بقلم: بافل ماكريفيش، مدير تطوير المنتجات لدى بروڤن سولوشنز
ساهمت التطورات التقنية كالروبوتات والذكاء الاصطناعي في تحوّل هائل في أماكن العمل خلال القرن الحادي والعشرين، فصار من الصعب إدارة الأنشطة اليومية دون الاستعانة بالبرمجيات والخوارزميات أو الحواسيب في عالمنا المعاصر. كما شهد نظام التعليم على الصعيد العالي العديد من التغييرات على مدى السنوات المنصرمة – فمنذ وقت قصير، كان الباحث عن المعلومات أو الراغب بكتابة الأبحاث يضطر لزيارة المكتبة، بينما نجد جميع المعلومات المتاحة الآن بسهولة وسرعة بفضل الإنترنت. كما تطورت الأساليب التعليمية لتواكب تطور الوسائل والأدوات، وأصبحت الروبوتات جزءًا من بيئة الصف الدراسي إلى جانب التقنيات المتقدمة والعولمة التي تدفع القطاع التعليمي نحو مستقبل يتسم بالاستدامة والعدالة. ويمكن تحقيق النمو المستقبلي في القطاع التعليمي من خلال التعاون بين البشر والروبوتات.
ومن الأمثلة الكلاسيكية على ذلك إحدى المدارس الدولية في الهند والتي تستخدم الروبوتات شبه البشرية في تدريس الطلاب والعمل مع المعلمين، بحيث يتضمن هذا النموذج التعليمي التشاركي مسؤولية الروبوت عن تقديم المحتوى القائم على المعرفة، والذي كان المعلمون يقضون 90 بالمائة من وقتهم لإنجازه من خلال البحث على محرك البحث جوجل. وبهذا أصبح لدى المعلمين الكثير من الوقت للتركيز على الطلاب وتوجيههم ومنحهم الدعم العاطفي والرعاية التي لا يمكن للآلة توفيرها. كما ساعد هذا التعاون بين البشر والآلة في سدّ الفجوة بين كفاءة التعلم والتوجيه الشامل – وقد بدأت العديد من المدارس حول العالم بالفعل في اختبار تلك الروبوتات في الفصول الدراسية . وفي هذا السياق، يتوقع بعض الخبراء أن يصبح تواجد الروبوتات في المدارس ظاهرة مألوفة حول العالم خلال 10 سنوات.
يمثل قطاع التعليم مصدرًا رائعًا للإمكانات الواعدة للروبوتات واستخداماتها التي تحقق أثرًا في غاية الإيجابية، إذ يمكن للعمل مع الروبوتات أن يساعد في تحسين جودة البرامج التعليمية ويمثل أداة فعالة لتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات، إلى جانب تشجيع التعليم الخاص وتحسين المخرجات التعليمية. كما أن بوسعه تحسين القدرات العقلية كالتفكير النقدي وحل المشكلات في سن مبكرة. ومن الممكن برمجة الروبوتات لتقييم نمو الطلاب مقارنة بالأهداف الشخصية وقياس نجاحهم عبر تتبع تقارير التقدم السنوية والمستهدفات المحددة لكل منهم، فيما يستطيع المعلمون جمع المعلومات القيّمة حول الطلاب بمساعدة الروبوتات وبالتالي تمكينهم من وضع أهداف التعلم القابلة للتطبيق.
ويعدّ NAO واحدًا من الروبوتات شبه البشرية الشهيرة، والتي تلبي احتياجات الطلاب والمعلمين في أكثر من 6000 مؤسسة أكاديمية في 70 دولة حول العالم. يعمل الروبوت كمساعد للمعلم في المدارس التي تنخفض فيها نسبة المعلمين إلى عدد الطلاب، إذ تعمل واجهته المرئية والذكية على تبسيط تطوير المحتوى وتسمح بأنشطة التعليم ذات الطابع الشخصي بشكل فردي أو في مجموعات صغيرة. كما يمكن للروبوت NAO أن يقيم رابطًا عاطفيًا بين الطلاب والمعلمين بفضل مظهره وسلوكياته الشبيهتين بالبشر. وبفضل التنوع الذي يتسم به الروبوت NAO، يمكن للمؤسسات الأكاديمية التوسع في مناهجها الأساسية من خلال توفر إمكانية تعليم مواد العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات وتعلم اللغات للأطفال في سن مبكرة للغاية.
كما يمكن أن تعدّ روبوتات pepper NAO أدوات فعالة في التشجيع على برامج التعليم ذات الطابع الفردي للطلاب من أصحاب الهمم، حيث يمكن أن يكون التعبير المحايد لدى NAO أحد الأدوات العلاجية للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة ليساعد في تعزيز ثقتهم ومهاراتهم الاجتماعية. وأظهرت دراسة استرالية أن تعامل الأطفال مع الروبوتات شبه البشرية يزيد من فضولهم ويعزز قدراتهم على التفكير النقدي والإبداع والتعاون ويزيد من مهاراتهم في التواصل. كما لاحظ المعلمون أن مهارات البرمجة تتحسن تلقائيًا لتتجاوز المستوى المتوقع من الأطفال فيما يتفاعلون مع العمليات الكهربائية والميكانيكية.
ومن الجوانب الشيّقة للطلب على الروبوتات، المساعدة التي توفرها من خلال التفاعلات عبر الفيديو للطلاب الذين يدرسون منزليًا أو الذين لا يمكنهم الحضور إلى المدرسة. روبوت Double 3 هو روبوت ذاتي القيادة بإطارين وشاشة لعرض مكالمات الفيديو، أدى إلى تغيير هائل في أسلوب التعلم عن بعد، إذ يمنح الطلاب والمدرسين شعورًا بالتواجد معًا في نفس المكان رغم عدم قدرتهم على الذهاب شخصيًا، ليساعدهم الروبوت المبتكر على الارتباط الوثيق بمدرستهم وصفهم.
من الجدير بالذكر أن أكثر من 13000 روبوت شبه بشري تستخدم بالفعل في مجموعة من المدارس والجامعات حول العالم، ومن المتوقع لهذا الرقم أن يرتفع بشكل ملموس في السنوات المقبلة. أما الخطوة التالية فتتمثل في تقييم التوسع في دمج تلك الروبوتات في النظام التعليمي لضمان عملها بالتناغم مع البشر. وفي ظل تجدد الابتكارات يوميًا، فمن المنطقي أن نتوقع استمرار استفادة قطاع التعليم من المستجدات في عالم الروبوتات والذكاء الاصطناعي.