لعبة عيد الميلاد لتشويه الاسلام والمسلمين!!
لا اعرف على اي شيء كان يراهن اللاعبون بالفكرة الخبيثة “عدم تهنئة النصارى بعيدهم “ومحاولة تغليفها في ثوب فتوى دينية وهو امر لا أصل له في دين او عرف.ولا اعرف ايضا لماذا يهتم الاعلام ووسائل التواصل بهذا الهراء والعفن الفكري ان جاز نسبته الى الفكر. اللهم الا إذا كان هناك وراء الاكمة ما وراءها..
لقد ابتلينا في عصر الهوس بالمتطرفين وافكارهم العجيبة بالعديد من الامراض المضحكة المبكية بالإضافة الى فكرة عدم تهنئة اهل الكتاب بأعيادهم عدم الترحم على من مات ويخالف افكارهم او توجهاتهم السياسية او غيرهم وكأنهم يحملون صكوكا للغفران استنسخوها من عصور غبرة غابرة طوروها بدلا من ان تكون قاصرة على الاموات جعلوا صكوكا للأحياء ايضا وهم يعلمون ان كل ذلك مخالف لتعاليم الدين واصوله ومخالف للشرائع والاعراف التى تؤكد الانسانية الشاملة والاخوة العامة التى تدعو اليها الاديان السماوية قبل غيرها من تشريعات ارضية..وان تلك الدعوات خصما من الرصيد الحي للحق والحقيقة.
السؤال هل يريد هؤلاء تقديم خدمة للدين ولكنهم ضلوا السبيل وخانهم غباءهم؟ هل يريدون الحفاظ على الوطن وتماسك لحمة ابنائه وتقوية اواصر الود والمحبة؟ هل يريدون سلاما وامنا للبشرية ؟
الجواب ببساطة:لا وألف لا فلا علاقة لهؤلاء المرجفون في المدينة باي شيء من ذلك ومن يمتلك ادني درجة من عقل وتفكير سيكتشف ان هناك لعبة ما يراد لها ان تشعل نارا وتثير فتنة لاتخمد مستغلة العواطف الدينية ومرتكزة على جهل كبير وامية دينية متفشية واهمال جسيم في التثقيف العام وحملات تحصين العقول وحمايتها من عبث العابثين.
انهم يريدون اثارة ازمة في قضايا محسومة وقال فيها العلماء الاجلاء الثقات القول الفصل وصدقت عليه المؤسسات الدينية الكبرى (الازهر الافتاء الاوقاف)بالقول والفعل..
ومن يتابع او يقرأ التراث العظيم لفتاوى كبار الائمة في العلاقة بين اهل الاديان وكيف كرمهم الاسلام ووفر لهم الحماية والامان والتمكين لإقامة شعائرهم حتى وهي مخالفة في بعضها للإسلام او لا تعترف به من الاصل سوف يندهش من هذا الرقي الحضاري والاخلاقي الرائع الذي وصل قمة الانسانية مع المختلف عقائديا وسيكتشف لأول وهلة ان مسألة التهنئة قضية مقحمة ومفتعلة لا اصل لها وأنها من باب تحليل التراب على الحليب.
ما القصة اذن؟!
يبدو اننا في عصر اوحقبة مصابة بهوس اللعب مع المتطرفين والشواذ فكريا واجتماعيا وانسانيا ومن يعانون من تشوهات في الفكر والتوجهات الايديولوجية والسياسية بصفة عامة ومن يحترفون خلط الاوراق واثارة القلاقل ومحاربة الدين كدين من قبل ومن بعد.تيارات تريد للمهوسين دينيا وعرقيا ان تكون لهم الصدارة في كل مشهد ويتم اللعب بهم تحت ظلال صناعة الديموقراطية الخادعة خاصة في الغرب واستخدام ورقة المتطرفين في لعبة الضغوط السياسية سواء داخليا وخارجيا ولمن يريد ادلة عليه مراقبة صعود اليمين المتطرف واستعلاء الابيض في دول الغرب والعودة الحثيثة للفاشية السياسية وغيرها على الساحة وارتفاع صوتها يوما بعد يوم وتأثيرها المتزايد على السلطة وانظمة الحكم بصورة ملحوظة.
اللجوء للمتطرفين واقوالهم او فتاويهم يثير الريبة والشك في اثارة تلك الحملات والتركيز عليها في مواسم بعينها..ثم الم يكن من المنطقى ووفقا لقواعد النشر والاعلام ان نذكر القصة الحقيقية واطرافها لماذا نتجاهل آيات القران الصريحة والواضحة بلا لبس او غموض مثل قوله تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة:8]
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة ليس بيني وبينه نبي والأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد)..ومعنى أولاد العلات: هم الأخوة من أب واحد وأمهات متعددة.والاخوة لأم يسمون إخوة الأخياف اما الاخوة الأشقاء من أب وأم واحدة فيسمون الإخوة الأعيان..
في احدث فتاوى الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر قال”انَّ العلماء اجازوا اخراج صدقةِ المسلم شرعًا لغير المسلمِ من المسيحيين أواليهودِ أوالمجوسِ وكذلك اعطاؤهم من زكاة الفطر والكفارات والوصية والوقف واشار الى ما حدث من أنَّ أسماءَ بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما زارتها أمُّها في المدينة وكانت مشركةً فسألَتْ أسماءُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم هل تستقبلُ أمَّها وتصلُها فقال صلى الله عليه وسلم:”نعم صِلي أمَّك” فإذا كانت صلةُ المسلم للكافر مطلوبةً أيكون مجردُ السلامِ على أهلِ الكتابِ وتهنئتهم منهيًّا عنها؟.
أن القرآن الكريم وصف لنا – يقول شيخ الازهر-أتباعَ عيسى عليه السلام بأنهم الأقرب مودة ورأفةِ ورحمةِ للمؤمنين في قولِه تعالى:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}[المائدة: 82] وقوله تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً}[الحديد:27] وتساءل:هل ينتظرُ المسلمُ وهو يقرأ هذه الآياتِ الكريمةَ أن تُفاجِئَه آيةٌ أو حديثٌ يُحرِّمُ عليه تهنئةَ جارِه أو صديقِه المسيحيِّ أو يَنهاهُ عن مُصافَحته؟ وكيف يُبيح القرآنُ للمسلم أن يَتَّخِذَ زوجةً له مسيحيَّةً أو يهوديَّة تَبقَى على دِينِها مع زوجِها المسلمِ ويكونُ بينهما ما يكونُ بينَ الزوجِ وزوجتِه من المودةِ والرحمةِ والاحترامِ والعيش الجميل المشترَكِ وبينهما من الأطفال ما يَزيدُهما حُبًّا وتماسُكًا وكيف يُبيحُ له القرآن الكريمُ والشريعة الإسلاميةُ كلَّ ذلك ثم يُقال له: احذَرْ من تهنئةِ زوجتِك في أعيادِ الميلادِ فإنَّه حرامٌ؟! أم أنَّ الزوجةَ المسيحيَّةَ -في مذهب هؤلاء- مُستَثناةٌ من هذا المنعِ؟!”.
لو ان هؤلاء الحمقى كانوا يريدون فعلا خدمة لدينهم لقاموا ببيان وشرح وتوضيح الصورة التي رسمها القران الكريم لنبي الله عيسى عليه السلام وأمه مريم في القران الكريم وهي واحدة من أجمل واروع القصص القراني التى حظيت بعناية فائقة ليس فقط بعيسى وأمه ولكن بأم السيدة مريم وعائلة ال عمران حفاوة بالغة بالاسم الصريح وهي المرأة الوحيدة التى حظيت بهذا الشرف وكذلك ماورد في السنة الصحيحة على هذا الصعيد..
هذا الجانب الغائب في الدعوة والدفاع عن الاسلام لا يزال مبهرا لكل الغربيين الذين سمحت لهم فرصة ان تصلهم انوار الدعوة الصحيحة او من نجحوا في ان يتغلبوا على كابوس الدعاية المضادة للإسلام ويفلتوا من رحى طاحونة تشويه صورة الاسلام والمسلمين..فكثير منهم لا يصدق ان القران الكريم يتحدث عن سيدنا عيسى وامه البتول بهذه الصورة من التقدير والاعزاز والتبجيل وان من شروط اكتمال ايمان المسلم ان يؤمن بانبياء الله ورسله وعيسى منهم بل هو واحد من اولى العزم من الرسل..
ان الدين خير خالص مرسل من الله الى عباد الله كما يرسل الغيث الى الارض الجدباء فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج.. وما أتعس اولئك الذين يتخذون من الدين ذرائع لإلقاء العداوة والبغضاء بين الناس في ظل التعصب للعقيدة وبدعوى الغيرة عليها والتمكين لسلطانها.
والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com