د. منى عثمان تكتب.. ذات لهفة

ناعم جدا….
كقطرة ماء تسبح في حرير حلم ….
كرفةِ جناح على رخام أملس….
كعناق عصفورين تحت زخات المطر…..
صاخب جدا…..
كشهقة لقاء بعد آماد شوق…..
كرنةِ نداء دوت في فضاء بعيد….
كزلزلة حاقت بسكون ليل…..
دافىء جدا……
كرشفة قهوة في مساء شاحب…..
كلمسة حب سرت في نبض تجمد من ألف عام…..
كقبلة ندى على خد وردة في الرمق الأخير…..
ثم هو قريب جدا……
حدّ التصاق الروح بخفق القلوب…..
واسع جدا…..
كمحيط لا عمق له ولا مدى…..
ولا شط لغرقى يستغيثون من دوامات موج وشهقات موت…..
هو ذاك الذي ملكني ذات لهفة…..
حين لم أدرِ كيف بنعومته تسلل إلى ليلي…..
ولا كيف بصخبه تزلزل سكوني…..
ولا كيف بدفئه أحاط قلبي…..
أو كيف بقربه عانق نبضي الشارد…..
ثم كيف بغرقه أصاب الروح مني…..
وأسلمني للتيه قربانا لنصره……
وراح يسطر في قائمة زهوه…..
….كيف استقطب نجمته المحالة
وفي جوف الصمت تسري قهقهات امتلاكه…..
حين على جدران قلبه خط قاموس الهوى…..
وراح يحصي كم من الليلات بات ينزفه اشتياقه…..
وكم ترقب طائري المحلق حيث لا يطاله…..
أنا لست أنكر أني أُصبت بسهمه…..
وغيبتني في ضفافه سكرة الشوق لنبضه…..
ثم في خضم تيهي أدركت خطره…..
وإلى البعد عن مداه وجهت خطوي…..
ياكم غشاني الموت وأنا أقاوم خمر شغفه…..
وأستعيد الحلم منه كي أمحو أثره…..
ناعم أنت كنت…..صاخب أنت كنت
دافىء أنت كنت…..وقريب أنت كنت
لكنك في محيط غرقي حاولت قتلي…..
واستبحت متاهتي ثمنا لزهوك…..
وأنا من خضم الموج نادمت غرقي…..
…..وها أنا من قبضة الزيف أسترد قلبي !!