لدي قط شيرازي جميل. في الواقع لم تمر لحظة في حياتي إلا وعندي قط من سلالة ما. حصلت وزوجتي عليه كهدية عزيزة. إذا كنت لم تر قطًا صغيرًا أبيض أقرب لندفة من القطن أو غزل البنات يلهو في الشمس ويطارد كرة من الخيط، فأنت لم تر الجمال ولم تعرف السعادة بعد. لكن القط ينمو مع الوقت. لقد اعتدنا هذه اللحظة كذلك. تبدأ مشكلة تمزيق تنجيد الأثاث، ولديك مشكلة الشعر المتطاير في كل مكان والذي يتسلل لكل لقمة تأكلها، ويكسو القميص الأسود الذي ادخرته بعناية لحضور حفل زفاف داليا، وهناك مشكلة العواء والرشرشة جوار أركان المائدة، وكل المشاكل التي يعرفها محبو القطط. عندما يبلغ القط سن الزواج فهو يعاقبك لأنك لم تزوجه بعد.
في هذه اللحظة بالذات – كما اعتدت أنا وزوجتي – يقرر القط أن يهرب إلى الشارع، وعلى الأرجح يتزوج ولا نراه ثانية. هو يحل مشكلته بنفسه فنحن لم نتعمد ذلك. لكن القط الأخير في بيتنا جبان جدًا وبيتي جدًا. يكفي أن يرى الباب مفتوحًا لينكمش ويرتجف رعبًا. جربت مرة أن أخرجه من الباب وكانت النتيجة أنه حول كفي لشرائط دامية.
ما هو الحل بالضبط؟ لا أستطيع ان أجد له زوجة، ولو وجدت فهي تكفيه مرة. فماذا عن المرات التالية؟ هناك حل هو أن آخذه لتاجر الحيوانات الأليفة، لكني أعرف هؤلاء القوم. سيضعه في قفص بحجم هذه الصفحة، ويطعمه كل ثلاثة أيام سمكة زينة ميتة إذا ماتت واحدة. هل يتحمل هذا القط المدلل حياة كهذه؟
كانت هناك جمعية نسائية تعنى بالحيوانات الضالة، وهي مهمة شريفة جدًا. اتصلت بالسيدة الفاضلة سكرتيرة الجمعية لأعرض أن يستضفن قطي الشيرازي. مستعد لأن أدفع مبلغًا شهريًا مقابل الفندقة، أو إن كان بوسعها أن تجد أسرة كريمة تقبل أن تتبناه. لكنها قالت في برود ثلجي: “الناس تقتني القطط دون أدنى تحمل للمسئولية، ودون تفكير في الغد، ثم بعد هذا يكون الحل الوحيد هو التخلص منها”.
أقسمت لها أنني أبحث عن أسرة للقط، فقالت بنفس البرود: “لن تتصور الصدمة النفسية التي تحدث للقط لدى تغيير الأسرة”. ثم أضافت: “القطط لدينا في الجمعية قطط شوارع. بعضها أجرب وبعضها فقد ساقه وبعضها أعور. لن يتحمل قطك هذه الحياة”. كأننا نتحدث عن وضعه في إصلاحية الأحداث.
في النهاية قالت لي: إن الحل الوحيد هو جراحة الإخصاء. هكذا يهدأ القط بالاً ولا يتساقط شعره ويكف عن الرشرشة. هناك فتوى تؤكد أنها جراحة حلال لأنها توفر على القط أن يلقى به في الشارع. ثم أنها وضعت السماعة في كبرياء.
طبعًا لم أجد وقتًا كافيًا لأخبرها أنني لن أفعل هذا. لقد خلق الله هذا الكائن الجميل كي يتناسل ويأتي للعالم بقطط جميلة مثله، فلماذا أفسد أنا هذا التشريح المتقن؟ ولماذا أحرمه من الذرية؟ كنت في الماضي أبكي كلما شاهدت فيلم (الحصان الكهربائي) لروبرت ردفورد، عندما يهرب الفارس من السيرك بالحصان الذي يركبه في عروضه، لأنهم يحقنون الحيوان بالهرمونات حتى لا تكون له ذرية. يأخذه للمراعي الفسيحة ويطلق سراحه ليلحق بأسراب الخيول الراكضة، قائلاً: “لأنني والحصان صديقان فعلت هذا!”. أبكاني هذا المشهد كثيرًا فكيف أفعل الشيء ذاته مع قط؟ من السهل أن تكون رقيقًا سامي النفس وأنت تشاهد فيلمًا، ثم ترتكب كل الأخطاء عندما تتعامل مع الواقع.
إلى أن أجد الحل المناسب، خطر لي أن هذا الذي يحدث قريب جدًا مما يحدث في حياتنا. بالذات في عالم الشباب اليوم. الشاب يبحث عن كائن جميل يفتخر به أمام الرفاق. والفتاة تفعل نفس الشيء. المهم أن يكون حفل الزفاف مبهرًا وأن يرقصا ببراعة. وأن يبدو هو فارسًا وتبدو هي أميرة أحلام. لا أحد يفكر في الخطوات التالية ولا المسئوليات القادمة.
عرفت رجالاً انهارت أحلامهم عندما راحت الزوجة تقيء بسبب الحمل، وعرفت نساء تحطمت حياتهن لأن الزوج يريد أن يكون الطعام ساخنًا عندما يعود ليلاً. ثم تتزايد المسئوليات والمشاكل. ويكتشف الشابان أن الأمر لا يتعلق برحلة سافاري في شرم الشيخ فقط. بل وراءه جبل من المسئوليات المرهقة. لهذا يتم الطلاق في زيجات اليوم أسرع من الوقت الذي تشتري فيه قطًا.
عندها هل تتصل بسكرتيرة الجمعية النسائية إياها لتحل مشكلتك؟ هل تأخذين زوجك لمتجر الحيوانات الأليفة ليضعوه في قفص ويطعموه سمك الزينة الميت؟ لا أعتقد أن الحياة بهذه السهولة ..!