تصاعد الغضب في موريتانيا إزاء ممارسات الأساطيل التركية التي تحولت من نهب الثروة السمكية في مياه البلاد إلى استنزافها تماما.
الأزمة الحالية نتيجة تهرب الأسطول التركي من آليات الرقابة البحرية الموجودة على بواخرهم، دون أن تتخذ السلطات والرقابة البحرية أية إجراءات رادعة بحقهم، كسحب الرخص و طردهم خارج البلاد.
تأتي خطورة نشاط الأسطول التركي على مستقبل ثروة البلد السمكية يأتي في ظل تزايد المطالبات على المستويين الشعبي والسياسي بالتصدي لأعمال النهب والصيد المحرم التي تقترفها البواخر التركية في مياه البلاد الإقليمية التي كان ينظر إليها كواحدة من أغنى شواطئ العالم بهذه الثروة.
أن هذه البواخر التركية تقوم بخداع الرقابة البحرية حيث تضع الشريحة الإلزامية التي يتم بها متابعة وتحديد موقع الباخرة أثناء الصيد على قوارب الإغاثة من أجل تضليل أجهزة الرقابة. بينما يقوم قارب الصيد بالإغارة على السمك في أماكن أخرى محرم الاصطياد فيها بصفة عامة.
أن الكارثة في كون السمك الكبير الاقتصادي والمحمي من الدولة يتغذى على هذه الأسماك الصغيرة التي تواجه هذا الاستنزاف الخطير.
أن البواخر التركية شبه مسطحة، وبالتالي يمكنها ولوج كل مناطق الصيد حتى السطحية، عكس البواخر التي توجد جزء كبير منها داخل المياه .
أن الكمية تقدر ب600 طن حصيلة يومية بقيمة مليار ونصف الميار أوقية موريتانية تقريبا (ما يعادل 3.3 مليون دولار).
أن الأتراك لا يسمح لهم في الاتفاقيات المبرمة معهم بالصيد السطحي للأسماك، ومع ذلك لا يلتزمون بهذه الاتفاقيات ويعمدون دائما للتهرب من تطبيقها ومغافلة القائمين على الرقابة البحرية لموريتانيا.
ووصل استهتار السفن التركية بمصالح موريتانيا حد محاولتهم خرق الحظر دخول العمال الأجانب لموريتانيا المطبق في إطار مواجهة كورونا، مما ولد موجات ردود فعل في مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرة لهذا التصرف.
، أن هذه الممارسات تستهدف واحدة من أشهر وأهم الأنواع البحرية بالبلاد، والتي تهاجر إلى المياه الموريتانية في أسراب كبيرة بفترة التكاثر، لتجد في استقبالها الشبكات الدوارة على متن السفن التركية، والتي تخالف معايير اصطياد هذا النوع من الأسماك.
يرتبط الميناء بمناطق أنطاليا النائية من خلال طرق سريعة عالية الجودة تصل إلى المراكز الرئيسية للسياحة والصناعة والتجارة مثل ألانيا ومرسين وقونيا وأكشهير وأفيون وبوردور ودنيزلي.
ويغطي ميناء أكدينيز مساحة إجمالية تبلغ 166 ألف متر مربع، وهو أكبر ميناء وأفضل تجهيزًا على طول 700 كيلو متر من ساحل بحر إيجة التركي المتوسط ، والذي يمتد من إزمير في الغرب، إلى مرسين في الشرق.
ويمكن للميناء التعامل مع 5 ملايين طن من البضائع السائبة والعامة و500 ألف حاوية نمطية سنويًا، كما يحتوي على مرفق تخزين داخلي بمساحة 1260 مترًا مربعًا لخدمة التخزين المؤقت، فيما يحتوي الميناء على حاجز أمواج رئيسي بطول 1600 متر وحاجز أمواج جانبي بطول 650 مترًا، إلى جانب 8 أرصفة نشطة، يتراوح طولها بين 140 مترًا و290 مترًا.
ويعد هذا الاستثمار هو الثاني لـ «كيوتيرمنلز» خارج دولة قطر منذ تأسيسها في نوفمبر 2016، حيث أعلنت في نهاية يناير 2020 عن فوزها بعطاء امتياز إدارة وتشغيل ميناء «أولفيا» البحري الأوكراني الواقع على البحر الأسود (تم التوقيع أواخر أغسطس الماضي)، باستثمار قيمته 140 مليون دولار، لعقد تشغيل وإدارة للميناء الأوكراني تصل مدته إلى 35 سنة مقبلة. وتأسست «كيوتيرمنلز»
وهي شركة إدارة وتشغيل الموانئ، كشراكة بين «مواني قطر» (51%) وشركة الملاحة القطرية «ملاحة» (49%)، وتقوم الشركة حالياً بتوفير خدمات مناولة الحاويات والبضائع العامة والثروة الحيوانية وخدمات الدعم البحري في المرحلة الأولى من ميناء حمد، بوابة قطر للتجارة مع العالم، بالإضافة إلى توليها تصميم وتطوير وتشغيل المرحلة الثانية «محطة الحاويات (2)» بميناء حمد التجاري الأكبر في دولة قطر.
إذا كان ذلك كذلك، فلا مناص أمام العرب من مواجهة العبث التركى بأمنهم المائى عبر توحيد الجهود واستنهاض الهمم للسير فى مسارات ثلاثة متوازية. أولها، ديبلوماسى يستنفر القوى الكبرى والقضاء والتحكيم الدوليين ويتوخى تفعيل مقررات الشرعية الدولية التى وضعت أسسا عادلة لتقاسم مياه الأنهار الدولية، وألزمت الدول المنضوية تحت لوائها بتنفيذ الاتفاقات الدولية والثنائية وقواعد القانون الدولى التى تمنع دول المنبع من الافتئات على حقوق دول المجرى والمصب، كما تحض على الشراكة المستدامة وفقا لمبادئ حسن الجوار والحقوق التاريخية المكتسبة.
وثانيها، علمى يجنح لتبنى سياسات ناجزة فيما يخص اقتصاديات المياه،تشمل تطبيق أحدث التقنيات وتنفيذ مشاريع خلاقة وانتهاج الإدارة المائية الحكيمة والمتكاملة لاستغلال وحماية الموارد المائية، كاستخدام التكنولوجيا المتطورة فى الرى والإنتاج الزراعى،
واعتماد الإدارة اللامركزية لمحطات معالجة الصرف الصحى،إضافة إلى الحصاد المائى، بمعنى تجميع المياه أثناء مواسم الهطول فى سدود وأحواض مائية،فضلا عن استحداث موارد مائية موازية كالاستمطار والمياه الجوفية، وتكرير المياه المستعملة توطئة لإعادة استخدامها.
أما ثالثها، فعسكرى ينشد تلمس السبل الكفيلة بتحقيق توازن القوى والردع المطلوبين مع أنقرة، بما يساعد على لجم غطرستها وتقويض مساعيها لفرض وضع مائى مجحف على سوريا والعراق عبر تسييس بل وعسكرة قضية المياه، مستغلة عجزهما عن كبح جماح خروقاتها جراء تراجع قوتهما الشاملة إثر اندلاع المواجهات المسلحة فى سوريا منذ العام 2011، وظهور الإرهاب الداعشى عام 2014،ما أدى إلى إلى تدهور البنية التحتية المائية للدولتين،بالتزامن مع افتقارهما إلى استراتيجية مائية فاعلة،فى ظل سوء الإدارة المزمن للموارد المائية الوفيرة، وضعف الاستثمار فى البنى التحتية.
وفى طياتها حملت تجارب عربية وعالمية إشارات ملهمة على هذا الدرب، ففى حين تمكن العراق من بلوغ «توازن القوة والردع «مع تركيا خوله كبح جماح صلفها المائى من خلال تهديد بغداد باستخدام القوة حالة إقدام أنقرة على المساس بحقوقه المائية فى نهرى دجلة والفرات، نجحت سوريا فى فرض معادلة ردع للأتراك قوامها
«الأمن مقابل المياه»، استطاعت من خلالها حماية أمنها المائى؛ مستخدمة ورقة حزب العمال الكردستانى. ففى العام 1998، وبعدما وضع النزاع المائى البلدين على شفا المواجهة العسكرية، إثر تهديد رئيس الوزراء التركى وقتذاك مسعود يلماز بإغلاق سد أتاتورك بالكامل لحجب المياه عن سوريا بجريرة دعمها للحركات الكردية الانفصالية، اضطرته دمشق لتوقيع اتفاق أضنة، الذى تعهدت خلاله بالتوقف عن مؤازرة حزب العمال الكردستانى، مقابل تنازلات سياسية ومائية تركية.
وقبل قليل، وبعدما تراءى لقبرص واليونان أن اجتراء أردوغان على فرض الأمر الواقع بشرق المتوسط، إنما يتأتى من خلل فى موازين القوى لمصلحة تركيا، هرعت الدولتان للمضى فى ذات المسيرة الثلاثية. فبموازاة استنفار الشرعية الدولية، انطلقت مساعى تطوير القدرات الدفاعية الردعية، وتجلى الاستقواء بالاتحاد الأوربى والناتو،
والحلفاءالاستراتيجيين والشركاء الإقليميين، فبالتزامن مع توقيعهما مذكرات للتعاون الدفاعى والأمنى مع واشنطن تتضمن إعادة التسليح وإجراء المناورات المشتركة وإقامة مركز للتدريب العسكرى، دشنت أثينا ونيقوسيا مع تل أبيب برنامجا شاملا للتعاون العسكرى بين ثلاثتهم.
الأمر الذى أجبر إردوغان على التراجع خطوات للوراء، ولو مرحليا، عبر وقف مناوراته العسكرية البحرية المستفزة، وتعليق عمليات البحث والتنقيب غير المشروعة عن الهيدروكربونات بمناطق الصلاحية البحرية التابعة لقبرص واليونان.
وعلى غرار حالة الاستنزاف التي يشهدها “الأخطبوط” يواجه “جراد البحر الوردي” هو الآخر استغلالا مفرطا، بحسب النشرة التي قدرت كميته 2808 أطنان فقط، وهو نفس الشيء بالنسبة لسمك “الكوربين”، الذي تم استغلاله بشكل كامل، وفق أرقام النشرة التي قدرت كمياته بـ3500 طن.
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان