم، تساهم بنحو 30% في تلويث البيئة. كما وأعلن حرباً على منظمة الصحة العالمية (WHO)، وقاطعها وحرمها من المساعدات المالية التي كانت نحو 400 مليون دولار سنوياً، لأن رئيس المنظمة تبنى موقف الحياد، ورفض الإذعان له في إلقاء اللوم على الصين الشعبية وتحميلها مسؤولية جائحة كورونا. ومن المتوقع أن الرئيس المنتخب بايدن سيلغي هذه الإجراءات الخاطئة.أما عن انحيازه لإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني فحدث ولا حرج، إذ كان ترامب أداة طيعة بيد نتنياهو، حيث قطع الدعم المالي عن الحكومة الفلسطينية، واعترف بقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة أمريكا إليها، وبادر بما سمي بصفقة القرن لتنفيذ سياسة التطبيع مع إسرائيل في دول المنطقة. وألغى الاتفاقية النووية مع إيران من جانب واحد، الأمر الذي أدى إلى تصعيد العداء بين أمريكا وإيران، وساهم في تصعيد التوتر بين دول منطقة الشرق الأوسط.قائمة تصرفات ترامب طويلة إلى حد أن راح بعض الخبراء يتنبئون بأن أمريكا على وشك الانهيار بسبب تصرفاته الرعناء، وكأن أمريكا هي من الدول الدكتاتورية مبنية على كاهل شخص واحد، وليست دولة مؤسسات ذات نظام ديمقراطي عريق. وأخيراً، قال الشعب الأمريكي كلمته، فقد أزاحته بالانتخابات الأخيرة، ولم يسمح له بتجديد رئاسته لأربع سنوات أخرى. ولكن رغم ذلك يبقى تأثيره السلبي على الشعب الأمريكي إلى أمد غير معلوم، لأنه مع كل سلبياته فهو مازال يتمتع بشعبية واسعة حيث صوَّت له نحو 70 مليون من مجموع 160 مليون ناخب ساهموا في التصويت، وهذا رقم لا يستهان به.