معلومات أساسية
في 30 أغسطس 2021، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 فبراير يومًا عالميًا للأراضي الرطبة لإذكاء الوعي بالحاجة الملحة لعكس اتجاه الفقد المتسارع للأراضي الرطبة وتعزيز صونها واستعادة ما فُقد منها. ويصادف ذلك اليوم تاريخ اعتماد ’’ اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية وخاصة بوصفها موئلاً للطيور المائية ‘‘ في الفعالية الدولية التي عُقدت في عام 1971 في مدينة رامسار الإيرانية على شواطئ بحر قزوين. وتمكن الاتفاقية البلدان — بتعيين المناطق المحمية، وتنفيذ سياسات فعالة، وتشاطر المعرفة — من اتخاذ تدابير لصون أراضيها الرطبة واستخدامها بحكمة. واعتُمدت 172 دولة تلك الاتفاقية، ويجب على كل دولة تنضم إلى الاتفاقية تعيين أرض رطبة واحدة على الأقل لإدراجها في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية (مواقع رامسار).
المناخ والبيئة
تحتفل الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء 2022، باليوم العالمي للأراضي الرطبة تحت شعار (العمل لحماية الأراضي الرطبة لنفع الناس والطبيعة) ، إدراكا منها أن هذه النظم البيئية الهشة تقدم مساهمة حاسمة في التنوع البيولوجي، وتخفيف آثار تغير المناخ، وتوافر المياه العذبة، والقدرة على الصمود اقتصاديا.
تعريف الأراضي الرطبة
هي أنظمة بيئية حيث الماء هو العامل الأساس الذي يتحكم في البيئة والحياة النباتية والحيوانية المرتبطة بها. ويشمل التعريف الواسع للأراضي الرطبة كلاً من المياه العذبة والنظم الإيكولوجية البحرية والساحلية مثل البحيرات والأنهار ومستودعات المياه الجوفية والمستنقعات والأراضي العشبية الرطبة والأراضي الخثية والواحات ومصاب الأنهار ودلتا ومسطحات المد والجزر وأشجار المانغروف والمناطق الساحلية الأخرى والشعاب المرجانية، ومواقع الأنشطة البشرية من مثل أحواض السمك وحقول الأرز والخزانات وأحواض الملح.
أهمية الأراضى الرطبة
وللأراضي الرطبة أهمية حيوية للناس وللطبيعة نظراً للقيمة الأصيلة لهذه النظُم الإيكولوجية والفوائد والخدمات المنبثقة منها، بما في ذلك مساهماتها على الصعد البيئي والمناخي والإيكولوجي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي والتعليمي والثقافي والترفيهي والجمالي في تحقيق التنمية المستدامة ورفاه الإنسان. ومع أن الأراضي الرطبة تغطي 6 في المئة ققط من سطح الأرض، فإن 40 في المئة من جميع أنواع النباتات والحيوانات تعيش أو تتكاثر في الأراضي الرطبة. ولأن التنوع البيولوجي للأراضي الرطبة مهم لصحتنا وإمداداتنا الغذائية والسياحة والوظائف، فإن الأراضي الرطبة حيوية للبشر وللأنظمة البيئية الأخرى ولمناخنا، حيث تتيح خدمات النظم البيئية الأساسية مثل تنظيم المياه، بما في ذلك التحكم في الفيضانات وتنقية المياه. ويعتمد أكثر من مليار إنسان في جميع أنحاء العالم — أي حوالي واحد من كل ثمانية أشخاص — على الأراضي الرطبة لكسب عيشهم.
المخاطر التي تتهدد الأراضي الرطبة
الأراضي الرطبة من بين النظُم الإيكولوجية التي تتعرض لأعلى معدلات الانحسار والفقدان والتدهور، وإذ ترى أن مؤشراتِ الاتجاهات السلبية الحالية في التنوع البيولوجي العالمي ووظائف النظم الإيكولوجية يُتوقع أن تستمر في التردي بفعل مسبِّبات مباشرة وغير مباشرة مثل النمو السكاني البشري السريع والإنتاج والاستهلاك غير المستدامين وما يرتبط بذلك من تطور تكنولوجي، إضافة إلى الآثار السلبية لتغيّر المناخ. وتُفقد الأراضي الرطبة بمعدل أسرع بثلاث مرات من الغابات، فضلا عن أنها من أكثر النظم البيئية المعرضة للخطر على الأرض. ففي غضون 50 عامًا فقط — منذ عام 1970 — فُقدت 35 في المئة من الأراضي الرطبة في العالم. ومن الأنشطة البشرية التي تؤدي إلى فقدان الأراضي الرطبة الصرف والحفر للزراعة والبناء والتلوث والصيد الجائر والاستغلال المفرط للموارد وتغير المناخ. وهذه الحلقة المفرغة من فقدان الأراضي الرطبة وتهدد سبل العيش وتفاقم الفقر هي نتيجة للنظر إلى الأراضي الرطبة على أنها أراض قاحلة وليست مصادر تتيح فرص العمل والدخل وخدمات النظم البيئية الأساسية. ولذا فأحد التحديات الرئيسة هو تغيير العقليات بما يحث الحكومات والمجتمعات على تثمين الأراضي الرطبة والاهتمام بها..
مقاومة الأراضي الرطبة تغير المناخ
تعتبر الأراضي الرطبة حلاً طبيعيًا للتهديد العالمي لتغير المناخ الذي بات من محددات العصر الحديث. في تمتص ثاني أكسيد الكربون، لذا فهي تساعد على إبطاء الاحتباس الحراري وتقليل التلوث، وبالتالي فغالبًا ما يشار إليها باسم ’’كلى الأرض‘‘. وتخزن أراضي الخث وحدها ضعف كمية الكربون التي تخزنها جميع غابات العالم مجتمعة. ولكن عند تجفيف الأراضي الرطبة وتدميرها، تنبعث منها كميات هائلة من الكربون.
وتتيح الأراضي الرطبة كذلك حاجزًا ضد تأثيرات الفيضانات والجفاف والأعاصير وأمواج تسونامي، فضلا عن أنها تعزز المرونة في مواجهة تغير المناخ.
الأراضي الرطبة وأهداف التنمية المستدامة
أن الأراضي الرطبة ضروريةٌ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبخاصة: الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة الذي يركّز على ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها على نحو مستدام، وغايته 6-6 التي تهدف إلى حماية وترميم النظُم الإيكولوجية المتصلة بالمياه؛ وإلى الهدف 14 المتعلق بحفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة، بما في ذلك غايته 14-2 التي تهدف إلى إدارة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية على نحو مستدام وحمايتها؛ والهدف 15 المتعلق بالحياة البرية وغايته 15-1 التي تهدف إلى ضمان حفظ وترميم النظُم الإيكولوجية البرية والنظُم الإيكولوجية للمياه العذبة الداخلية وخدماتها.
واجبنا نحوها
لأول مرة، الأمم المتحدة تحتفي بالأراضي الرطبة 2022 تقديرا لدورها المهم في التصدي لأزمة تغير المناخ. وموضوع اليوم العالمي “العمل لحماية الأراضي لنفع الناس والطبيعة”، هو بمثابة دعوة عاجلة للعمل واستثمار رأس المال النقدي والبشري والسياسي، لإنقاذ الأراضي الرطبة في العالم من الاختفاء تماما – واستعادة تلك المساحات التي فقدتها بالفعل.
كاتب المقال ا. د -مؤسس كلية الطب البيطري جامعة عين
شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية- اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالاتحاد العربي لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية.