تمتلئ مواقع التواصل الإجتماعي والصحف والمجلات ومئات القنوات الفضائية بإعلانات عن وظائف خالية تبحث عمن يشغلها. ويتم الإعلان عن الوظائف بعناوين عريضة وبالألوان لإبرازها مرفقة بإغراءات تتعلق بالراتب المرتفع والتأمين الإجتماعي وتوفير سكن للمغتربين ووسائل انتقال مريحة.
ويذهب مئات الشباب للمكان والزمان المحددين للمقابلة ، فيطلب منه دفع مبلغ مالي مقابل طلب التوظيف ( وهي عادة تتراوح بين 10 جنيهات و50 جنيها ) . وبعد استكمال كتابة بيانات طلب التوظيف ينتظر عدة ساعات ليأتي دروه في المقابلة . وللوهلة الاولى يصطدم الشاب بعد توافر الوظائف المعلن عنها لانه تم شغلها بمن تقدم سابقا ( والحقيقة ان تلك الوظائف ليست موجودة أصلا)، وان الوظائف المتبقية براتب أقل من ربع القيمة المعلن عنها في الإعلان .
وروي لي أحد الشباب أنه اضطر لقبول العمل بوظيفة مندوب مبيعات لانه كان قادما من محافظة بعيدة. وتوجه إلى مقر سكن المغتربين ليبيت فيه حتى يبدأ العمل في اليوم التالي . وفوجئ بان السكن عبارة عن غرف صغيرة غير نظيفة ومزدحمة ، الغرفة الواحدة يسكنها 5 أفراد. وانتظر 3 أيام ليفاجئ في اليوم الرابع أن عليه أن يبيع مستحضرات تجميل وروائح ، فرفض تسلم العمل لانه لا يفهم في تسويقه ، وخوفا ان تكون مجهولة المصدر وتضر بصحة من يستخدمونها. وقال لي غاضبا :” ضاع على 50 جنيها ثمن طلب التوظيف ، كما ضاع على الاف الشباب غيري ، إنها شركات للنصب وليس للتوظيف “.
وهنا وجب على الجهات الحكومية المسئولة وخاصة وزارة القوى العاملة مراقبة هذه الإعلانات وتتبع المعلنين لمعرفة مدى مصداقيتها، ومعاقبة المخالفين بعقوبات رادعة حتى نحمي الشباب من المتاجرين بأحلامهم بالحصول على عمل والخروج من طوابير البطالة .
وايضا ضرورة مراقبة المجلس الأعلى للإعلام على إعلانات التوظيف التي تنشرها كل وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
وهناك نوع آخر من النصب والإحتيال على الشباب الباحثين عن عمل تقوم به الآف من مواقع التوظيف التي تنتشر على شبكة الانترنت وكل مواقع التواصل الإجتماعي. وجميع تلك المواقع تعلن عن توافر وظائف في مؤسسات وهيئات حكومية وشركات كبرى داخل وخارج مصر وكل ماعليك أن تترك السيرة الذاتية ( سي في ) فيها كل البيانات بالتفصيل. وفي الغالب يتم بيع هذه البيانات الى شركات تسويق المنتجات أو الخدمات عبر الهاتف أو البريد الألكتروني .
وفي بعض الأحيان تجد البيانات طريقها الى أجهزة استخبارات وهنا تكمن الخطورة. وذكرت دراسة أعدها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب : ” أن أجهزة الاستخبارات باتت تعتمد على منصات و مواقع التواصل الاجتماعي للقيام بأنشطتها، على اعتبار ان هذا النوع الحديث من وسائل التواصل الاجتماعي يوفر لها مصادر معلومات و قراءات سيكولوجية عن الأفراد المراد تجنيدهم “.
والحل هنا أن يتريث الشباب في إرسال تفاصيل البيانات الخاصة به إلا بعد التأكد من مصداقية الموقع وأن لا يقدم البيانات الشخصية التفصيلية إلا بعد جدية قبوله في الوظيفة .
وهناك نوع ثالث من الوهم الوظيفي تمارسه القطاعات الحكومية من وزارات ومؤسسات وهيئات . فهناك العشرات من مسابقات الوظائف يتم الإعلان عنها ويتقدم الاف الشباب ويتم تحديد لهم مواعيد للمقابلات التي تنتهي عادة بعبارة ” سيتم الاتصال عليك لابلاغك بالنتيجة “. وينتظر الشاب الاتصال لشهور وربما سنوات ولا يأتي. ويصاب الشباب بالإحباط واليأس عندما يتضح أن المقبولين في الوظيفة هم فى الأساس يعملون بالشركة او المؤسسة أو الوزارة أو الهيئة بعقود، وأن الإعلان الذى نشر بالصحف ما هو إلا مجرد إجراء روتيني لتثبيتهم . وفي الغالب يكون أصحاب هذه العقود من أبناء العاملين أو من الأقارب أو المحاسيب أوممن يدفعون.
والحل هنا أن تلتزم الوزرات والمؤسسات الحكومية بجدية ومصداقية وشفافية مسابقات التوظيف والذي الزمها قانون العاملين المدنيين بالدولة بالإعلان عنها مرتين خلال العام، الأولى خلال شهر يناير، والثانية خلال شهر يوليو.