في واحدة من المفارقات التى يحار فيها ومعها العقل ولا يجد لها مبررا عقلا او نقلا..ان تجد العالم كله مشغول بالاسلام والمسلمين وحالة المستقبل..والمسلمون مشغولون باشياء اخرى لاعلاقة لها لابحاضرهم ولابمستقبلهم وكأن الزمن قد توقف بهم وتركهم يكابدون دوامات الصراعات وطواحين الفتن الداخلية والخارجية سواء المدبرة لهم اوالتى ساهموا في صنعها اوالتى تورطوا فيها وغرقوا حتى اذنيهم ولم يستطيعوا منها فكاكا واستسلموا رغم انها اتت على الاخضر واليابس كما يقولون ولم يعد لها من دون الله كاشفة.
مراكز الابحاث والدراسات المؤتمرات والندوات لا تكاد تتوقف عن الدراسة والمتابعة ووضع السيناريوهات والخطط وتطويرها وفقا للمعطيات والمتغيرات على الارض وعلى الخريطة الدولية وتبدل موازين القوى والتحالفات وما الى ذلك. كل الاحتمالات مطروحة والسناريوهات معلنة بكل صراحة ووقاحة احيانا ولا يهم في كثير من الاحيان ما يتم التشدق به من مبادئ وما يرفع من رايات عن حقوق الانسان احترام القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية والمواثيق والاتفاقات وغيرها من اشياء يكبلون بها الضحايا ويجعلونها سيفا مسلطا على كل الرقاب عندما يريدون.
في مقدمة الاحتمالات: ما العمل اذا ما استمرت اوضاع المسلمين في التدهور والانحطاط وكيفية الحفاظ على ذلك بكل الوسائل والطرق بايديهم وايدي المؤمنين الافتراضيين والحقيقين؟.
وما سيحدث اذا ما استيقط المسلمون يوما ما سواء تلقائيا او قضاء وقدرا او بفعل فاعل وعرفوا قيمة وحقيقة دينهم واستوعبوا تاريخهم وحضارتهم ووقائعها بحلوها ومرها..وعلت اصوات الراغبين في الاصلاح ودعاة النهضة والخروج من المأزق الحضاري الحالى شديد الايلام والقسوة ماديا ومعنويا.
واذا ما تواصل الزحف الاسلامي العفوي على البلاد الاوروبية وزاد عددهم في البلاد الغربية وشكلوا طرفا صعبا في المعادلة الديموجرافية في القارة العجوز اوروبا خاصة في الدول الكبرى التى تعاني اختلالا في البيئة الديموجرافية وتعاني عجزا وضعفا في التكاثر والتناسل سمح ببروز كتلة من المسلمين سواء من المهاجرين اومن ابناء البلاد الاصليين بعد تصاعد ابناء الجيلين الثالث والرابع للمهاجرين الاوائل واصبحوا يشكلون ورقة مهمة وصعبة في كل انتخابات في كثير من البلدان سواء في امريكا او في فرنسا وبريطانيا وعدد من الدول الاوروبية التى تشهد تصاعدا مقلقا لليمين المتطرف واختراقات كبيرة للحياة السياسية في السنوات الاخيرة.
واحتمالات النتائج المترتبة على موجات الهجرة المستمرة والمتدفقة سواء بشكل طبيعي او بفعل عوامل قسرية قهرية يشكل المسلمون في حالتيها رقما لايمكن ان تخطؤه عين.
اقول هذا وفرنسا تستعد اليوم 18نوفمبر2021 لاقامة مؤتمر في باريس بعنوان “الإسلام/الغرب إلى أين نحن ذاهبون؟” سيتم خلاله مناقشة العديد من القضايا الحيوية منها:”وضع الإنسان، الدولة والدين، الرب والإنسان. اختلافات وعدم تكافؤ، وعدم فهم بين الإسلام والغرب فهل يمكن تخطيها..وتحت أية شروط؟”..
كما سيتم مناقشة موضوع الإسلام والهجرة وهي قضية بالغة الحساسية سواء للمجتمع الفرنسي خاصة اوللدول الاوروبية والمستقبلة للهجرة اوالدول الاخرى المصدرة لها سواء من منطقتنا او من افريقيا واسيا او حتى الامريكتين وايضا لانها تعد من الموضوعات المركزية في الحملة الانتخابية القادمة للرئيس ماكرون في مطلع العام الجديد.
قد يسأل البعض ولماذا فرنسا تحديدا ؟
الجواب ببساطة:اعتبارات كثيرة جدا تجعل فرنسا في مقدمة الدول المهمومة بالقضية.. فالى جانب قضية المصالح المفروغ منها فان هناك ابعادا اخرى مرتبطة بالهوية الفرنسية ومنهجها العلماني الذي اصبح على المحك ويتعرض لمحنات قاسية وازمات حتى بات معروفا بان علمانيتها مأزومة ولم تفلح معها محاولات الترقيع او التركيع اوتوفير الحماية لها حتى خارج اطار القانون فالعلمانية الفرنسية مأزومة في الداخل والخارج خاصة في المحيط الفرانكفوني اوما كانت تعتبره المجال الحيوي لها خاصة في القارة الافريقية ويكفي للدلالة على ذلك ما يحدث على صعيد العلاقات مع كل من مالي والجزائر وبوركينا فاسو وما واجهه ماكرون شخصيا في قمة شباب افريقيا من انتقادات حادة للسياسات والتوجهات الفرنسية تجاه الدول الافريقية عموما.
كما ان فرنسا المرشحة رقم واحد في الزيادة الاكبر لعدد المسلمين بها وهو ما يشكل هواجس صعبة للساسة وغيرهم.
مركز البحث الأميركي PEW اصدر عددا من الإحصائيات تبيِّن تزايد أعداد المسلمين في أوروبا وفي فرنسا خلال الثلاثين سنة القادمة .في دراسة بعنوان (تزايد أعداد سكان أوروبا)اوضح أن عدد المسلمين في أوروبا سيصل سنة 2050 إلى 14 بالمائة من السكان.
وفي فرنسا سوف يتراوح أعداد المسلمين ما بين 12 إلى 18 بالمائة بحسب سياسات الهجرة واللجوء التي تنتهجها الدول الأوروبية المعنية.واشار المركز الى أن فرنسا ستضم أكبر عدد من المسلمين من بين جميع الدول الأوروبية حيث يوجد ما بين 5.7 إلى 8.8 مليون مسلم تليها ألمانيا التي تضم 4.9 مليون مسلم بنسبة 6.1 % من السكان ثم بريطانيا بأربعة ملايين ومائة ألف مسلم أي 6.3 % من السكان. في حين تضم بلغاريا 11 % من المسلمين تليها السويد بنسبة 8.1 %.
مركز بايو الامريكي قدم سيناريو اخر في حال قررت الدول الأوروبية تشجيع الهجرة إليها وبالتالي فسيصل تعداد المسلمين في أوروبا إلى 75.5 مليون مسلم أي ما يعادل 14% من سكان أوروبا كلها.
وستضم حينها فرنسا 13.2 مليون مسلم18% من السكان تليها بريطانيا بزيادة 13.4 مليون مسلم 17.2% من السكان. أما ألمانيا فستكون هذه المرة هي أكبر دولة أوروبية تضم أكثر عدد من المسلمين بنسبة 19.7% من السكان بعدد 17.4 مليون مسلم!
مؤشر زيادة عدد المسلمين يستخدم كسلاح للتخويف والترهيب من قبل العديد من الجهات والتحذير من تغييرات كبيرة في التركيبة السكانية لصالح المسلمين وهو ما يؤثر بحسب مزاعهم او هواجسهم على القيم العلمانية الاوروبية اياها.
المخاوف مبنية على ارتفاع نسبة الخصوبة لدى الفتيات المسلمات مقارنة بالاوروبيات ففي دارسة نشرها معهد ابن رشد للحضارة« نقلا عن دراسات غربية مختلفة اوضحت إن معدل زيادة المواليد في فرنسا بين الفرنسيين لا يزيد على 1.8 % بينما نسبة المواليد بين مسلمي فرنسا هي 8.1 % وقد أدى هذا خلال ثلاثة عقود إلى أن يصبح 30 % من الأطفال ما بين سن العشرين فأقل هم من المسلمين بينما في المدن الكبرى مثل نيس ومارسليا وباريس يرتفع العدد إلى 45 % وهذا يعني أنه في العام 2027 أي بعد سنوات قليلة من الآن سيصبح هناك مسلم من بين كل خمسة فرنسيين وبحلول العام 2050 سيصبح المسلمون أغلبية في فرنسا ولأن المساجد هي رمز الهوية الاسلامية فمنطقة جنوب فرنسا تعتبر من أكثر مناطق العالم ازدحاما بالكنائس ورغم ذلك فأعداد المساجد هناك أصبحت أكثر من عدد الكنائس.
من هنا تاتي اهمية موضوع المؤتمر الباريسي”الإسلام/الغرب إلى أين نحن ذاهبون؟”وهو ما يفرض ضرورة الانتباه لما يجري بالتزامن مع فعاليات اخرى تصب في الاتجاه نفسه ربما يدفع المسلمون ثمنا غاليا اذا غض الجميع الطرف عنها وتركنا الجاليات الاسلامية تصارع وحدها غول العلمانية المأزوم.
والله المستعان..
Megahedkh@hotmail.com