*زمان كانوا يعايروننا.. ويتهكمون علينا وكانت القلوب تدمي.. والزملاء يجمعون مصاريف المرض.. أو الموت!
*الآن.. نحن الأسبق في إنقاذ الأبناء والبنات من براثن الغربة الموجعة
*”العودة”.. والرءوس مرفوعة.. والمتهكمون لا يدرون من أمر أنفسهم شيئا..!
*القادمون من أفغانستان.. وليبيا.. والصومال.. والعراق ولبنان وإندونيسيا يشهدون ويفتخرون!
*.. وحكايات توضح الفرق بين ما كان وما هو كائن!
*أنا شخصيا أمضيت خمسة شهور قاسية انتظرت مرورها لأطير من ألمانيا الشرقية
عندما بدأت مصر في مراجعة القيم الأساسية والفضائل التي يجب أن تكون بين ثنايا الأفئدة وشرايين القلوب.. أدركت –ولا شك- وجود عديد من الثغرات وتمزق الكثير من الأوراق التي ما كان ينبغي أن تتمزق..
على الفور تم وضع خطط العلاج وأساليب الحفاظ على كرامة المصري في الخارج والوقوف بجانبه في الأزمات.. والحرص على أن تكون الخيوط ممتدة بينه وبين الوطن الأم.
نعم.. كم من مرات عديدة احتاج فيها المصريون خارج الحدود إلى المساعدة إما نتيجة إجبارهم على مغادرة أرض البلد الذي يعملون به أو تعمد تركهم في العراء دون أدنى محاولات لتوفير المواد الأساسية التي تكفل لهم سبل الحماية من قيظ الحر.. أو قسوة برودة الشتاء..!
أيضا في أحيان كثيرة يصاب المصري في الخارج بمرض خطير مفاجئ مما يجعل الغربة تضغط على كاهله أكثر وأكثر عندئذ يفكر في العودة إلى الحضن الدافئ الذي حرم منه على مدى سنوات وسنوات..!
لكن عندما يواجه الحقيقة يفاجأ بأن طائرة خاصة سوف تأتي لتنقل المصريين الذين باتوا بلا مأوى ولكن مقابل مبالغ لا يقدر عليها أولئك الذين تعرضوا لظروف طارئة.. وطبعا يفضل المريض البقاء حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا..!
الأهم.. والأهم.. حالات الوفيات حيث نعلم جميعا أن أي مصري مهما أمضى من سنوات عديدة خارج الوطن إلا أنه يوصي بأن يكون ثرى مصر هو من يضمن له العزة والكرامة بعد الموت وهنا أيضا يجد الأصدقاء أو الزملاء أنفسهم في حيرة إلى أن ينتهي الأمر بتنفيذ وصية الزميل المغترب.. أو الذي كان مغتربا.. عن طريق جمع مصاريف الطائرة والجنازة وتجهيز الجثمان ممن عانوا أو مازالوا يعانون من نار الغربة..!
كل تلك المشاهد كانت تحدث.. بينما مواطنون من بلاد أخرى يتهكمون علينا ويسخرون منا بل ويثيرون فينا مشاعر الغضب كنوع من أنواع الحرب الباردة..!
الآن.. قارنوا وابحثوا وادرسوا.. هل تذكرون قصة المواطنين الذين ذبحتهم عصابة داعش ليبيا..؟!
يومها.. لم تكد تمضي سوى ساعات قليلة.. حتى كانت طائراتنا الجوية تدك حصون الدواعش هناك لعقابهم على ما ارتكبته أياديهم الرديئة تجاه مواطنينا..!
أيضا.. كم من مرات دفعوا أبناءنا العاملين في ليبيا إلى الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا أو ألمانيا أو..أو.. لكن في اللحظة المناسبة وبعد اتصالات بين المسئولين في مصر.. مع الأجهزة المختصة في ليبيا.. يتم إقناع هؤلاء الشباب بالعودة إلى أرض الوطن وحتى إذا كان منهم من رفض الاستجابة تقوم قواتنا بتأمين حياتهم.
أيضا.. كم تكرر نفس السيناريو في العراق وسوريا ولبنان والصومال وفي كل مرة كان المصريون في الخارج يتباكون ويتوجعون فوق ألمهم.. ووجعهم..!
الآن.. الموقف اختلف تماما حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي تعليماته بضرورة تقديم شتى ألوان الرعاية للمصريين في الخارج كأنهم يعيشون هنا بيننا لأن هذه الرعاية تعني أن الوطن لنا في الداخل.. آمن.. ومستقر ومتحضر..و..و..ومزدهر..!
ولعل عودة أعضاء بعثتنا الدبلوماسيةمن أفغانستان منذ أيام قليلة خير شاهد وأبلغ دليل على تحقيق الأمن والسلامة لأبنائنا.. فأجريت الاتصالات ووفرت الطائرات والسيارات وتم عبور الأسلاك الشائكة ليصل أبناؤنا وألسنتهم تلهج بالشكر للقائد الذي لا يترك صغيرة أو كبيرة إلا ويبادر بحلها.
وهكذا كانوا موقنين منذ اللحظة التي استقلوا فيها السيارات إلى المطار بأنهم سيكونون مع الأهل والأحباب بعد ساعات قليلة وهم مرفوعو الرأس ليثبتوا للدنيا بأسرها أن مصر تغيرت وتغيرت كثيرا..
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر دعوني أحكي لكم قصة واقعية كنت أنا شخصيا أحد أطرافها..
في نهاية الستينيات ذهبت أنا ومجموعة من أكفأ الصحفيين في مصر إلى برلين عاصمة ألمانيا الشرقية في ذلك الوقت.. للحصول على دبلومةفي الصحافة من معهد الصحافة العالمي هناك.. وبعد مرور حوالي شهر اكتشفنا أنهم يدرسون لنا “ألف باء صحافة” وكأننا مازلنا في بداية الطريق..
اعترضنا وتعالت صيحاتنا ورفضنا حضور المحاضرات ثم أبلغنا القاهرة بما نحن فيه مطالبين وزارة الخارجية ووزارة الإعلام باتخاذ الإجراءات الكفيلة بعودتنا..!
طبعا.. مرت الأيام والليالي والشهور ولم يحدث شيء.. وكانت حجتهم في ذلك الوقت بأن عودتنا فرادى أو في مجموعات ستتكلف كثيرا بالتالي ليس أمامنا سوى البقاء.. وللأسف أمضينا أسوأ خمسة شهور في حياتنا لا لشيء إلا لأننا بمجرد عبورنا سور برلين الشهير في ذلك الوقت.. أصبحنا وكأننا في عالم آخر..!
وهكذا.. نتبين الفرق.. بين أناس افتقدوا الحماية والرعاية.. وأناس تتوفر لهم مقومات الحياة العصرية والمتقدمة.. أناس يفتخرون بمصريتهم بعد أن كانوا يتوارون في بعض الأحيان خجلا.. أو ضعفا..
لا يفوتني في هذا الصدد أن أشير إلى ما قاله عالم الفيلسوف البريطاني الشهير هربرت سبنسر حيث أكد على أن أي جهد تبذله الدولة في سبيل راحة أبنائها في الخارج إنما يعكس تلقائيا صورة الداخل التي لابد وأن تكون مبهرة وأخاذة..!!
إن من يعد نفسه للالتحاق بجامعة في الخارج لدراسة الطب أو الهندسة أو الإعلام أو..أو.. إنما يريد أن يتمتع آباه أو أمه بحياة مستقرة آمنة.. عندئذ يجتهد في دراسته أكثر وأكثر.. لتتلاقى أجيال أمريكا وفرنسا وروسيا وبريطانيا مع رجال مصر ونسائها.. الذين يقيمون الجمهورية الجديدة بالعلم والعمل..و..والأخلاق..
مواجهات
*كلما تقدم العمر.. يزداد التمسك بالقيم والفضائل.. و..و.. تعاليم الدين..!
*في مرحلة الشباب كانت المنافسة تقتصر على مجالين أساسيين.. الدراسة وعلاقات الحب.. ليتضح في النهاية أن الناجح دائما في مراحل تعليمه يعاني من فشل عاطفي متكرر.. وطبعا هذا خلاف المألوف.. أو المعروف.
*الصديق الذي يجيئك بعد طول غياب ليأخذ قطعة من “تورتة” عيد الميلاد.. تأكد أنه شخص “دنيء” في سلوكه وفي أعماله وفي أكله وفي شربه..!
أنصحك.. دعه بعيدا.. بعيدا..!
*بالمناسبة.. لا تحاول أبدا أن تظهر “ألمك” الذي في قدمك أمام الناس بل اسحقه بحذائك وامش مبتسما.. عندئذ.. سوف يروح كل من ينتظر سقوطك إلى غياهب الجب..!
*الحياة تحب من يحبها.. فاجعلها دائما “وردة” متفتحة أوراقها خيال.. وأشواكها حقيقة..!
*سألتني: لماذا لا تكتب قصص وسيناريوهات أفلام ومسلسلات..؟
أجبت: لأني رجل أعيش الواقع وما عدا ذلك أصبح كالمؤلفين المشاهير رغم أنهم في حقيقة الأمر لا يقرأون ولا يكتبون..!
*قلت لصديقي أو من كان صديقي:
إذا أردت أن تعود علاقتنا كما كانت انزع الحقد من قلبك.. وبما أنك لا تستطيع فالحمد لله سوف تختفي من حياتي إلى الأبد.
*مجرد ملاحظة:
كل من خاف وفزع من فيروس كورونا أصر الفيروس الشقي على النفاذ إلى جسده.. ورئتيه ولسانه وذراعيه ورجليه.. واضح أنه يلاحق الضعفاء ويخشى الأقوياء شأنه شأن أي كائن حي أو غير حي في هذه الدنيا.
*أخيرا اخترت لك هذه الأبيات الشعرية من نظم المنفلوطي:
غردت فوق غصنها الأملود
فاستثارت هوى الفؤاد العميد
ذات طوق تقلدت بحلاه
فوق نحر وذات عقد بجيد
كتمت وجهها زمانا فلما
عرفوها تسترت بالعقود
كدت أنسى تلك العهود ولكن
ذكرتني وما نسيت عهودي
ذكرتني أيام لهوي وأنسي
بمهاة لمياء كالغصن رود
و..و..وشكرا