لقد أدرك المصريين القدماء أن نهر النيل هو رب الحياة التي خلقت حضارتهم، لذا نظروا له بعين القداسة، وخصصوا له عددا من الأرباب أشهرهم الإله “حعبي”، والذي يمثل فيضان النيل سنويا، ومصدر الحياة الأولى عموما “بداية الخلق” ومصدر الحياة الأولى للمصري القديم، وقد وصف بـ”سيد القرابين”
وكان أهم دورًا له كمعبود تجسيد فيضان النيل، لذا جاء ذكره كثيرا فيما يعرف بـ”أناشيد النيل”، وضمن فقرات في “نصوص التوابيت”، كما أُطلق عليه أيضا “سيد الفيضان” و”رب أزلي” و”خالق” و”رب الأرباب” و”أقدم الأرباب”، كما وصف بـ”سيد الكل”، الذي يحدث التوازن في الكون.
وإذا عرفنا أن مساحة المناطق التي تعتمد على مياه نهر النيل تصل إلى 2.87 مليون متر مكعب، وأن 300 مليون نسمة، هم سكان دول رواندا وبوروندي وتنزانيا وكينيا والكونغو وأوغندا وأثيوبيا وإريتريا إضافة إلى السودان ومصر، يقتسمون مياه ذلك النهر، وأن العديد من تلك الدول تواجه نزاعات مسلحة مع جاراتها،
سيمكننا أن نفهم الطابع المعقد لهذه المسألة. مما ساعد على إبقاء النهر يتدفق شمالا نحو مصر بدلا من التوجه غربا نحو المحيط الأطلنطي أو شرقا نحو البحر الأحمر ليتشكل نهر النيل- أطول أنهار أفريقيا- ويغذى الوديان بشمال إفريقيا. ويحدد مسار الحضارة الإنسانية ليعتبره المصريون القدماء مقدسا ومصدرا للحياة وأن النيل هبة الحياة.
ورغم أن الأنهار طويلة العمر تتغير بمرور الوقت إلا أن نهر النيل ظل مستقرا وبات أمرا غامضا عبر زمن طويل. لأنه بدون التدخل البشرى يصعب قيام حضارة حيث أن الحضارة هي نتيجة تفاعل الجماعة الإنسانية مع البيئة ،فالنيل هو مصدر الرخاء الذى أمد البلاد بالطمى والماء فيسر للمصري قيام الزراعة وهو جزء من البيئة المصرية ،والأنسان هو الذى قام بتنظيم الإفادة من النيل في فترات ارتفاع الفيضان وانخفاضه لذلك فان: “مصر ليسة هبة النيل فقط بل إنها هبة فطنة أجدادنا وجهادهم واجتهادهم.
فإن ما يحدث الآن بنهر النيل من إلقاء المخلفات والحيوانات النافقة به بواسطة المواطنين أمر خاطئ تمامًا، حيث انهم جاهلين أن ذلك يؤذيهم أيضًا حيث أنهم يشربون من تلك المياه التي يلوثونها يوميًا. غير الذين يردمون النيل ويضيقون الخناق عليه فكل ذلك يؤثر بالسلب على مصر وعلى صحة المواطنين التي لن يشعر بها أحد إلا عندما يفقدها،
فنهر النيل هو سبب ازدهار حضارة مصر الكبيرة والواسعة التي يتحدث عنها الجميع، فهو شيء مقدس يجب أن نحافظ عليها كلنا من أي أذى يلحق به، حتى لا نتضرر جميعًا فيما بعد. أهمية نهر النيل تاريخياً وجغرافياً نهر النيل هبة عظيمة ويمد مصر وكل الدول الأخرى بهبات أخرى فله فضل عظيم على كل الدول التي يمر بها والتي يجب ألا يجهلها نتذكرها دائما. أولها المياه التي هي أساس وسر كل كائن حي أيضًا هي السبب في زراعة الأرض، التي اكتشفها الإنسان منذ قديم العصور فتسببت في زراعة مساحات شاسعة من مصر على ضفاف هذا النيل يأمل الإنسان من خيراته ويقيم الحضارات على ضفافه.
فبفضله أصبح أراضي مصر جاهزة للزراعة، وأصبحت تربتها تربة خصبة رائعة بها كل المكونات اللازمة لزراعة الأرض زراعة طبيعية تعطى أفضل النتائج وهي التي تفتقر إليها دول كثيرة ودول عظمى. وأيضًا فيضان النيل الذي أعطى مصر ما نسميه الطمى، والتي بنى عليها الإنسان المصري المدن والقرى والحضارات.
فلك أن تتخيل مصر من غير هذا النيل العظيم، حيث أن مناخها معروف بالجفاف وقلة المياه فاستفاد قدماء المصريين من هذا النيل استفادة كبرى لينهضوا بمصر.
وكانوا مبدعين في ذلك فكانوا يأتون على ضفاف النهر بجانب النهر يحفرون الحفر الكبيرة والعميقة، حتى إذا فاض النيل تمتلئ بالمياه، حتى يستفيد بها في فترات الجفاف. وكان يعتمد المصريين القدماء على هذا النيل كل الاعتماد في الانتقالات والطعام. ومما يعكس لنا أهمية هذه النيل عند قدماء المصريين ممارساتهم الدينية عليه.
فكانت هناك عروس النيل التي كانوا يلقونها فيه اعتقادًا منهم أنها السبب الذي يفيض النيل من أجله. وأيضًا نهر النيل واحدا من أطول واشهر أنهار العالم وأفريقيا لنهر النيل تأثير بالغ على مصر خاصة في الزراعة والمعتقدات الدينية.
أسباب تلوث نهر النيل من المعروف لنا جميعا أن تربة جميع الأراضي التي بجانب نهر النيل صالحة للزراعة، وبها كل المكونات اللازمة لذلك حيث أن نهر النيل من أكثر الأنهار عزوبة وغزره، لكن للأسف مصر من أكثر الدول التي تؤثر سلبًا على نهر النيل بسبب عوامل كثيرة منها: – مركبات كيميائية سامة وخطرة جدًا وهي كالمعادن الثقيلة التي يصعب أن تتفكك وتتحلل وتعرف بالنفايات الصناعية ويزداد تأثيرها خطورة عندما ترمى ساخنة في النهر، فإن تأثيرها السيئ على النهر يتضاعف وهي مثل (الزرنيخ والكادميوم والزئبق والرصاص) ومن تأثيراتها الخطيرة على النهر.
هناك ما يسمى بالتقنية المائية الذاتية التي تقوم بها البكتريا الهوائية، فإن هذه النفايات تقوم بهلاكها وقتلها مما تفتقد المياه لهذه الخاصية، أن هذه المواد سامة جدًا وبجانب أنها تفقد الماء خاصية التنقية الذاتية المائية، هي أيضًا تنتقل إلى الإنسان من خلال الأسماك والمياه وتسبب له الكثير من الأمراض.
كانت المياه الآتية من أعالي هضبة الحبشة والمتجهة شمالاً والتي يرجع تاريخها لأكثر من عشرين ألف سنة قبل الميلاد سريعة متدفقة يغلب عليها طابع الفيضان، فلم تكن تلك المياه قد حفرت حوضها الذي لم نكن نعرفه بعد. وعلى ذلك لم يكن بمقدور الإنسان العيش على مقربة منها، فقد كانت آنذاك عامل طاردًا وليس جاذبًا للإنسان، مما اضطره إلى اللجوء إلى الصحراء ليعيش فيها كبدو يعتمد على الترحال من مكان إلى آخر باحثًا عن المأكل والمشرب مما تقدمه له أرضها. فقد عاش جامعًا لقوته وليس منتجًا له، يشرب المياه الجوفية أو مياه الأمطار المتجمعة، ويأكل النباتات التي تنمو حولها. فإذا جفت أماكن تجمع المياه ونضبت تربتها جمع حاجياته البسيطة وانتقل إلى مكان آخر تتوفر فيه تلك المعطيات. وقد انعكست حياة البداوة هذه على العناصر الأساسية للحياة المجتمعية.
متمثلة في السكن الذي لم يتعدى العشش البسيطة غير المعقدة. ثم المقبرة – والتي سوف يكون لها شأن كبير منذ عصر ما قبل الآسرات وحتى نهاية العصر المتأخر – التي كان يوضع فيها المتوفي كما هو دون حفظه بصورة أو بأخرى حيث أنه لم تكن تلك العلاقة قد نشأت بين عالم الأحياء وعلم الأموات، والتي سوف يكون لها شأن كبير فيما بعد، بداية مع الاستقرار، ثم يأتي العنصر الثالث المهم، وهو بداية التفكير العقائدي حيث أثرّت حياة الصحراء الشاسعة وقدوم الليل وظهور الحيوانات المفترسة أو التي تمتلك صفات أخرى، ثم السماء بنجومها وكواكبها المتلألأة في تفكير الإنسان، وكلها قدرات وظواهر تفوق قدرة الإنسان مما جعله يبدأ في التفكير بوجود قوة خفية تفوق قدرة الإنسان، وتؤثر وتتحكم فيه.
ومع النحر الذي سببته المياه المتدفقة شمالاً تكون ذلك المجرى الذي نعرفه اليوم وانحصرت داخله المياه، فهيأ ذلك للإنسان الاستقرار على ضفتيه في شمال وجنوب البلاد، وكوّن أول جماعات بشرية مستقرة تحولت إلى جماعات منتجة لقوتها وليست جامعة له. ومنذ تلك اللحظة يمكننا التحدث عما نسميه بالحضارة، والتي انشقت منها هذه الكلمة المأخوذة من كلمة الحضر أي الأماكن الآهلة بالسكان المستقرين. كل ما تركته هذه الجماعات في أماكن استقرارها سواء في الجنوب أو الشمال أسميناها بحضارات ما قبل التاريخ أو ما قبل الآسرات (خمسة آلاف عام قبل الميلاد).
ومن أهم نتائج دراسة هذه الحضارات اكتشاف سلالتين بشريتين إحداهما تنتمي لحضارات الجنوب حيث أثّر عليها الجنس الحامي الأفريقي، والتي كانت صفته المميزة الجمجمة بيضاوية الشكل، في حين اكتشفت السلالة الأخرى في دفنات الشمال حيث أثّر عليها الجنس السامي حين نزحت موجات بشرية من آسيا وآسيا الصغرى واستقرت في شرق الدلتا، ثم سادت شمال البلاد، والتي كانت صفتها المميزة من خلال الجمجمة المستديرة المميزة للجنس السامي.
فعند هذه الفترة بدأ المصري القديم يهتم بالمقبرة محاولاً الحفاظ على جثة المتوفى بالرغم من عدم معرفته بطرق التحنيط التي عرفها في وقت لاحق كما بدأ يضع مع المتوفي بعض الأدوات والأواني الفخارية التي كان يستخدمها أثناء حياته.
ولقد آثرّت فيه ظاهرة التكرار حيث لاحظ أن الظواهر الطبيعية من حوله يغلب عليها صفة التكرار مثل الليل والنهار وفيضان نهر النيل الذي يأتي في وقت ثابت من كل عام، كما أن موسم الحصاد ثابت يتكرر كل عام، ومن هنا بدأ في التفكير بأنه هو نفسه يكون جنينًا في بطن الأم، ثم يولد طفلاً يكبر ثم يصل إلى مرحلة سنية معينة يموت بعدها حيث اقتنع بأنه هو نفسه، والذ يعد جزء من هذه المنظومة لابد له أن يبعث مرة أخرى لتكرر حياته تمامًا مثلما يحدث مع بقية الظواهر.
ومن هنا بدأت تترسخ له فكرة البحث والاهتمام فيما هو بعد الموت، فاتحاد شطري البلاد مع بداية عهد الآسرات، والتي كلل له النجاح على يد الملك نارمر، وتكوين أول دولة متحدة كان في الواقع توحيدًا لكل من الجنس السامي والحامي ليتمخض عنهما جنسًا جديدًا ألا وهو الجنس المصري الذي يعيش على هذه الأرض منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا. ويبدأ عصر تاريخ المصري القديم مع تأريخنا لأول أسرة حكمت العصر الفرعوني وهي الأسرة الأولى، ولذا عرفت تلك الفترة أيضًا بعصر الآسرات.
إن تطور المقبرة الملكية منذ عصر الأسرة الأولى يعد بمثابة تطور للحضارة المصرية القديمة، وتتميز فترة الأسرة الأولى والثانية، والتي عرفت بالعصر العتيق (3000 – 2780 ق.م)، بأن مقابر ملوكها أخذت شكل الدرجة المبنية من الطوب اللبن والتي عرفت بالمسطبة.
ومع نهاية الأسرة الثانية بدأ المصري القديم يستخدم الحجر الجيري في بناء بعض أجزاء المسطبة والتي تمثلت في غرفة الدفن، حيث أنها أهم الأجزاء التي تساعد على الحفاظ على جثة المتوفي.
وقد شاء التاريخ أن يهب مصر في هذه الفترة ملك له أفكار فلسفية دينية متطورة سوف تكون لها مدلولاً عظيمًا فيما بع، وهو الملك زوسر بجانب مهندسًا معماريًا عظيمًا كان أول من شيّد بناءً كاملاً من الحجارة ألا وهو المهندس والطبيب والفليسوف إيمحتب، والذي ذاع صيته فيما بعد حتى أنه عبد كإله بعد سبعمائة عام من هذه الفترة، أسس زوسر الأسرة الثالثة لتبدأ فترة انطلاقة جديدة عرفت بعصر الدولة القديمة (2780 – 2270 ق.م).
بدأ زوسر في بناء مقبرته على هيئة مسطبة وصل ارتفاعها 8 م على غرار مقابر الملوك السابقين، ولكنها بنيت من الحجر الجيري على النحو المبين سلفًا، كما أحاط إيمحتب المقبرة وملحقاتها بسور وصل ارتفاعه لأكثر من 20 مترًا، ولهذا السبب كان لزامًا عليه التفكير في الارتقاء بهذه المسطبة إلى أعلى كي يتسنى رؤيتها من خارج السور، وهو ما أدى إلى التفكير في بناء ثلاثة مساطب أخرى فوقها، وهو ما حدث بالفعل، وهنا نتعرض للأسباب التي أدت إلى تطور المقبرة الملكية من كونها مسطبة فوق سطح الأرض إلى هرم مدرج،
وبالتالي كان السبب الأول والمنطقي وهو ما يسمى بالسبب الفعلي، هو الارتفاع بها كي يمكن رؤيتها من خارج السور، ولكن هنا تدخلت العقيدة والديانة في فكر الملك ومهندسه إيمحتب، فالملك الحاكم الذي هو في نفس الوقت بمثابة الإله، عندما يموت ويدفن تحت هذا الشكل المعماري، والذي لم يتحول إلى هرم كامل بعد، تصعد روحه إلى أعلى لتتحد مع رب الآلهة “الإله رع” ويذوب فيه ليتحولا لوحدة واحدة، وقد بدى جليًا أن هذا الشكل الهندسي الشبه هرمي سوف يساعد ويسهّل صعود الروح إلى أعلى!!
ومن هنا بدأ التفكير في بناء مسطبة خامسة وأخرى سادسة بهدف الاقتراب أكثر وأكثر بقدر المستطاع من السماء. وقد حققت فكرة الشكل الهندسي هذا للمقبرة الملكية نظرية كان يؤمن بها المصري القديم تمام الإيمان خلال هذه الفترة، وهي التي تتلخص في أن الشكل الهندسي الهرمي المكون من أربعة مثلثات ينتهي به الأمر عندما تلتقي رؤوسها في نقطة واحدة،
وهي قمة هذا البناء، والتي تشير كسبابة إلى أعلى، وهو أبلغ تعبيرًا وتجسيدًا منطقيًا لفكرة عبادة الإله الأوحد، والتي آمن بها المصري القديم في واقع الأمر منذ فجر التاريخ، وليس كما يعتقد البعض قد أتى بها اخناتون خلال النصف الثاني من الأسرة الثامنة عشر. إن الجديد الذي أتى به اخناتون هو أنه أعلنها صراحة بأنه لا يوجد غير إله واحد وهو الإله “أتون” الذي هو في نفس الوقت صورة من صور الإله “رع”، والذ عرف بأتون منذ عصر الأسرة الخامسة، حيث ذكر في سياق نصوص الأهرامات بهذا الاسم. فالمصري القديم، قد أمن بوجود إله واحد منذ الدولة القديمة، وكل تلك الآلهة والمجموعات الإلهية التي نعرفها ما هي الإ الصفات العديدة والمتعددة للإله الأوحد الذي أسماه المصري في كل العصور “نترعا” أي الإله الكبير أو العظيم.
وصلت فكرة علاقة المقبرة في شكلها الهرمي إلى أعلى مراحل التعبير عن الفكرة خلال الأسرة الرابعة مع تحول الهرم المدرج إلى هرم كامل حيث كسيت أسطحه الخارجية بكساء سميك من الحجر الجيري ليسهل سقوط الضوء من أعلى إلى أسفل من ناحية، ومن ناحية أخرى ليسهل ذلك على انعكاس الضوء على الأرض في الاتجاهات السموية الأربعة.
كما أن هذه الفترة ومنذ بداية عصر الآسرات ترسخت فيها فكرة الملك الإله، وليس كما يذكر البعض الملك المؤله، فالملك الإله أصله إلهي، أما الملك المؤله فهو إنسان اكتسب الصفة الإلهية، وبمعنى أخر يمكن القول بأن المصري القديم قد اقتنع بأن الإله قد نزل الأرض وتقمص الشكل الإنساني في صورة الملك الحاكم.
وقد كان لرسوخ هذه الفكرة واقتناع الشعب بها أن وهب حياته وكرسها إذا تطلب ذلك، من أجل هذا الحكم والكيان الذي نفضل تسميته بالحكم الملكي الإلهي المركزي، والذي كان سببًا جوهريًا في تطور وازدهار الحضارة المصرية القديمة خلال هذه الفترة لتصل بنا إلى أولى أعلى مراحل التقدم والازدهار خلال هذه الفترة وحتى الأسرة الخامسة.
ولكن مع زيادة بزوغ فكرة عبادة الإله رع منفصلاً عن الملك الحاكم وبتشجيع من كهنته، بدأ الاهتمام أكثر وأكثر بعبادة رع، مما اضطر الملوك إلى مسايرة الأحداث وتحولهم إلى ملوك بشر يعبدون الإله رع حتى أن بعضهم وتقربًا منهم للإله رع قد اعتبروا أنفسهم كبار كهنة الإله رع. وقد استمر ملوك هذه الفترة في بناء المجموعات الهرمية مثل سابقة، والتي تتكون من معبد وادي وطريق صاعد ومعبد جنائزي لتنتهي بالهرم، ولكن تحول الاهتمام في هذه المجموعات بالفناء المفتوح الذي يتوسطه عمود حجري قمته في صورة هُريم عرفت بالمسلة، والتي ترمز لعبادة الإله رع، والتي كانت بمثابة عرض الإله الذي يستقر على قمته (قمة المسلة).
لقد استمر الملوك خلال هذه الفترة في بناء مقابرهم ضمن هذه المجموعات في شكل الهرم، ولكن قل اهتمامهم بها، وأصبح أهم جزء في هذه المجموعات الفناء المفتوح بهدف تيسير دخول ضوء الشمس إليه، والذي تتوسطه المسلة.
ولكن … وفي نفس الوقت كان انهيار فكرة الحكم الإلهي المركزي هو السبب الرئيسي في انهيار الدولة القديمة لتدخل البلاد عصرًا من الفوضى والتفكك عُرف بعصر الاضمحلال الأول، والذي انقسمت فيه البلاد إلى دولتين، ولأول مرة منذ أن وحدها مينا مع بداية الأسرة الأولى.
ولقد كان إعادة توحيد البلاد مرة أخرى في الأسرة الحادية عشر، وهي الفترة التي عرفت بعصر الدولة الوسطى يرجع في الأصل لفكرة جديدة تعيد إلى الذاكرة علاقة الملك الحاكم بالإله، ولكن هذه المرة ليست في صورتها القديمة، والتي عرفت بفكرة الملك الإله، والحكم الملكي الإلهي المركزي، ولكن اعتبر ملوك الدولة الوسطى وعلى رأسهم مؤسسها منتوحتب بأن الملك الإنسان عندما يموت يتحول في العالم الآخر إلى الإله أوزوريس حاكم هذا العالم.
وبذلك اكتسبت صفة إلهية جديدة، ولكن في ثوب جديد، والتي لها مكانة خاصة عند المصري القديم، لأن هذا الإله “الإله أوزوريس” سوف يحكم الحياة الأبدية التي كرس الإنسان حياته على الأرض من أجلها.
وهكذا، اجتمعت عدة أسباب منذ فجر التاريخ مرتبطة بالإنسان والأرض في هذه البقعة من المعمورة خاصة لتولد من خلالها أقدم وأعظم حضارة عرفتها البشرية، وبالرغم من انهيار الدولة المصرية القديمة مع نهاية أول مرحلة ازدهار لها مع نهاية الأسرة السادسة إلا إنها سرعان ما أفاقت من كبوتها لتكمل المسيرة وتتطور لتصبح أكبر وأهم إمبراطورية في العصر القديم خلال الأسرة الثامنة عشر والتاسعة عشر. وخير دليل على ذلك الآثار العظيمة التي خلفتها لنا تلك الفترة من معابد ومقابر وكنوز نفيسة أبقى عليها الزمان خير دليل على أعظم حضارة عرفتها البشرية.
أن التاريخ يعد أحد العناصر الحاسمة في الفصل في هذه الادعاءات، مشيرًا إلى أن عصر بناة الأهرامات في الأسرة الرابعة كان في عام2670 ق.م، بينما قدم اليهود إلى مصر في القرن السابع عشر قبل الميلاد، أي أن هناك فرق 980 سنة بين العصرين، أي أنهم قدموا في نهاية الدولة الوسطى، أن الأشخاص الذين كانوا يسكنوا الصحراء أنهم حينما اقتربوا من النهر وجدوا المستنقعات وأنهم بذلوا مجهود كبير في تجفيفها، لافتة إنها بناءًا على ذلك فإنه يمكن الرد على مقولة المؤرخ هيرودوت أن مصر هبة النيل، بأن الحضارة المصرية هي هبة المصري مع وجود النيل نظرًا لأهمية المياه في التنمية والتطوير.
فهناك مقولة أخرى له مهمة شملت الجانب الديني والاقتصادي في الحضارة المصرية القديمة، كما أنها تُكمل هذه المقولة السابقة، وهي أن “مصر هبة النيل ومعبد الرب وصومعة العالم”، مشيرًا إلى أنه من المعلوم أن مصر في العصر المطير كانت بالفعل صومعة العالم، متوجهًا بالتساؤل إلى دكتور حازم مفاده هل يمكن الفهم من خلال المحاضرة أن مصر تعرضت بعد أن كانت دولة واحدة للانقسام ثم توحدت مرة أخرى؟.
أن الحضارة القديمة هي جزء أصيل من الهوية المصرية. أن الهرم الأكبر رغم أنه كان في الدولة القديمة كان يمثل أكثر فترة ازدهار مرت بها هذه المرحلة، مضيفًا بأن التقدم الذي يشهده الهرم في علوم الفلك والبناء والكيمياء والفيزياء هي مجرد أسرار وكثير منها لا يعلمه أحد،
أن الحضارة المصرية تعد مثال على أن الملك المنتصر لم يسع إلى طمس هوية من قبله ولكنه استعار رموزه، وكل رموز الشمال كانت من ضمن الرموز الملكية لفرعون، وظلت عقدة السيمتاوي مثال للرابطة التي تربط إقليمي مصر دون أي استعلاء أو قمع للشخصية الأخرى، مشيرًا إلى أن ذلك كان سببًا مهمًا في الحفاظ على وحدة وسلامة الدولة.
أن الأسرة الأولى تبدأ من عام 2900 ق.م في العصر العتيق حيث أخذت حوالي 250 سنة، بينما الأسرة الثانية أخذت حوالي 300 سنة، ومن ثم فإن إجمالي العصر العتيق 450 إلى 500 سنة، وفيما بعد ذلك كانت بداية الأسرة الثالثة مع بداية عصر الدولة القديمة عام 2654 ق.م، أن التاريخ ما بين الأسرة الأولى والعصر الحالي 5000 سنة على بداية الحضارة المصرية القديمة، منوّها أن بمرور القرن الحالي يكتمل 5000 سنة على قيام الحضارة المصرية القديمة بمفهومها الحضاري.
أن الهجرات في عصر ما قبل التاريخ يمكن تلخصيها في الهجرات السامية التي أتت من آسيا وآسيا الصغرى، أن الجنس السامي هم الذين استقروا في شرق الدلتا ثم في الدلتا بأكملها، وحول العلاقة فيما بين الجنس السامي والجنس العربي الذي كان متواجد في آسيا وآسيا الصغرى، إذا كانت المياه عصب الحياة ويستحيل العيش من دونها، فإنها في الوقت نفسه، وبسبب ندرة توفرها والحاجة إليها، أصبحت مصدراً للنزاعات والحروب، واستخدمت كأداة نفوذ وإملاء إرادات على مرّ التاريخ. لكن تطور العلوم والتكنولوجيا وتعاظم الحاجة إلى استخدام المياه، جعلها محوراً للصراع الاجتماعي والسياسي الذي ازداد تأثيره تدريجياً على مستوى العالم كلّه، بسبب زيادة استخدام المياه فضلاً عن عدم ترشيده والاستفادة منه على نحو عقلاني، وشحّ بعض المنابع وجفافها. سواءً في الدول التي تملك المصادر الكافية من المياه أو الدول التي تريد زيادة مواردها منها وتأمين استمرارها.
مع دخول العالم، القرن الحادي والعشرين بدأت تتضح معالم عجز عالمي كبير في الموارد المائية، حيث تقدّر كمية المياه الكلية في العالم نحو 1386 مليار متر مكعب، تؤلف المياه العذبة منها نحو 5 .2% فقط، موزعة توزيعاً متبايناً في أنحاء العالم، وتشكّل الدول العربية منها 058% فقط مصادر للمياه المتجددة .
ولعل هذا النقص في الموارد المائية المترافق بسوء نوعية المياه بسبب التلوّث والتأثيرات السلبية الأخرى، حيث طغت المياه المالحة، خلق عجزاً مائياً كبيراً، ومع ارتفاع حجم التعداد السكاني وشحّ الموارد وزيادة الاستخدام ازدادت الهوّة على نحو شاسع بين ما هو متوافر وما هو مطلوب.
في حين أن إثيوبيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وكينيا ومؤخراً بوروندي، وقّعت على الاتفاقية وتمنع مصر والسودان عن التوقيع. وبانضمام بوروندي إلى اتفاقية الإطار التي اعترضت عليها مصر والسودان المتضررتان الأساسيتان من الاتفاقية ستجرّد مصر من حقها في النقض (الفيتو) على مشروعات الدول المتشاطئة للنهر، ذلك الذي حصلت عليه العام 1929 بواسطة اتفاق وقعته عنها يومذاك بريطانيا بصفتها دولة الانتداب .
وبموجب اتفاقية الإطار هذه يحق لبرلمانات الدول الستة الموقعة إنشاء “لجنة دول حوض النيل”، الأمر الذي يلغي أو يبطل مفعول اتفاقية العام 1959 التي ضمنت لمصر والسودان حق الانتفاع ب 90% من مياه نهر النيل، مع ضمان حق مصر في النقض (الفيتو) . هكذا يكون بإمكان الدول المتشاطئة بانضمام بوروندي اعتبار الاتفاقيات السابقة لاغية وكأنها شيء لم يكن، لأن إبرامها كان قد تم مع دولة مستعمِرة باسم دولة مستعمَرة (بريطانيا- مصر)، كما أن الزمن قد تجاوزها، لاسيما وأن احتياجات سكان البلدان المتشاطئة قد تضاعفت، ناهيكم عن التغييرات المناخية، وهو التبرير الذي تقوده إثيوبيا إزاء حماستها للتوقيع على اتفاقية الإطار . ولعل الأخطر من ذلك هو ما تخطط له دول حوض النيل لإنشاء سد مائي يمكنه أن ينتج طاقة كهربائية بمعدل 60 إلى 80 ميغاوات لتزويد رواندا وتنزانيا وبوروندي بالطاقة.
وكانت إثيوبيا قد سبق وحصلت على تسهيلات من “إسرائيل” لبناء ثلاثة سدود على نهر النيل، مقابل تقديمها تسهيلات تساعد على هجرة اليهود الفلاشا إلى “إسرائيل”. مع العلم أن الكيان الصهيوني يعرف جيداً ماذا يعني النيل “هبة السماء” لمصر، فهو يشكل عماد الحياة الاقتصادية والاجتماعية منذ الأزل، ولهذا فإن حرمان مصر من هذا المصدر الأساسي سيعني تعطيل قدراتها التنموية على جميع الصُعد.
والجدير بالذكر أن “إسرائيل” استطاعت إثر النكوص العربي الذي حصل، لاسيما بعد التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد والصلح المنفرد استعادة علاقاتها مع ثلاثين دولة إفريقية سبق وأن قُطعت على خلفية عدوانها على الدول العربية بعد العام 1967 .
وقد جرت خلال العقد الماضي كلّه مباحثات مستمرة بين الدول الست المتشاطئة، ظلت مصر بعيدة عنها، لأن مجرد التفكير بإلغاء نسبة الـ 90% من المياه، يعني موت مصر عطشاً، وهو الأمر الذي حاولت القاهرة أن تعقد من أجله لقاءات في شهر يناير/ كانون الثاني ،2011 لكن تدهور الأوضاع في مصر وفي ما بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك، قد حال دون ذلك، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة جادة ومسؤولة لبحث مشكلة المياه وتوزيعها طبقاً لاتفاقيات دولية تشارك فيها جميع الأطراف، ووفقاً لقواعد القانون الدولي، مع الأخذ في الاعتبار الاتفاقيات السابقة .
ولعل واحدة من المشكلات الجديدة التي ستواجه دول حوض النيل، هي دولة جنوب السودان الجديدة المرتقبة. ويمكن القول إن الدول المتشاطئة، ما كان لها أن تتجرأ وتتصرف بالطريقة إيّاها، لولا الحرب المزمنة في جنوب السودان وضعف النظام المصري ونكوصه، ما أدى إلى التفريط بحقوق انتفاع سكان مصر والسودان من نسبة الـ90% المحددة طبقاً لاتفاقية العام 1959 من مياه نهر النيل .
وتعتبر مشكلة مياه نهر النيل من أعقد المشكلات التي ورّثها الحكم السابق في مصر إلى ثوار الانتفاضة والحكم الجديد، وهي مشكلة تتعلق بصميم المصالح الحيوية المصرية، بل بما يسمى الأمن القومي العربي، وهما مسألتان ضعفتا في سنوات حكم ما بعد الرئيس جمال عبد الناصر، سواء في ظل الرئيس أنور السادات أو حسني مبارك، خصوصاً عندماً ضعف الدور المصري في إفريقيا، بل وعلى المستوى الإقليمي والدولي .
ويمكن القول أن هناك تناسباً عكسياً بين مصادر المياه وبين ارتفاع معدلاّت النمو السكانية، فالتطور السكاني الديموغرافي الحاصل، يؤدي بالتالي إلى استخدام أكبر للمياه، وهذا بدوره يؤدي إلى شحّ بالمياه، مما سيهدد الملايين بالموت عطشاً في حال التلاعب بنسبة المياه المخصصة لمصر والسودان، الأمر الذي يؤدي إلى احتمال قيام نزاعات وربما حروب بسبب نقص المياه الذي يعني نقص مقوّمات استمرار الحياة الإنسانية .
إن التحدّيات الخارجية التي تواجه المياه الدولية المشتركة مع دول الجوار الجغرافي بالنسبة لحوض النيل، تعد من أخطر وأعقد المشكلات التي ستواجه مصر والسودان في السنوات الثلاثين المقبلة، فنهر النيل يشكل المصدر الرئيس للمياه في مصر، وهو ثاني أطول نهر في العالم حيث يبلغ طوله من منابعه في بحيرة تنجانيقا حتى البحر المتوسط حوالي 6700 كم .
وإذا كان ثمة تحديات خارجية، سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، تتعلق بالنيل وغيره من المياه العربية، فإن غياب استراتيجية عربية أو على الأقل تعاون وتنسيق عربي للتصدي للسياسة التي لا تريد خيراً لشعوب البلدان العربية،
ناهيكم عن عدم الاستخدام الرشيد للمياه وعدم تنقية مشروعات الري الحديثة، كالخزانات والسدود وغيرها، يلعب دوراً في تفاقم هذه المشكلة، التي تزداد مع وجود هذه المعوّقات الأساسية، فضلاً عن معوّقات تتعلق بالخبرة والكفاءة، ناهيكم عن المعوّقات البيئية والطبيعية والفنية والتمويلية وهو ما يعالجه البروفسور كمونة في كتابه المشار إليه، بعمق ومعرفة واستشراف مستقبلي .
يحظى نهر النيل بأهمية كبيرة في حياة المصري المعاصر؛ إذ يُعد المصدر الأهم للمياه في مصر التي تعتمد عليه لسد أكثر من 97٪ من احتياجاتها المائية، كما اعتبر المصري القديم نهر النيل مصدر الحياة، فقد غذى النهر -باتجاهه شمالًا في مسار ثابت- الوديان الخصبة في شمال شرق أفريقيا لملايين السنين، وبذلك تشكلت واحدة من أهم الحضارات الإنسانية وأقدمها، الحضارة المصرية القديمة. ورغم أن الطبيعة التقليدية للأنهار القديمة هي أنها تغير مسارها بمرور الوقت، إلا أن المسار الثابت لنهر النيل شكَّل لغزًا جيولوجيًّا على مدى سنوات طويلة.
أن نهر النيل هو وليد عصر الميوسين، وأنه تشكَّل في مساره الحالي قبل حوالي 6 إلى 10 ملايين سنة فقط، وهو الأمر الذي أكده كلٌّ من الجيولوجي رشدي سعيد، والجغرافي محمد عوض في كتابيهما عن نشأة نهر النيل،
تشير الدراسة الجديدة إلى أن النهر الأطول في العالم ( يبلغ طول مساره 6,650 كيلومترًا، وتقدره الدراسة الحالية بـ6800 كيلومتر)قد انتظم في مساره الثابت الحالي قبل حوالي 30 مليون سنة، وهي مدة زمنية أطول بكثير مما كان يُعتقد سابقًا. هذا الثبات في مسار النهر إلى حركة الوشاح، التي لولاها لكان النيل قد تحول غربًا منذ فترة طويلة، وربما كان مسار التاريخ قد تغير على إثر ذلك. “إن أحد الأسئلة الكبيرة حول نهر النيل هي متى نشأ؟ ولماذا استمر مدةً طويلةً ثابتًا في مساره؟ وهو ما تكشفه نتائج هذه الدراسة”. وفي تصريح لـ”للعلم” يضيف “فاسينا” أن التدرج الطبوغرافي الذي يتحكم في تدفق نهر النيل نحو الشمال استمر دون انقطاع لأكثر من 30 مليون سنة، وقد تم دعمه بواسطة عوامل الحمل الحراري ووشاح الأرض.
تُعنى بنهر النيل من منابعه الاستوائية حتى مصبه في مصر، مرورًا بالسودان، ولم تتعرض لعمليات التصريف التي كانت تتم من جبال البحر الأحمر في مسار النهر، وترى نتائج الدراسة أن مسار النهر كان ثابتًا ومتصلًا من المنابع حتى المصب قبل 30 مليون سنة. “جرت عمليات التصريف من جبال البحر الأحمر حديثًا جدًّا وبعد تكوُّن النهر،
أن نهر النيل كان مجراه كما هو الآن، قادمًا من إثيوبيا والمنطقة الاستوائية ومتجهًا إلى البحر المتوسط. في حين تقول دراسات سابقة إنه تكوَّن منذ حوالي 6 ملايين سنة فقط، كان مساره داخليًّا في مصر، وغير متصل بالسودان.
في تلك الفترة كان النهر يتغذى من الأودية الجافة التي تنبع من جبال البحر الأحمر، ونتيجة النشاط البركاني في إثيوبيا تغير مسار النيل الأزرق المتجه شمالًا من بحيرة “تانا”، ليصبح اتجاهه جنوبًا ثم غربًا إلى السودان ثم إلى مصر، وأدى إلى أسر المسيلات النهرية التي تنبع من جبال البحر الأحمر، ثم يتجه بها إلى البحر المتوسط حيث مصب النيل، وفق “شراقي” في تصريح لـ”للعلم”. والمسيلات النهرية هي مجارٍ نهرية صغيرة تشبه الأنهار، لكنها أقل من حيث طول المجرى وعرضه، وكذلك كمية المياه.
أنه “عن طريق دمج المسح الجيولوجي في الهضبة الإثيوبية مع النمذجة الجيوفيزيائية للنهر، تقدم هذه الدراسة دليلًا على أن شبكة الأنهار يمكن التحكم فيها بواسطة الحمل الحراري الناجم عن حالة السيولة التي يوجد عليها باطن الأرض، مما ينتج إشارة طوبوغرافية ديناميكية نشطة”. بمعنى آخر، كانت الحركة البطيئة للوشاح الباطني إحدى القوى الرئيسية التي تشكل المناظر الطبيعية والعمليات الجيولوجية للأرض.
تتكون عباءة الأرض من صخور صلبة تتدفق مثل السائل على مدى فترات طويلة مثل التيارات في المحيط، ما يعني أن المناطق المختلفة من الوشاح لها أنماط حركة مختلفة، تتسبب في حدوث التغيرات الجيولوجية أو منعها، مثلما حدث في حالة مجرى نهر النيل.
التي تمثل قوة دفع مواجهة للمرتفعات الإثيوبية في الجنوب، تسحب هذه الصخور حوض النهر إلى أسفل، وهو ما حافظ على التدرج اللطيف لنهر النيل ثابتًا في اتجاه الشمال على مدار كل هذه الملايين من السنين. عمر نهر النيل بحوالي 31 مليون سنة، وتدلل نتائج الدراسة على ذلك من خلال التشابه الحادث في المعادن الموجودة في رواسب النهر في دلتا النيل في مصر، مع الصخور الموجودة في المنبع في إثيوبيا، ما يؤكد أن مسار النهر كان كما هو عليه في الوقت الحالي قبل أكثر من 30 مليون سنة، وهو أيضًا ما توصلت إليه الدراسة الجديدة لكن بطريقة مختلفة.
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان