غالبية أهل المعاشات من الموظفين هم من طبقة المظلومين في الأرض ماليًا واجتماعيًا وحتى إنسانيًا؛ حيث هؤلاء أفنوا شبابهم وصحتهم وأعمارهم في خدمة الوظيفة وعندما، وصلوا إلى سن المعاش يجدون أن ما يقبضونه؛ وهو ما يسمى براتب المعاش أقل من ربع المرتب الذي كانوا يحصلون عليه في أثناء الخدمة وربما أقل من ذلك؛ في الوقت الذي أغلبهم يكون لديه أولاد ما زالوا في المدارس والجامعات، ويحتاجون إلى مصروفات كثيرة، وهناك من لديه أولاد في سن الزواج، ويريد الوالدان أن يساعدوه ولو بجزء بسيط من الأموال.
وهناك أيضًا من هو أصبح جدًا وعليه أن يحتفي كل فترة بأسرة ابنه أو ابنته المتزوجين عند زيارتهم له، ناهيك أن هناك من لديه أمراض مزمنة مع كبر السن ويحتاج إلى العلاج الذي أصبح مكلفًا بشكل كبير، وأيضًا هؤلاء الطبقة المظلومة من أهل المعاشات لا يصرفون مستحقاتهم ومعاشاهم إلا بعد فترة ليست بالقصيرة عقب خروجهم إلى المعاش، ويعانون الأمرين مع هيئة التأمينات والمعاشات للحصول على مستحقاتهم، وذلك بعد قطع عشرات المرات من الذهاب والإياب لهذه الهيئة؛ لاستخراج الأوراق المطلوبة، خاصة أن هذه المصالح الحكومية غالبيتها ليست مجهزة لراحة هؤلاء المظلومين ويضطرون للصعود أدوارًا عليا على السلالم؛ لعدم وجود أسانسيرات أو لتعطلها من جراء عدم صيانتها، وهناك منهم مرضى القلب، بالإضافة إلى أنهم لا يجدون في الغالب معاملة إنسانية من قبل بعض الموظفين الذين فقدوا الرحمة، والقاسية قلوبهم خلال تعاملهم مع أهل المعاشات.
ولذا يجب على المختصين الذين بيدهم أمر هذه الطبقة المظلومة النظر بعين الرحمة لهم وزيادة ورفع قيمة المعاش شهريًا؛ بحيث لا يقل عن الراتب الذي كانوا يحصلون عليه إلا بدرجة بسيطة، وعلى المختصين أن يتأكدوا أن الدور سوف يأتي عليهم، وسوف يخرجون إلى المعاش، وسوف يعاني أغلبهم مما كان يعاني منها سابقوهم من قلة الدخل، وأن أهل المعاش الآن هم السابقون، وأن المختصين هم اللاحقون، وعلى كافة المسئولين عن المصالح الحكومية العمل على راحة أهل المعاشات قدر الإمكان، وإصلاح المصاعد المتعطلة، وعلى الموظفين التعامل بالرأفة واللين مع أرباب المعاشات، وأن يلتمسوا لهم الأعذار في كثرة إلحاحهم للسؤال عن المعاش، وأن يعلموا أن الحاجة مرة، وأنه كما تدين تدان والأيام ما أسرعها.
mahmoud.diab@egyptpress.org