تــزداد أهتمام دول العالم بمواضيــع التغيــر المناخــي وأحــوال الطقــس المتطرفــة الشــديدة والإجهــادات المرتبطــة بالميــاه وتهيمن علــى العناويــن ً الرئيسـية للأخبـار وكذلـك فـي تقاريـر المخاطـر العالميـة يومـا تلـو الأخـر.
وإنعقدت منذ أيام قمة المناخ في “غلاسكو” في اسكتلندا، من الأحد 31 أكتوبر (تشرين الأول)، وحتى 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، وسط رهانات متباينة من دول العالم وآمال جماهيرية واسعة في أن تحرز القمة تقدماً في تعزيز التزامات الدول الإجراءات التي تقلل من تسارع التغير المناخي الذي يهدد العالم بعواقب كارثية، لكن وسط فعاليات القمة تتردد بعض المصطلحات الفنية التي تُكتب على أسس علمية وتبدو مبهمة أو ملتبسة للجمهورغير المتخصص، مثل حياد الكربون، والتخفيف، والتكيف، فما تعريف المصطلحات الأكثر شيوعاً بلغة الحياة اليومية كما يفسرها علماء المناخ والأمم المتحدة؟.
التخفيف
المقصود من كلمة “التخفيف” حسب تعريف الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ، هو تخفيف تغير المناخ ومنعه من التدهور من خلال التدخل البشري لتقليل الانبعاثات أو تعزيز التخلص من غازات الاحتباس الحراري. وعندما يتحدث علماء المناخ عن “التخفيف”، فإنهم يركزون في الغالب على الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي المستخدم في توليد الكهرباء وتشغيل السيارات والحافلات والطائرات، لأن الوقود الأحفوري يُنتج غازات الدفيئة التي تؤدي للاحتباس الحراري، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون، فعندما تُطلق هذه الغازات، فإنها تبقى في الغلاف الجوي وتؤدي لاحتباس الحرارة ما ينتج عنه تدفئة الكوكب.
وتتضمن بعض طرق التخفيف من تغير المناخ، استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بدلاً من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم أو الوقود الأحفوري، وجعل المباني والأجهزة الكهربائية والمركبات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة بحيث تستهلك قدراً أقل من الكهرباء والوقود، وكذلك، تصميم المدن بحيث يضطر الناس إلى قيادة وسائل النقل لمسافات أقل، كما تساعد حماية الغابات وزراعة الأشجار أيضاً، لأن الأشجار تمتص غازات الدفيئة من الغلاف الجوي.
التكيُف
“التكيُف” هو إجراء تغييرات للتعايش مع آثار تغير المناخ الفعلي أو المتوقع والتعامل مع آثاره من أجل تقليل الضرر أو استغلال الفرص المفيدة، وكما هو معروف للجميع، فإن تغير المناخ يحدث بالفعل، حيث تزداد سوءاً موجات الحر وحرائق الغابات والفيضانات، ولهذا سيتعين على الناس إيجاد طرق للتعايش مع هذه التهديدات، فعلى سبيل المثال، تزرع مدينة لوس أنجليس آلاف الأشجار لمساعدة الناس على البقاء في مناخ أكثر برودة، وقد تحتاج المدن الساحلية مثل ميامي وغيرها من مدن العالم المنخفضة إلى أسوار بحرية للحماية من الفيضانات، وستكون هناك حاجة إلى مزيد من إجراءات “التكيف” مع تفاقم تغير المناخ بمرور السنين.
إزالة ثاني أكسيد الكربون
والمقصود هنا إخراج ثاني أكسيد الكربون من الهواء الذي يتزايد منذ سنوات عديدة، ففي عام 2019، كانت هناك زيادة بنسبة 50 في المئة عن أواخر القرن الـ 18، ويتم إخراج ثاني أكسيد الكربون عبر عمليات تزيله من الغلاف الجوي إما من طريق زيادة الأحواض البيولوجية لثاني أكسيد الكربون من خلال النباتات التي تمتصه من الغلاف الجوي، نظراً لأن غابات العالم تمتص 2.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام، أو باستخدام عمليات تنظيف كيماوية تلتقط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء أو من قطاعات الصناعة والطاقة والنقل ثم تخزين الكربون تحت الأرض أو في مواد خرسانية.
الحياد الكربونى
يعني “الحياد الكربوني” أن يكون حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الذي ينتجه البشر متساوياً مع حجم إزالة ثاني أكسيد الكربون الذي يقوم به البشر خلال فترة زمنية محددة، ويشار أيضاً إلى “حياد الكربون” باسم صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصفرية، بمعنى أن تكون محصلة زيادة ثاني أكسيد الكربون الصافي في الهواء صفراً، وهذا لا يعني أنه لا يمكن إضافة ثاني أكسيد الكربون، ولكن يعني أنك إذا أضفت ثاني أكسيد الكربون إلى الهواء، ينبغي إزالة الكمية نفسها.
وتحذر الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ من أن العالم بحاجة إلى أن يكون محايداً للكربون بحلول عام 2050 لتجنب أزمة مناخية خطيرة. وهذا يعني ضرورة الانتقال نحو اقتصاد أخضر واستخدام الطاقة المتجددة النظيفة، مع إعادة امتصاص أي انبعاثات متبقية، فإذا واصلت الدول ضخ الانبعاثات الكربونية التي تسبب تغير المناخ، فسوف تستمر درجات الحرارة في الارتفاع إلى مستوى يزيد على 1.5 درجة مئوية مقارنة مع الدرجة الطبيعية التي كانت قائمة قبل عصر الصناعة في منتصف القرن الـ 19، وسوف تكون المستويات الجديدة من الخطورة التي تهدد حياة الناس وسبل عيشهم في كل مكان، وهذا هو السبب في إبداء عدد متزايد من البلدان تعهدات بتحقيق هدف الوصول بانبعاثات الكربون إلى مستوى الصفر، بحلول عام 2050.
وهناك تخوف دولى من الوصول الى نقطة اللا عودة والتي يكون الوقت عندها قد فات لوقف آثار تغير المناخ، وفي التعريف العلمي تشير هذه النقطة إلى مستوى من التغيير في خصائص النظام تتم بعده إعادة تنظيم النظام نفسه بشكل مفاجئ، بحيث لا يعود إلى الحالة الأولية التي كان عليها في السابق، حتى لو تم تخفيف دوافع التغيير، وبالنسبة إلى النظام المناخي، فإنه يشير إلى عتبة حرجة يتغير عندها المناخ العالمي أو الإقليمي، من حالة مستقرة إلى حالة مستقرة أخرى.
الوقاية والتخفيف والتكيف
كاتب المقال ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ وخبير الحياة البرية والمحميات الطبية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العرى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية