انطلق يوم الخميس أول يوليو المهرجان الثقافي السنوي الذي تشهده مصر كل عام بافتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب. ويحتوي المعرض عادة على ما ينشر حديثا من الكتب وعلى طبعات جديدة لكتب نشرت من قبل بالاضافة لأمهات الكتب والموسوعات والدوريات .
ويستثمر المؤلفون الجدد هذا المهرجان الثقافي لعرض نتاج أفكارهم على القراء . وأتوقف هنا عند كتاب جديد لناشر جديد نظرا لقيمته وحيويته وهو كتاب ( فقه السيرة وظلال النبوة ) لأخي وصديقي الدكتور محمد أحمد النجار.
وبدأت فكرة هذا الكتاب القيم بنقاش ثنائي مع الدكتور محمد النجار حول كتابته لمقالات عن السيرة تنشر أسبوعيا في صحيفة وضوح الإلكترونية التي أتولى رئاسة تحريرها، واتفقنا أن نبعد عن السرد الذي نهجه الكثير من كتاب السيرة، ويا حبذا لو أمكن ربط بعض مواقفه وتصرفاته صلى الله عليه وسلم بالواقع الحالي الذي يعيشه المسلمون بما يساعدنا على الاقتداء بهدية ﷺ لمواجهة التحديات المصيرية التي تهدد هوية الأمة وتعرض وجودها للزوال، عملا بقول الإمام مالك بن أنس رحمه الله: ”لن يَصلُحَ آخرُ هذه الأمة إلا بما صَلَح به أولها “. ونقل الباحث بكر البعداني عن محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله وصفه لتلك العبارة القيمة بقوله: إنها ”جملة إن لم تكن من كلام النبوة، فإن عليها مسحة من النبوة، ولمحة من روحها، ووَمْضة من إشراقها” .
ومع قراءة ونشر سلسلة مقالات ( فقه السيرة وظلال النبوة) تحققت أن لأخي وصديقي الدكتور محمد أحمد النجار رؤية جديدة ومعتبرة في دراسة سيرة المصطفى ﷺ، ويتضح ذلك جليا في قوله (عندما ندرس السيرة النبوية فإننا ندرسها في سياق الرسالة الإلهية التي اختار الله لها النبي ﷺ ليستقبل وحي السماء هداية للبشرية أجمعين وأن طبيعة دور النبيﷺ أنه رسول مُؤيد بالوحي من الله. وأوضح الدكتور محمد النجار رؤيته قائلا : “أن عظمة رسول الله ﷺ ثمرة من ثمار نبوته قبل أن تكون عظمة إنسانية، وإن ما قام به من أعمال وفتوحات كانت من أوامر الله سبحانه وتعالى له، لذا نؤكد على أن دراستنا للسيرة النبوية تقوم على أساس دراسة السيرة كاملة كما عاشها النبي ﷺ ومُوحى إليه من ربه في كل حياته، وليست كما يريدها الغربيون على أنه مجرد تاريخ رجل عظيم منفصل عن وحي السماء بهدف الاتجاه بالمسلم بعيدا عن منهاج النبوة والوحي والرسالة”. مؤكدا أن أعداء الإسلام بذلوا جهودا كبيرة في عزل أبناء الأمة الإسلامية عن دراسة دينها وكتابها وسنة نبيها.
وتتضح رؤيته منهجه في دراسة السيرة بقوله : ” إن من دوافعي لكتابة سيرة نبينا ورسولنا محمد ﷺ تلك الهجمة الشرسة الجديدة التي زادت وتيرتها في الـ 21 على الإسلام والمسلمين بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حليفة الكيان الإسرائيلي اليهودي الصهيوني العنصري مستغلين الهزيمة النفسية التي أصابت الأمة وأدى إلى تسلل اليأس والقنوط خاصة إلى نفوس الشباب المسلم .
خاصة أن الأعداء الأمة يروجون أن سبب ضعف وهزيمة وتخلف المسلمين هو دينهم الإسلامي وشريعتهم الإسلامية، ومحاولة بث الكراهية في نفوس أبناء الأمة ضد دينهم الإسلامي، وليس ذلك سوى لإيمانهم بأن أسباب القوة الحقيقية للمسلمين تكمن في الالتزام الحقيقي بدينهم الإسلامي.
ولاحظت أن الدكتور محمد النجار صاحب هدف واضح فهو يرى أن دراسة السيرة النبوية ضرورية لفهم دين الإسلام فهما علميا نظريا وعمليا على منهاج النبوة، ويسعى للاستنباط من دراسة السيرة النبوية وأحداثها قواعدَ الدين الإسلامي، منها ما يتعلق بالاعتقاد واليقين، ومنها ما يتعلق بالتشريع والمعاملات.
ويتضح ذلك بتناول هذا الكتاب القيم ((فقه السيرة وظلال النبوة)) لحادث إسلام سيدنا عمر بن الخطاب الذي أخرج المسلمين من الدعوة السرية من دار الأرقم إلى الدعوة العلنية عبر أول مسيرة ( تظاهرة سلمية ) في تاريخ الإسلام، عندما قاد كل من سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا حمزة بن عبد المطلب صفا من المسلمين يتقدمهم الرسول الكريم ﷺ وساروا في شوارع مكة المكرمة من دار الأرقم حتى الكعبة.
كما لاحظت بعد نشر مجموعة من المقالات ما تميز به أخي الدكتور محمد النجار من عمق البحث حتى إنه كان يصل الليل بالنهار في الغوص في مراجع الثقاة لتدقيق المعلومات، بالإضافة لجزالة الأسلوب وحسن العرض والتحليل للمواقف والتواريخ والشخصيات فاقترحت عليه أن يجمع المقالات في كتاب كي تعم الفائدة، وبنية أن يكون صدقة جارية نحصد ثوابها بعد الوفاة، امتثالا لقول رسولنا الكريم ﷺ في حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.، وسعدت عندما رد بأنه كان يفكر جديا في نفس الأمر.
وأخيرا.. أنصح الجميع بقراءة هذا الكتاب، خاصة الشباب المسلم والمسيحي وكافة الأديان والمذاهب ودراسته دراسة متأنية، لما فيه من طرح جديد يتسم بالمصداقية، وكتابة معاصرة بأسلوب سهل جذاب يفهمه الجميع.
Aboalaa_n@yahoo.com