تعد ظاهرة العنف ضد المرأة انتهاكا خطيراً لحقوق الانسان ، و يقع هذا العنف بشكل رئيسي على النساء و الفتيات ، ويمتد تأثيره من التأثير الفوري إلى التأثير على المدى الطويل ليشمل النواحي البدنية والجنسية والنفسية ، و يؤثر سالباً على رفاهة النساء بصفة عامة و يكون حائلاً دون مشاركتها الكاملة والفعالة في المجتمع.
أن تتاح للنساء اللاتي تعرضن للعنف معلومات عن الحقوق وتدابير اﻹنصاف وكيفية الحصول عليها، إضافة إلى معلومات عن المشاركة في الإجراءات الجنائية وجدولها الزمني والتقدم المحرز فيها والحكم اﻷخير الذي يصدر فيها؛
تجتاح موجات العنف دول العالم وتتزايد يوما بعد يوم نتيجة لزيادة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وللمرأة فيها النصيب الأكبر ليس كمرتكبة للعنف ولكن كضحية له، ويأخذ العنف ضد المرأة أشكالا متعددة وقد يكون بدنياً يستهدف جسد المرأة أو اقتصاديا أو جنسياً أو نفسيا يهدد أمنها أو استقرارها النفسي حيث تمتهن من خلاله كرامتها أو إنسانيتها،
وقد تتعرض المرأة للعنف من داخل أسرتها ومن قبل أشخاص تربطهم بها علاقات حميمة أو من خارج الأسرة من أفراد ليست لهم بها أدنى علاقة، كما قد تتعرض للعنف من خلال مؤسسات الدولة المختلفة في أطار خلل الحماية التشريعية والقانونية التى تدعم التمييز ضدها بمساندة من المجتمع،
وموجات العنف ضد المرأة منتشرة في دول العالم عامة وفى الدولة العربية برغم عدم وجود إحصائيات قومية موثقة تبين مدى تفشى الظاهرة وحجمها وأثارها على المجتمع عامة وعلى دفع وتمكين والاستفادة من قدرات المرأة لدفع عملية التنمية والتقدم خاصة.
إن مشكلة العنف ضد المرأة قد يمتد تأثيرها إلى أبعد من الضحايا ، كما أن الآثار السلبية للعنف لا تقع فقط على المرأة بل على الأسرة والمجتمع والدولة ككل، حيث لا يشكل إنتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان فحسب ، لكنه أيضاً تترتب عليه تكاليف باهظة تقع على المرأة والمجتمع كتداعيات لهذا العنف مثل النفقات على الرعاية الصحية والعلاج والمصاريف والرسوم القضائية بالإضافة إلى الخسائر الإنتاجية ….الخ ،
بما يؤثر سلباً على الموازنة العامة للدولة وعلى التنمية بشكل عام ، وتظهر قضية “التكلفة” عند وضع سياسات أو خطط عمل لمكافحة العنف ضد المرأة ، حيث يساعد الوعى بالتكاليف المادية الناجمة عن تلك الممارسات في تحديد الحجم الحقيقي للمشكلة وأثرها على المجتمع بأثره (مجلس أوروبا، 2014).
إن أخذ المنظور الاقتصادي للمشكلة في الاعتبار يكمل الصورة الحقيقية لظاهرة العنف ضد المرأة بجوانبها النفسية والصحية والقانونية كما أنه يدفع في اتجاه أهمية اتخاذ التدابير اللازمة للحد من تلك الظاهرة ومنعها: (.UNIFEM2003 ) “لا شك أن العنف ضد المرأة في حد ذاته يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، إلا أن قياس تكلفته المادية يدحض ادعاء الحكومات بأن إنهاء العنف ليس مسألة ملحة “.
ونظرا لتخوف المجتمع الدولي من الآثار السلبية لهذه الظاهرة ليس فقط على المرأة نفسها ولكن على المجتمع ككل فقد أقر المجتمع الدولي بأن العنف ضد المرأة يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق المرأة و تصاعد الاهتمام بظاهرة العنف ضد المرأة ، مما حدا بالمهتمين بقضايا النوع الاجتماعي إلى السعي لإيجاد قوانين وتشريعات تحمي المرأة من أشكال العنف المتعددة ، وكانت البداية من خلال الإعلان العالمي للأمم المتحدة للقضاء على العنف ضد المرأة فى نيروبي ديسمبر عام 1993،
الذي اتفقت عليه جميع الدول الأعضاء وحددت بمقتضاه مفهوم العنف ضد المرأة بأنه “أى فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”. ثم مؤتمر بكين 1995 الذي ذكر أن العنف ضد المرأة بمثابة عقبة في سبيل تحقيق المساواة ، كما انه يؤثر على جميع النساء في العالم بأسره.
كما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1999 يوم 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة ، وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة في فبراير 2008 حملته التي اتخذت عنوناً ” اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة” . وفي عام 2015 دعي الأمين العام للأمم المتحدة الحكومات والمجتمع المدني والمنظمات النسائية والشباب والقطاع الخاص ووسائل الإعلام ومنظومة الأمم المتحدة بأسرها إلى توحيد صفوفها في مواجهة الآفة العالمية المتمثلة في ارتكاب العنف ضد النساء والفتيات حيث أعلن أنه ” ليس هناك نهج عمومي يمكن أن يأخذ به الجميع إزاء مكافحة العنف ضد المرأة ،
فالنهج الذي يصلح لبلد ما قد لا يفضي إلى النتائج المرجوة في بلد آخر ، وعلى كل بلد أن يستنبط استراتيجيته الخاصة به في هذا الصدد ، غير أن هناك حقيقة عالمية واحدة تنطبق على جميع البلدان والثقافات والمجتمعات ، ألا وهى أن العنف ضد المرأة لا يمكن على الإطلاق القبول به أو التماس العذر له أو التهاون بشأنه
يعد العنف البدني أكثر شيوعاً من العنف الجنسى، فتعرضت 17% من النساء لواقعة واحدة على الأقل للعنف البدنى من قبل أفراد العائلة أو البيئة المحيطة مند بلوغهن 18 سنة، و3% تعرضن لهذا العنف مؤخراً. و كانت أكثر أشكال العنف البدنى التى تعرضت لها المبحوثات الصفع أو الرمى بما قد يوذى (15%) والدفع بشدة أو بعنف أو شد الشعر(11%)، كذلك تعرضت النساء لبعض مظاهر العنف الحاد، حيث أفادت 7% من النساء انهن تعرضن للضرب بقبضة اليد أو بأى شى أخر يمكن أن يؤذى ،و تعرضت 3% للركل أو السحب أو الضرب بقسوة .
يعد العنف ضد المرأة من ناحية التداعيات الجسدية والنفسية للمرأة وأسرتها والمجتمع، كاف للتصرف حيال تلك الظاهرة، ولكن حساب تكلفته يزيده أهمية وقوة. كما يكون معرفة التكلفة السبب في تقليل القبول المجتمعي للعنف ضد المرأة، لأن معرفة التكلفة يخلق وعياً بأثار العنف المنعكسة عى كل المجتمع، وبالأخص للرجال و يتحمل التكلفة كل من المجتمع في صورة خسارة انتاجية، خسارة الموارد البشرية،خسارة الموارد العامة ، الأسرة في صورة فقدان الدخل، فقدان العمل،معاناة أطفال،تفكك اسرى ، الفرد في صورة الصحة، فقدان العمل / عمل منزلى ، التخلف عن دراسة ، معاناة نفسية
تعطل النساء و خاصة المتزوجات عن الأعمال المنزلية جراء احداث العنف المنزلى، سواء لإصابتها و من ثم عدم قدرتها على اداء المهام المنزلية أو لتركها المنزل لفترة من الزمن.و قد سُألت النساء جميعاً عن عدد ساعات العمل المنزلى التى يقضينها فى كل نشاط منزلى فى الأسبوع السابق للبحث. و سُألت النساء المعنَّفات عن عدد الأيام التى تخلفن فيها عن كل نشاط جراء الحدث. يجدر الإشارة هنا ان بعض الأنشطة المذكورة يمكن اداؤها آنيا مع انشطة أخرى مثل رعاية الأطفال وكبار السن و المرضى مما شكل عائقاً لإحتسابها بمفردها. تطلب الحساب عدد من الإجراءات منها إعتبار أقصى عدد ساعات للأنشطة المنزلية 14 ساعة يوميا مع حد أقصى للرعاية 4 ساعات يوميًا مما يترك وقتا للنوم والأكل و الرعاية الشخصية. كما تم معالجة القيم المتطرفة بتقدير القيم التى تعلو قيمة العشيرى ال95 بقيمة هذا العشيرى
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان