رغم مرور سنتين على الطلب لم اتلق اي رد من جانب العدو الإسرائيلي .. ولن نتنازل عن حقنا في الكستور
.. ودخل الكستور المصري التاريخ مرتين من اوسع الابواب.. الاولى حين جعلوه رمز الكساء الشعبي للمصرين داخل الدعم وخارجه..داخله لانه كان يوزع ببطاقات التموين..وخارجه لان كثيرين من علية القوم كانوا يلبسونه بلا ادنى حرج وكان زيا فيه ارستقراطية ظاهرة فارتداه الباشوات وكبار النجوم والرئيس جمال عبد الناصر وكانت البيجامة الكستور الاغنية المكتومة او اشهر اغنية ساكتة بالتعبير السوداني في المجتمع المصري.
والثانية : حين جعل منه الرئيس الراحل انور السادات اقوى رسالة سياسية للعدو الاسرائيلي الذي كان يزعم ويروج ان جيشه لا يقهر فاذاقه الجيش المصري وقائده مرارة الذل مرتين ومن الكيعان مرة على الجبهة ومرة مع عودة الاسرى وهم يجرون اذيال الخيبة والعار والهزيمة مغلفة في لفائف من الكستور ماركة غزل المحلة !!
لتصبح علامة في تاريخ حرب أكتوبر المجيدة خلال أول عملية تبادل أسرى بين مصر وإسرائيل اذ أصر السادات على ارتداء الأسرى الإسرائيليين البيجامات الكستور خلال عملية التبادل.وكانت حديث العالم خاصة حين نزلوا من الطائرات وكانت في استقبالهم رئيسة وزرائهم المتغطرسة جولدا مائير.
للاسف رسالة الكستور هذه لم تأخذ حقها الواجب او المستحق في احتفالات اكتوبر كل عام رغم بلاغتها السياسية وطرافتهاالصاعقة الساحقة الماحقة التى لا تصد ولا ترد..
والحقيقة التى لامراء فيها انه لو لم يكن للكستور من رسالة او مكانة سوى انه حرق قلب العدو الاسرائيلي في اكتوبر 73 لكفاه.. وهو ما كان يجب ان يتخذ رمزا يغلف الاصالة المعهودة للقطن المصرى تضيف لمسة روحية ووطنية الى ما يعرف عن القطن المصري من تميز ورقي وسمو في عالم المنسوجات العالمية بدرجة تفوق الحرير الخالصبالفعل..
الطريف انه في واحدة من احتفالات اكتوبر عادت حكاية البيجامة الكستور للاسرى الى الاضواء اثر فذلكة وحذلقة من المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيونى المستظرف رغم ثقل دمه افيخاي ادرعي المسلط على اصحاب اللسان العربي يروج للاكاذيب والخذعبلات الصهيونية يدافع ويبرر دائما جرائم وانتهاكات الصهاينة على كل صعيد.. افيخاي وسط نشوته بترديد الاكاذيب عن حرب اكتوبر وتهوينه من انتصار المصريين والعرب وقع في شر اعماله خلال محادثة فيسبوكية على موقعه الالكتروني..
قال افيخاي: بصرف النظر عن التفاصيل العسكرية الدقيقة فالأهم أن هذه الحرب التي بدأت بالمفاجأة أفضت في النهاية إلى السلام.
وانهالت تعليقات السخرية والشماتة..
“يعني انت مش عايز تقول انكم خرجتم منها مهزومين”؟.
“أخبار البيجامات الكستور إيه اللي رجعنالكم الأسرى لابسينها وخلي بالك هاتفضلوا العدو الأول والأخير لمصر وللمصريين رجعوا الجولان لسوريا والضفة وفلسطين للفلسطنيين يا صهاينة”.
« ٤٤ سنة بنطالب بعودة بيجامات الكستور اللى سترنا بيها الأسرى الإسرائيليين..إسرائيل ترفض بتعنت..وتقول: نفسنا نعرف اشمعنى الكستور رغم ان عندكم فساتين.
هاقولك يا افيخاي يا خويا أمرى لله معروف فى الفلاحين..إن العيل لما يكبر ويبقى حلو كده بتاع تلات سنين أهله بيطاهروه.. وكان بيلبس قفطان أبيض وبعد ما الجرح يلم شويه يلبسوه بيجامه كستور ويزفوه..يا ام المتطاهر رشى الملح سبع مرات.
قلت لى ليه بقى كستور..عشان قماش الكستور كان «طرى وناعم»..عشان لو جه ع الواوا الواد ما يتوجعش ويعيط.. يعنى الكستور كان له معنى يا افيخاي بس انت اللى حمار.
ابعت بقى البيجامات عشان دى عهدة واحنا محتاجينها للمرة الجاية معلش..أنا عاددهم خلى بالك».
عملية البيجامة الكستور حظيت بالعديد والعديد من التفسيرات
والتأويلات منها السياسية والنفسية والسياسية بالطبع ..
علماء النفس راوا أن السادات كان له تفكير مختلف تمامًا وتعمد في عودة الأسرى بالحالة الكستورية كنوع من الإستهزاء والسخرية وذلك لأنهم كانوا يتباهون بقواتهم وأنهم الجيش الذي لا يهزم وهذا كان من أهداف السادات أن يظهر للعالم أنه قادر على هزيمة الجيش المغتصب للأراضي العربية.
وطريقة العودة لتل أبيب بالبيجامة قد يؤثر من الناحية النفسية على الإسرائيليين لأنه لا يمكن أن يتخيل مواطن عودة جنود بلاده بالبيجامات التي يرتديها وقت النوم فهذا يكون صعب للغاية
وفبها نوع من أسوأ أنواع الإستهزاء ورسالة قوية أراد السادات أن يوصلها لقادة الكيان الصهيوني بأن جنودهم كانوا “نايمين على نفسهم “والدليل أن الجيش المصري حرر أرضه واعاد إليهم الأسرى بالبيجامات.
السياسيون راوا أن عودة الأسرى الإسرائيلين بالبيجامة حنكة سياسية حاول السادات أن يثبت لقيادتهم أن جنودهم كانوا نائمين وأن الجيش المصري يقظ طوال الوقت.
وفيه رساالة ان مصر لن تشتري لهم ملابس مدنية ليعودوا بها ولن تسمح بعودتهم بملابسهم العسكرية.
ولعله من قبيل المفارقات العجيبة عودة حديث البيجامات هذه مع دعوات جادة بضرورة العمل على رد الاعتبار للقطن المصري ليعود متصدرا ومحتلا لمكانته الواجبة في حركة الاقتصاد القومي الحديثة ومع التوجهات الجادة للقيادة السياسية لانتشال صناعة الغزل والنسيج من وهدتها ومنحها ليس فقط قبلة الحياة ولكن بعث الروح في كل ما له صلة بصناعة النسيج على مستوى الزراعة والصناعةوالتجارة العالمية.وكما هو معروف كان القطن هو الامل والمنقذ وصاحب البسمة وصانع الفرحة في كل البيوت يوم ان كان عندنا قطن..
ومصر اكتسبت شهرة واسعة بسبب الصناعات النسيجية وبفضل القطن ففي السبعينيات عملت 33 شركة من القطاع العام وأكثر من 3 آلاف شركة قطاع خاص في منتجات الغزل والنسيج وفي تصنيع الملابس الكستور الشتوية.وعمل حوالي 50% من عمال مصر في صناعات الغزل والنسيج.ومثلت الصناعات القطنية المحلية 44% من إجمالي الصادرات شكلت البيجامات والعباءات المُصنعة من الكستور المصري 15% منها.
حاليا البيجامة الكستور بدأت تظهر في فاترينات العرض للملابس الشتوية وتحتل مكانة مميزة رغم ارتفاع سعرها الى حد ما وكل من يراها تثير لديه حنينا وشوقا الى الكستور والايام الخوالي وكل ما كان جميلا في ذاك الزمان غير البعيد..
عودة المنسوجات القطنية والكستور سيرحمنا كثيرا من اضرار واخطار البوليستر وامراضه وسرطاناته..وسيمنح الاقتصاد المصري قوة اضافية يسعى اليها ويتمناها الجميع .
سيعود القطن المصري وستزهر الحقول وتكتسي بانواره الناصعة البياض لتمتلئ الارض فرحا وتعم البهجة اركان المكان وارجاء الزمان..وتعود امجاد بورصة القطن وتاريخها التليد ويستعيد القطن المصري طويل التيله عرشه المفقود ..وستعود الحقول لتغني من جديد :
“نورت ياقطن النيل.. ياحلاوة عليك ياجميل..اجمعوا يابنات النيل – ده مالوش مثيل قطن ماشاء الله..قطن بلادنا الله اكبر – يملا بيوتنا سمن وسكر..ده حرير يابنات قطننا والله..”
وسنردد مع السيدة ام كلثوم في انشودة القطن:
“اجمعوا خيره مالناش غيره..يغني البلد ويهني الحال..ابيض منور على عوده..يحيي الأمل عند وجوده”.
لا ضير اذن ان نرفع الصوت هاتوا البيجامات..رجعوا الكستور لنصنع نصرا مجيدا ونكيد الاعادي من جديد..
والله المستعان ..
Megahedkh@hotmail.com