مع اقتراب موسم الحج هذا العام، هناك الكثيرون من الناس يتوقون ويتشوقون لأداء شعائر هذه الفريضة العظيمة التي تهفو النفوس مدى الحياة على أدائها وتكرارها، ومنها الطواف حول الكعبة والصلاة في الحرم الإبراهيمي والإقامة بعرفات ومنى والمزدلفة وزيارة مسجد الرسول “صلى الله عليه وسلم” بالمدينة المنورة، والنظر إلى قبره والصلاة في الروضة الشريفة؛ خاصة أنه كان هناك حرمان للناس من هذه الشعيرة، ذلك خلال العامين الماضيين؛ نظرًا لانتشار حدة فيروس كورونا واتخاذ المملكة العربية السعودية كافة الإجراءات الاحترازية وقصر الحج على نفر بسيط من الناس؛ لمنع انتشار هذا الوباء اللعين؛ حماية لأرواح الحجاج.
وهذا العام أيضًا جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، كما تقول الحكمة؛ حيث أعلنت السلطات السعودية مؤخرًا قصر حج هذا العام على المقيمين داخل المملكة فقط؛ بسبب استمرار تفشي فيروس كورونا في العالم؛ مما أسقط في يد الكثيرين، وخبأ الحلم وانطفأ الأمل في صدورهم الذين كانوا يأملون أداء الحج والفوز بثوابه، على الرغم من أنهم ليس عليهم وزر، إذ لم يؤدوا هذا الركن من أركان الإسلام لأنه من استطاع إليه سبيلا.
ولكن هناك من يستطيع أن ينال ثواب الحج وثواب الصدقة هذا العام، وهم الذين يوجهون الأموال التي كانت سينفقونها على الحج، وخاصة الذين سبق لهم أداء هذه الفريضة، وذلك للمحتاجين والفقراء والمساكين، وعلاج المرضى، وتحمل تكاليف العمليات الجراحية لغير القادرين، ودفع أقساط الغارمين والغارمات، وإخراجهم من السجون، وتوفير احتياجات الزواج للفتيات غير القادرات، ومساعدة الأسر معدومة الدخل، وتحمل مصاريف أولادهم في التعليم، والتبرع للمستشفيات.. وغيرها الكثير والكثير من أوجه البر.
وذلك أجره عظيم خاصة أنه من المعلوم أن أداء الحج والعمرة – بعد المرة الأولى – يكون تطوعًا ونافلةً في التقرب إلى الله، وأن قواعد الشريعة وحكمة الله تعالى هو توجيه عباده إلى فعل الخير على أساس تقديم الأهم والأصلح؛ وذلك يقتضي مساعدة الناس الذين هم في مسيس الحاجة إلى ما يؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية، وأن الله ليس في حاجة إلى الطواف ببيته عدة مرات من شخص يترك إخوانه البائسين فريسة الفقر والجهل والمرض.
mahmoud.diab@egyptpress.org