«الجزء الأخير»
من يمعن النظر فى حوادث وأحداث هذه المرحلة المحزنة ، ويتأملها بعين مجردة من التحيز ، والعناد والمكابرة . ولفهم حقائق الامور ، ومعرفة دخائلها ، وادراك كنهها حتى يكون المواطن العربى على بينة مما يدور حوله ، وتتم الحيلولة بينه وبين انجرافه فى تيارات التضليل السياسى وممارسته الخادعة ، التى تستخدم كوسيلة ماكرة تواكب المخططات التى تهدف الى تحقيق الاهواء الخاصة ، والغايات الفردية ، يجب على العرب جميعا ، من الخليج الى المحيط ، من خلال دراستهم الاوضاع الراهنة ، ومواقف ساستهم المختلفة ، وتحليلهم لها ، أن لا يمزجوا بين الاوهام الناتجة عن الخيال الجانح نحو التهور والغرور والادعاء ، والتخيلات المغرقة فى المغالطة والتزييف والافتراء ، وبين الحقائق الثابتة ، والمنجزات وليدة التأملات الصحيحة الخالصة . ولا يشك اثنان فى أن هؤلاء الساسة ، من الذين يريدون فرض زعامتهم فرضا ، وأن يظهروا بمظهر القادة عنوة ، انما يمارسون أساليب سياسية ، مقتبسة من هنا وهناك ، مرتبكة مضطربة وعقيمة ، تجعلهم يدورون فى حلقة مفرغة من التناقضات ، ينقضون وعودهم ، وينكثون عهودهم ، وينكرون اليوم ما اعترفوا به بالامس ، ويقبلون ما سير فضوله فى الغد ، لانهم سجنوا أنفسهم ، أو سجنهم الغير ، فى دائرة ضيقة تمنعهم من الانطلاق والحركة ، يدورون وراء جدران عالية يصعب عليهم هدمها أو اختراقها ، حتى يصيبهم الدوار ، ويضطرهم الى الوقوف ، أو السقوط فى سلبية وعجز ازاء المتغيرات السياسية التى تحيط بهم من كل جانب . ويرى كل عربى مخلص انه ليس من المقبول أو المعقول ان يستمر بعض محترفى السياسة فى رفع الشعارات الزائفة ، وان يواصلوا شن حملاتهم المسعورة على (العرب) . ويؤمن الانسان العربى ، ايمانا راسخا ، ان (العرب) قد استطاعوا ان تفرض وجودهم كدولة عربية قوية ومتحضرة ، فى ميدان القتال وفى المعترك السياسى ، ويتمنوا ان تقوم الدول العربية ببحث خلافاتها بجدية واخلاص ، وروح الاخوة العربية والاسلامية ، وبوعى كامل ، لابعاد سياستها ومراميها وان تفصل فيها بالحق ، لا عن طريق الانفعالات والنزعات ، والنزوات دون الالتزام بالمسئوليات التى تفرضها المرحلة العصيبة التى تمر بها الامة العربية .