الانتماء للإسلام والوطن صنوان يتواكبان فى تنمية المجتمع وتوثيق عرا الولاء بين أبنائه ، لو سئلت من أنت ؟ كانت الإجابة أنا مسلم عربى ، فانتماؤك للإسلام يفرض عليك تدينا أن تنتمى لوطنك – لبلدك الذى تعتبر نفسك أنت جزء منها .
وذلك لأن قضية الانتماء للوطن ليست شعاراً يرفع ، ولا عبارات تردد .. بل هو واجب دينى ، وضرورة وطنية حيث أن وطنك هو ذو التاريخ المجيد ، والحاضر المشرق السعيد ، والمستقبل الباسم الباهر .. هو المكان الذى فيه ولدت . وعلى أرضه درجت ، وتحت سمائه نموت ، وبخيراته تمتعت ، هو بحق ذو الطبيعة الساحرة ، والزروع الناضرة ، والهواء العجب ، وهو أرض الأمجاد من العرب – فاذا كانت كل هذه المعانى تدور فى خلدك ، فإن حياتك ملك له ، ومالك وقف عليه ، وكيانك جزء من كيانه – كل هذه الدفقات الشعورية ليست واجبا وطنيا فقط .. بل أمر يفرضه الدين عليك .
هذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رسول الانسانية حين عبر عن حبه لوطنه الأول هذا الحب الذى كان يثور فى صدره ويموج فى خاطره ، ويشتد به شيئا فشيئا الى درجة انه كان يتلفت وهو مهاجر من مكة – كأنه يتزود منها . وكأنه يحفر معالمها فى ذهنه خشية أن ينساها حتى وصل الى قرية على الطريق اسمها الجحفة ، ويبلغ به الشوق والحب مداه الى وطنه .
وعلى رأى بعض المفسرين أن الله تعالى انزل عليه وهو فى هذه الحالة قوله سبحانه وتعالى : ( إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربى اعلم من جاء بالهدى ومن هو فى ضلال مبين ) اليس فى هذا تسلية لرسول الانسانية محمد صلى الله عليه وسلم ومحافظة على هذا الانتماء للوطن الأول وتقوية لروح الوطنية فى مشاعره عليه الصلاة والسلام .
اليس كل هذا تصديق عملى على أن حب الوطن من الايمان ؟ ولكن لك أن تسأل كيف يكون ذلك يعنى كيف يكون حب الوطن من الايمان – نقول أن حب الوطن يؤدى الى تحريره وإعزازه ، وتقدير النعمة الجليلة التى أنعم الله بها فيه ، وتقدير النعمة يؤدى الى شكرها ، والشكر عبادة والعبادة عنوان الايمان ، فكان حب الوطن جزء من هذا الايمان – زيادة على ذلك أن حب الوطن بذرة تنبت فى نفس صاحبها مكارم هى من اثر الايمان ، ومن بين هذه المكارم الانصاف والعدل وهما قادران – لو صدقا – على توفير الحرية لكل الأوطان وتجنب الاعتداء عليها بصورة أو بأخرى لأنها غالية على نفوس أهلها .. ان الانتماء للوطن يقتضى منك أن تدفع عنه ظلم الظالمين ، وبغى الباغين ، وكيد المعتدين وحقد الرجعيين .
حبك وانتماؤك يفرض عليك أن تجاهد فى سبيل ذلك ما استطعت حتى تحمى حماه ، واضرب على يد كل من يعبث بكيانه أو يحتكر موارده ، أو يستعبد أبناؤه أو يدنس أرضه ، وارتفع به فوق الخلافات والمنازعات .
حاول اعداء الوطن فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاء عليه ولكن لم يجدوا لذلك سبيلا بسبب انتماء المسلمين لبلدهم وغيرتهم عليها فكانت الاستماته فى الدفاع عن البلاد ، وتم حفر الخندق ، وتفرق الاحزاب من حول مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق الله إذ يقول ( ولما رأى المؤمنون الاحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ) كانت غيرت المسلمين على أوطانهم ليس لها حدود .
أخذوا هذا من وحى دينهم ومن إيمانهم بالله واعتقادهم أنهم مسئولون أمام المولى سبحانه عن هذا الوطن .
وأوضح أن الكرم والشرف والشجاعة تتمثل لما يقدمه من إنجازات وأعمال