إنكار المعراج أو الإسراء والمعراج يأتي في إطار منظومة التشكيك بالإسلام وزعزعته في نفوس اتباعه وفي نفوس من يفكر في اعتناقه وهي عملية زاد وطيسها وتنظيم حدوثها وتكثيفه منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وإعلان الغرب أن الاسلام هو عدوه الجديد الذي يمثل تهديدا لحضارته .
ونستطيع أن نرى جوانب هذه الحرب ومعاركها في أمور كثيرة لا تحدث إلا مع الاسلام كموجة الإرهاب التي تنفق عليها وتدربها وتسلحها أجهزة مخابراتية غربية وفي الوقت ذاته تدعوا العرب والمسلمين إلى حرب الإرهاب وتلصق بالإسلام (دين السلام ) تهمة الإرهاب . وكذلك موجة الإلحاد المنظمة والانفاقات الضخمة على جمعياته وبرامجه الإعلامية والغريب أن الإلحاد يوجه حربه في أغلبه إلى الإسلام بل نرى بعض الطوائف التي تنتمي إلى أديان سماوية تدعمه وتنفق عليه كذلك ما يعرف بالابراهيمية وهي عملية دوليه اخترعها الصهاينة هدفها خلع رواسخ الاسلام من قلوب اتباعه وإقناعهم بما حذرهم القران الكريم منه تحذيرات مباشرة لا لبس فيها لكن أصحاب المصالح والأهداف الاستعمارية يريدون تذويب الطاقة الإيجابية لهذا الدين في قلوب اتباعه .
كذلك ما تقوم به إحدى لجان الأمم المتحدة من محاولة تفكيك الأسرة السوية وما جاء بالإسلام من قواعد منظمة لها سواء في تكوينها أو مسئولية أعضائها من زوج وزوجة وأبناء وحقوق كل عضو وواجباته وقيم التعامل فيما بينهم وتحويلها إلى مسخ غريب لا يرضاه الأسوياء وحذر منه الدين وأخبرنا القرآن الكريم بعواقب هذا الطريق وعواقب من ساروا فيه قديمًا
أما إذا تأملنا أولئك الذين يخرجون علينا كل عام بادعائهم أن المعراح لم يحدث أو أن الإسراء كان إلى الطائف وليس إلى بيت المقدس أو أن المعجزة كلها لم تحدث بأسرائها ومعراجها فإننا نجدهم لا يختلفون عن المكذبين الاوئل حتى في كلامهم وان كان الأوائل لم يجرءوا أن يقولوا أن الاسراء كان إلى الطائف
وإذا تأمل المؤمنون هؤلاء المكذبين وجودوا تصرفهم المتكرر تأكيدًا للمعجزة القرآنية التي أخبرت المعاندين المكذبين بما سيقولونه فقالوه مثلما بشرت أبا لهب بالنار وأنه سيموت على كفره وكان يستطيع أن يدعي الاسلام ليثبت عكس ما أخبر به القرآن فلم يفعل حيث يقول تعالى مستنكرا ما يقولون من تكذيب للإسراء والمعراج “أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (12)
وعندما نقرأ قوله تعالى “أفتمارونه على ما يرى” نكتشف أن القرآن يخبرنا أن عمليه التشكيك قائمة وستظل بدليل هذه الآية القائمة إلى يوم القيامة وأن أبا جهل وأبا لهب موجودان ومستمران وأنهم لن يشكوا في هذه الآية فقط وإنما سيظل الشك هدفًا لهم وأمثالهم مهما علموا من حقائق فعملية الإنكار متكررة منذ حدوث هذه المعجزة العظيمة التى كرم الله بها نبينا بمكانة لم يرتق إليها نبي قبله كما كرمه بالسلام عليه قائلا: السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته” كما جاء في نص التشهد وذكرته الأحاديث النبوية الصحيحة حيث سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضرة الذات العلية قائلا :التحيات لله والصلوات الطيبات لله ..”فقال له ربه السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته… ويوحي الله سبحانه إلى نبيه ويكلفه بالصلوات الخمس ” فأوحى إلى عبده ما أوحى”.
أقول عندما نتاملهم نجدهم لم يبعدوا كثيرا عن أولئك الذين أنكروا المعجزة ورسول الله يحدثهم بتفاصيل بيت المقدس كما طلبوا ويحدثهم عن تجارتهم التي رأى قافلتها وأرشدها عن جمل شرد منها وأخبرهم بوقت وصولها وهو ما تحقق كما قال ولكنهم كذبوه أيضا .
لكن المعضلة تكون في مسلم يقرأ قوله تعالى” ما كذب الفؤاد ما رأى “ثم يكذٓب بما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم به ويكذب بما قاله القرآن الكريم في سورة النجم .ليس هذا فقط بل يتحدث في أمر ليس في حاجة إلى الحديث فيه فمعجزة الاسراء والمعراج لا خطر إن جهلها مسلم ولم يعلم بها وكذلك لا يترتب على العلم بها عمل سواء من الشعائر أو السلوك الشخصي أو التعاملات فيما بين الناس . على الجانب الآخر سيظل نموذج سيدنا أبي بكر قائما بيننا أيضا :”إن كان قد قال فقد صدق..”” ثم يقدم حيثياته العقلية إنني أصدقه في خبر السماء فكيف لا أصدقه في ذلك.