مسافرون جميعا نحن على متن قطار الحياة الذي غدت سرعته جنونية فاقت قدرتنا على استيعابها، سريع جدا حد إصابتنا بدوار وضبابية بالرؤية حالت دون تأمل الأحداث والأشخاص والمواقف كما ينبغي، يبدو وكأن كل ذلك يمر من أمامنا كما الطيف، لكن في الحقيقة هو يعبر من خلالنا بل أحيانا يخترقنا اختراقا دونما شعور مع فارق توقيت الإحساس بذلك، إذ بنا وعلى حين غرة نجد آثارا وندوبا شتى عالقة بأعماقنا، نستجمع قوانا لنتحسسها ونستكشف ماهيتها، فنتفاجأ باستفاقة جثمان الذاكرة الذي يغدق علينا بوابل الذكريات تنساب لقلوبنا تارة نسائم فرح وسكينة تهب عليها تبهجها فتنتعش بأريج وعبق سعادات عشناها، وتارة أخرى تنهال علينا كشظايا البلور المكسور ، فتأخذنا الرأفة بأنفسنا وعلى آلامنا نثور، لندرك ونعي جيدا أن عجلة الزمن باتت تفتك بنا وكأننا في سباق مع الزمن جميع رهاناتنا معه خاسرة، حينها فقط يغدو تجاوز العثرات والفشل قرارا لا خيارًا كون الألم أفضل معلم يعطينا دروسا بالغة الأهمية، منها أن لا نجعل عثراتنا مطبات تهوي بنا لأسفل دركات التعاسة بل نتخذها سلّما نرتقي به لتعلو به همتنا وترفرف عاليا في آفاق الأمل، النجاح والغد المشرق.