أيام قلائل ويحل علينا جميعًا شهر رمضان الكريم بنفحاته الروحانية الربانية، وهو شهر التراحم والتكافل والإخاء، وهو أيضًا شهر البر والإحسان والتقرب إلى الله بزيادة الطقوس الدينية من صيام وصلاة وقراءة القرآن والاستغفار، بالإضافة لكثرة الأعمال الصالحة، وإخراج الزكاة والصدقات أملا وطمعًا في الله أن يغفر لنا عما مضى، ويعفو عنا فيما قد تجاوزناه وتقصيرنا، وأن يثبتنا جميعًا فيما تبقى في أعمارنا إذا كان في العمر بقية، بأن نكون دائمًا في رحابه وكنفه، وأن يعصمنا من الزلل ويجنبنا وساوس الشيطان، ويقوي ضعفنا فإن الإنسان ولد ضعيفًا.
ومن أحب الأعمال التي يجب أن نكثر منها في هذا الشهر المبارك هو مساعدة المحتاجين، ومد يد العون لهم، والعمل على إخراجهم من عثراتهم -خاصة المالية- نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة والقاسية التي تمر بها بلدنا الحبيبة مصر؛ وذلك من ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات يومًا بعد يوم، ويكتوي بنارها أغلبنا، ونصرخ من قسوتها، ولعل الله في هذا الشهر الكريم أن يستجيب لدعاء المؤمنين منا، ويزيح هذه الظروف عن كاهلنا، ويخفف عنا أحمالها وننعم جميعًا برغد العيش وسعة الرزق وعدم العوز، ويفرج كل مكروب، ويشفي كل مريض، ويسدد دين كل مديون.
ولذا يجب على كل القادرين أن يحاولوا قدر الإمكان إخراج الكثير من الصدقات، وحتى ولو قليلة، فإن القليل عند المحتاج كثير، والمحتاجون كثر، والذين أصبحوا فعلا من الطبقة الوسطى؛ وهي الطبقة التي أكثرها يئن ويصرخ من شدة الغلاء خلف أبواب بيوتهم، ولا تظهره أمام الناس؛ لعزة نفسها والحفاظ على كرامتها وهيبتها ومكانتها الاجتماعية، ويحمدون الله ويشكروه ليل ونهار وسرًا وعلانية على نعمة الستر، وما قدره الله لهم من أرزاق حتى ولو قليلة..
وهؤلاء -الطبقة الوسطى- هم الذين يجب على كل القادرين البحث عنهم خلف الأبواب المغلقة ومساعدتهم؛ سواء من الأقرباء -وهم أولى بالمعروف- أو الأصدقاء والجيران، وهؤلاء الذين ينطبق عليهم قول الحق سبحانه وتعالى (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ).
وأخيرًا.. وليعلم كل متصدق ومنفق في سبيل الله أنه الذي يحتاج للمتصدق عليه، وذلك حسب الآية الكريمة (…وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).