تأتي أهمية العمل المشترك، بين القطاع العام والخاص وغير الربحي، والشركاء الدوليين، لتحقيق طموحاتها، وإذ يمثل تحقيق “اقتصاد مزدهر”، إحدى ركائزها الأساسية الثلاثة، تركز الرؤية على تنويع الاقتصاد، ودعم المحتوى المحلي، وتطوير فرص مبتكرة للمستقبل، من خلال خلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية. وفي هذا الإطار، نُفذت العديد من الإصلاحات الاقتصادية التي سهّلت بيئة الأعمال، ورفعت من جودة الخدمات الحكومية المقدمة للقطاع الخاص وكفاءتها ورقمنتها، إضافة إلى إنشاء العديد من البرامج، والمبادرات، وصناديق التمويل، وحاضنات ومسرعات الأعمال.
فالقطاع الخاص من شأنه أن يعزز دور القطاع العام في أي عملية تحول أو تحديث أو تغيير، وهنا نتحدث عن تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة الموثوقية في بيئة الأعمال والمستثمرين، ما يخلق بيئة ملائمة لجذب رؤوس الأموال.
وتتمثل إحدى ركيزتي الرؤية، التي شارك القطاع الخاص بكافة قطاعاته الفرعية في صياغتها، في إطلاق كامل الإمكانات للاقتصاد على مدى العقد المقبل، والتركيز على القطاعات الناشئة والواعدة وذات الإمكانات العالية للنمو، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الفرص الاقتصادية للمواطنين وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل.
أن القطاع الخاص يمتلك قدرات كبيرة ويمتلك مختلف الإمكانات لتحقيق مبادرات ومستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي، لكن هذا يبقى مرهونا بتنفيذ متطلباته وأولوياته وإزالة التحديات التي أمامه وتحد من إطلاق إمكاناته أو قدرته على التوسع والنمو، وبالتالي الحد من قدراته على التشغيل والنمو الاقتصادي.
ويركز مشروع “تمكين القطاع الخاص” على مناقشة المشاكل التي يعاني منها القطاع الخاص، حيث جرى التركيز على مشكلتين هما “الضرائب المفروضة عليها، وتسجيل الشركات والتعاونيات الجديدة “، وعلى ضوء ذلك سيتم العمل بموجب خطة عمل تتمحور حول بناء قدرات المؤسسات الخاصة الشريكة من خلال عقد ورش تدريبية يتبعها انتاج حلقات متلفزة تضم ممثلي المؤسسات الخاصة والجهات الحكومية المختصة.
ويطمح المشروع الى توحيد القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الاهلي، للخروج بحلول عن المشاكل التي تواجهها مع الحكومة من أجل مناقشتها وإيجاد حلول لها، مثل مشاكل الضرائب الباهظة التي تزيد من العبء المالي عليها، خاصة مع مطالب القطاع الخاص بتخفيض الضرائب المفروضة عليه، وتسهيل ترخيص المنشآت، وضرورة وجود إطار سياساتي ينظم العلاقة بين القطاع الخاص والحكومة.
أن دور القطاع الخاص في تنفيذ مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي يعد عنصرا محوريا في تحفيز النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي، مؤكدا أن العائد الاقتصادي والاجتماعي هو الأساس لتحقيق مستهدفات الرؤية بشكل عام. تسعى الحكومة لتحقيق أهداف برنامج عملها، بما في ذلك تمكين القطاع الخاص ليقوم بدوره في إطار شراكة مباشرة مع الدولة لتنفيذ حزمة من المشاريع الكُبرى. وفيما يتطلع مجتمع الأعمال أن يُترجم ما ورد في برنامج عمل الحكومة بهذا الخصوص خلال الفترة المقبلة بمنح القطاع الخاص دوراً أكبر في الاقتصاد الكويتي، تُعوّل الحكومة حسب بعض مضامين البرنامج على قدرة القطاع الخاص على المساهمة في خلق فرص عمل، مع سعيها لتغيير ثقافة المواطن من الريعية إلى الإنتاجية، الأمر الذي يحتاج تنفيذه على أرض الواقع جهداً ووقتاً.
أن مشاركة القطاع الخاص تلعب دوراً حاسماً في التنمية الاقتصادية وخلق اقتصاد متنوع، حيث يمكن للشركات الخاصة متى ما توافرت لها البيئة المناسبة والمشاريع توفير فرص عمل للمواطنين من الشباب وأصحاب الخبرات.
وسيكون للمنافسة دور في تحفيز الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز الاستثمار في مختلف القطاعات، ما يؤدي إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز استدامته، كما يمكن للقطاع الخاص أن يساهم في تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات العامة، الأمر الذي يعزز جاذبية البلد للاستثمارات الأجنبية المباشرة ونمو الاقتصاد المحلي.
ولعل ما يؤكد أهمية مشاركة القطاع الخاص في التنمية وإيجاد اقتصاد متنوع التالي:
- توفير فرص العمل: يمكن للشركات الخاصة خلق فرص عمل جديدة وتوفير مصدر دخل للمواطنين، ما يعزز مستويات الدخل ويقلل من معدلات البطالة.
- التحفيز على الابتكار والتطوير: يتمتع القطاع الخاص بالمرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات في السوق، ما يعزز الابتكار ويسهم في تطوير منتجات وخدمات جديدة.
- تنويع الاقتصاد: بوجود قطاع خاص نشط، يمكن تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على قطاع واحد، ما يجعل الاقتصاد أكثر استقراراً ومرونة في مواجهة التحديات.
- تحسين البنية التحتية والخدمات العامة: من خلال الاستثمار في مشاريع البنية التحتية وتقديم الخدمات العامة، يمكن للشركات الخاصة تحسين جودة حياة المواطنين وجعل البلد جاذباً للمستثمرين.
- تعزيز التجارة والتبادل التجاري: يمكن للشركات الخاصة أن تسهم في تعزيز التجارة الداخلية والخارجية، ما يفتح المجال لزيادة الاستثمارات الأجنبية وتعزيز العلاقات الدولية. وهناك قناعة لدى الكثير من الأقطاب الحكومية بأن القطاع الخاص شريك حيوي في جهود التنمية الاقتصادية ويساهم بشكل كبير في خلق اقتصاد متنوع ومستدام، فيما سيكون لتمكين القطاع الخاص تأثير بالغ الأهمية في تنمية الكويت يمكن أن يشمل الاستثمار في التعليم والتدريب لتطوير مهارات العمالة المحلية، وتوفير بيئة أعمال مشجعة وقوانين مرنة، بالإضافة إلى دعم الابتكار والريادة وتقديم الحوافز للشركات الصغيرة والمتوسطة.
يتطلب تمكين القطاع الخاص من المساهمة في التنمية الاقتصادية تعزيز التعاون بين الحكومة والشركات الخاصة، وتسهيل الاستثمارات الوطنية والأجنبية من خلال تبسيط الإجراءات وتقديم الحوافز المالية والضريبية، إضافة إلى تعزيز الابتكار وتطوير البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية الواعدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والسياحة.
ولا يخفى أن تحقيق التنوع القطاعي الاقتصادي في الكويت يتطلب سبلاً مواتية على أن يواكب ذلك تعزيز الاستثمار في البنية التحتية، مثل الطرق والموانئ والمطارات، وتعزيز القطاع الزراعي والصناعي لتقليل الاعتماد على الواردات.
إن المنهجية المتبعة بدأت بإيجاد الأطر المناسبة للمحتوى المحلي وتعريفات محددة تمكننا من قياس المحتوى المحلي ومستويات الأداء، إضافة إلى الإنفاق المحلي والقطاع الخاص لها سياسات خاصة، إضافة إلى وضع الأدوات المناسبة لدعمهم”.
وحتى الآن، جاءت المبادرات الاستثمارية والاقتصادية التي تم إطلاقها ويجري تنفيذها كأساس جيد لتمكين متزايد للقطاع الخاص، وهي تحقق تقدما ملموسا في العديد من الجوانب الاستراتيجية الضرورية لتحقيق أولوية القطاع الخاص والاستثمار، وكان أهم انعكاسات هذا التقدم ما تشهده القطاعات المستهدفة للتنويع من نشاط مطرد والزيادة الجيدة في حجم ما يتم جذبه من استثمارات بفضل التحسن المتواصل في بيئة الأعمال وتوسع الفرص المتاحة نظرا لما يحققه الاقتصاد من نمو.
وفيما يتعلق بالتوجهات والمبادرات الحكومية، أصبح تمكين القطاع الخاص حاضرا بقوة في كافة الجهود والمبادرات التي تستهدف تسهيل التمويل وتحفيز الاستثمارات والعمل المتواصل على جاذبية بيئة الأعمال وتطوير ما ينظمها من إجراءات وتشريعات، وتعززت جهود تمكين القطاع الخاص بعديد من المبادرات والتي كان من أهمها التوجيهات السامية لصاحب الجلالة -حفظه الله- بضرورة الاستفادة من المحتوى المحلي، وإطلاق السياسة الوطنية للمحتوى المحلي لتقدم دعمٍ غير مسبوق لتحفيز الاقتصاد ونمو الاستثمار المحلي وتشجيع رواد الأعمال، وذلك من خلال ما سيكون لها من أثر مهم في رفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتوجيهه بشكل متزايد لخدمة مستهدفات النمو وتنشيط قطاع الصناعة وتنويع الصادرات.
وفي الوقت نفسه، مضت جهود تسهيل التمويل لمشروعات رواد الأعمال والقطاع الخاص في عديد من الاتجاهات منها إطلاق صندوق عمان المستقبل الذي يساهم في تمويل أنشطة القطاع الخاص وتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، وإعادة تنظيم بنك التنمية ورفع رأسماله وسقف ما يقدمه من تمويل، والمبادرات الجديدة ضمن برنامج “استدامة” لإيجاد وسائل مبتكرة للتمويل وخيارات تناسب المستثمرين عبر القطاع المصرفي وسوق رأس المال.