على طريقة بعض بائعى العتبة عندما يمسكون بالميكروفونات، ينادون بها على الزبائن، قائلين: «بجنيه ونص وتعالى بص»، بدأت العديد من المحلات الأمريكية تطبيق نفس النظرية، رافعين شعار: «بدولار ونص وتعالى بص» فى محاولة لجذب الزبائن الذين يكتوون بنار الأسعار منذ فترة طويلة، وحتى نكون منصفين فإن موجة الارتفاع الجنونى فى أسعار السلع والخدمات ليس له علاقة بالحرب الدائرة الآن فى أوكرانيا، حيث يضج الكثير من الأمريكيين بالشكوى من ارتفاع الأسعار منذ مدة طويلة، قبل نشوب
احتكاكات ما قبل الحرب العالمية الثالثة، فقد وصف عدد كبير من الاقتصاديين العالمين أن هذه الموجة من ارتفاع الأسعار فى أمريكا غير مسبوقة.
لم تجد المحلات الأمريكية حلا سوى فى تطبيق نظرية بائعى العتبة، وبدأت تنتشر مؤخرا سلسلة محلات تحمل كلها عنوانا يعنى أن كل شيء بدولار واحد فقط. من هذه المحلات «وان دولار زون» و«دولار تري» هى طبعا «ثري» أى ثلاثة ولكن الأمريكيين ينطقون الثرى ترى، والعنوان يوحى بأن الدولار فى هذه السلسلة يشترى أشياء ثمنها فى الأصل ثلاثة دولارات، وكذلك سلسلة دولار جنرال أى أن كل شيء فى المحل فقط بدولار، وقد نجحت هذه السلاسل فى كسر حالة الجمود وحركت عجلة الاقتصاد، حيث تشهد إقبالا غير عادى من الزبائن الذين وجدوا فى أسعارها تعويضا عن الارتفاع الجنونى فى الأسعار.
الذى يحير البعض هو ذلك الفارق الكبير بين الأسعار فى تلك المحلات، وبين الأسعار خارجها، خاصة فى السلع الضرورية، فلا تلمس أى فارق لا فى شكل المنتج ولا حتى فى طعمه، لو كان مأكلا أو مشربا، بينما الفارق كبير فى سعر المنتج داخل محلات «وان دولار زون» وبين خارجها. تستطيع مثلا أن تشترى عبوة معجون الأسنان الكبيرة بدولار من تلك المحلات، بينما لا يقل سعرها فى الصيدليات عن الجنونى فى الأسعار.
الذى يحير البعض هو ذلك الفارق الكبير بين الأسعار فى تلك المحلات، وبين الأسعار خارجها، خاصة فى السلع الضرورية، فلا تلمس أى فارق لا فى شكل المنتج ولا حتى فى طعمه، لو كان مأكلا أو مشربا، بينما الفارق كبير فى سعر المنتج داخل محلات «وان دولار زون» وبين خارجها. تستطيع مثلا أن تشترى عبوة معجون الأسنان الكبيرة بدولار من تلك المحلات، بينما لا يقل سعرها فى الصيدليات عن خمسة دولارات، كذلك سعر مجموعة كاملة من فرش الأسنان تباع بدولار واحد، أيضاً كل أنواع الشيبسى وأيضاً الشيكولاتات وغيرها من الحلويات، ما جعل تلك المحلات تهدد شركات كبرى بالإغلاق والانسحاب من السوق، خاصة مع الإقبال المتزايد من المستهلك الأمريكى على تلك السلاسل، رغم محاولة الشركات الكبرى مواجهتها بسلسلة حملات تشكك فى جودة تلك المنتجات ومدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمى، لكن المستهلك الأمريكى أذن من طين وأخرى من عجين.
الطريف أن تلك السلاسل أصبحت ملتقى للمهاجرين الذين وجدوا فيها أيضاً ضالتهم المنشودة. غالبية المهاجرين طبعا يميلون للتوفير أو إن شئت الدقة للتقتير، وهو ما جعل إحدى تلك السلاسل تطلق على نفسها دكان المقترين. طبعا ليس المقصود هنا التقتير بمعناه المنبوذ، ولكن التقتير فى الثقافة الأمريكية يعادل الفطنة فى التعامل مع الأزمات الاقتصادية التى لا تعادلها أى أزمة اخرى، سياسية كانت أو اجتماعية أو غيرها. فلا يوجد ما هو أهم عند الأمريكى من جيبه وكل ما يتعلق به. الأزمة الاقتصادية جعلت بعض الفئات تعمل ربما فى ثلاث وظائف يوميا حتى يستطيع تدبير الفواتير الشهرية المطالب بسدادها.
وإذا كانت مثل هذه السلاسل التجارية تلبى بعض حاجات المستهلكين، سواء الأمريكيون أم المهاجرون وعلى رأسهم العرب، فان كل مستهلك أمريكى الآن يقول لك مفضفضا عما يشعر به من قلق: ليت الأمر من جنون الأسعار يتوقف عند هذا الحد حتى لا ترفع محلات الدولار الواحد شعار «بخمسين دولار ونص وتعالى بص»!!
Hisham.moubarak.63@gmail.com