بقلم / الدكتور أشرف عطيه رئيس مجلس إدارة شركة أوميجا سوفت
إن الثورة الصناعية الرابعة والتي ترتكز على العلم والابداع والابتكار وتشابك العلوم واتخاذ تكنولوجيا المعلومات والحاسبات والاتصالات محورا لها في التطبيق والابتكار لكثير من المجالات
قام علماء تكنولوجيا النانو بتصميم أجهزة صغيرة ودقيقة جدا لتستخدم في مجالات كثيرة وأهمها الطب بشكل كبير فمثلا قاموا بتصميم شرائح دقيقة جدا بديلا عن جهاز ضربات القلب العادي وتساهم هذه التكنولوجيا أيضا في تصنيع الأدوية وعلاج أمراض خطيرة كالسرطان بجزيئيات الذهب و في السيطرة على الحمل بمنع الحمل من خلال شريحه اليكترونية دقيقة يتم وضعها تحت الجلد ولا ترى بالعين المجردة ويمكن التحكم فيها بأوامر الكترونية من خلال الاشارات عن بعد في تفعيلها او انهاء فعاليتها ولمدة 16 عام وذلك بإصدار هيرمونات لمقاومة الحمل ويتم توقف هذه الهرمونات حسب الرغبة في الحمل.
وتكنولوجيا النانو هي تكنولوجيا وعلم يهتم بدراسة عملية معالجة المواد بالاستعمال الجزئي والذري ، وتقاس هذه التقنية بالنانو ميتر والذي يعتبر جزء من أجزاء المليون المتواجدة في الملليمتر 1 على مليار من المتر، فهي تحتاج بالتالي إلى أجهزة دقيقة جدا من جهة حجمها ومقاييسها وطرق رؤية الجزيئات تحت الفحص.
والعبقرية في هذه التكنولوجيا أنها تتعامل مع الابعاد المتناهية الصغر لأن خواص المواد تتغير عندما تكون بأبعاد النانو فمثلا الذهب الاصفر عند تقطيعة لحبيبات اقل من 20 نانو تصبح شفافة ولو اصغر تتغير الى الاخضر ثم الاحمر او الأورانج .
وبدأت تكنولوجيا النانو في الثمانينات من القرن الماضي بعد اختراع مجهر المسح النفخي والذي يكبر الى 100 مليون مرة .
ومن استخدامات تكنولوجيا النانو أيضا تصميم ريبوت صغير جدا يتم بلعه لمعالجة الاعضاء المريضة بالجسم بالمادة الفعالة فيه وارسال اشارات عن حالة الجسم للأجهزة التي تتحكم فيه ، ويتم أيضا تصميم روبوت يهاجم الفيروسات وحتى الخلايا السرطانية داخل الجسم ليقضي عليها .
وريبوتات النانو سيتم حقنها بجسم الانسان لمعالجة الكثير من الامراض ، وكم لنا أن نتخيل أسطولا من روبوتات النانو الطبية والتي يمكن حقنها في الدم أو ابتلاعها لتعالج الجلطات الدموية والأورام والأمراض المستعصية.
ويمكن ادخال الريبوت الدقيق بفتحة لاتزيد عن رأس الدبوس لعمل عملية جراحية دقيقه في جزء معين من الجسم .
وتستخدم هذه التكنولوجيا أيضا في الطباعة ثلاثية الابعاد بطباعة خلايا حية عن طريق صناعة انسجة وتشكيلها من خلايا وزرعها داخل الجسم مثل الكليه والقلب وليس فقط الخلايا بل يمكن طباعة غضاريف والعظم والجلد .
ومن استخدامات هذه التكنولوجيا أيضا التشخيص الدقيق للأمراض من خلال ارسال البيانات من الجسم والتي ستكون متاحة على الحوسبة السحابية ولن يعتمد على الشاشات ولوحة لمفاتيح بل هناك خوارزميات معقدة جدا بتحويل تلك البيانات والاشارات الى صورأو فيديو ثلاثي الابعاد او الهولوجراف وهو عبارة عن رسم لوحة حية كما لوكانت حقيقية .
والأخطر ان التكنولوجيا تطورت جدا في دراسة وتحليل الجينات DNA وخريطة الجينات ( الجينوم ) وببساطة خريطة الجينات هي لغة البرمجة التي تخص الخلايا في الجسم والموجودة على شريحة الكترونية دقيقة تحتوي على كل البيانات والمعلومات الخاصة بتلك الخريطة والتي تتحكم على سبيل المثال في اللون والصوت والامراض ويتم استعراضها والتعرف على المشاكل الصحية ومقاومة الأمراض قبل حدوثها .
والجدير بالذكر أن تكنولوجيا النانو تستخدم في العديد من المجالات الأخرى منها الزراعية والبيئية والصناعية والمجالات العسكرية والأمنية والتي لعبت دورا كبيرا في أحداث الثورة التكنولوجية والتي تسمى بالثورة الصناعية الرابعة .
والسؤال الان هل نحن سنتواكب مع هذه التكنولوجيا أم سنقف متفرجين لسباق سريع لايتوقف ابدا ، وفي الحقيقة نحن نحتاج الى تطور كبير في القطاع الصحي والفريق الطبي خاصة و قطاعات الصناعة والتعليم والبحث العلمي للتناغم والتفاعل مع التكنولوجيات الحديثة.