الاعباد والمناسبات الاستثنائية تجدد الحياة لدى الناس وتعيد لهم من النشاط ما يفتح لهم أبواب الأمل والإبداع والانطلاق من جديد لأن التغيير في رتابة حركة الإنسان يتبعه تغيير في بقية تفاصيل حياته بكل جوانبها سلبًا أو إيجابًا ، وقد أفهم ذلك من قوله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” فالقضية لا تتعلق بالإيمان والكفر أو بالاستقامة والمعصية أو النعمة والنقمة فقط ،و إن كان ذلك أصلًا وأساسًا وإنما الأمر يتعلق بعملية التغيير التي يتبعها تغيير حتى في نشاط الدورة الدموية للإنسان، ويحضرني مثلا نردده في قرانا يقول : ” الحزن وسط أولاد العم فرح” وهو يريد أن يقول أن تجمع الأقارب بشكل استثنائي وبمشاعر استثنائية وان كانت محزنه يدخل على قلب الإنسان سعادة خاصة من خلال ما يملأ قلبه من طمئنية بحب أقاربه والتفافهم حوله ولقاؤهم لقاء قد لا يتكرر في الظروف العادية ومن المؤكد أن هذا لون من التغيير الذي يضفي على الإنسان شعور بالايجابية ويعيد إليه ذكريات تدفعه إلى التجدد بالأمل والنشاط والفرح أو حتى الشجن الجميل الإيجابي.
ومن هنا فإذا كان شهر رمضان يأتي ليغير لدينا منهج الحياة من مأكل ومشرب ويعيدنا للتواصل مع الناس ومع الله ومع كتابه والتضرع إليه فإن الأعياد والمواسم تأتي لإحداث تغيير آخر من فرح وبهجة وتسامح يدعونا إليه الدين وتزاور نستمطر به رحمات الله ونفتح من خلاله مع الاخرين قنوات كانت قد أغلقت لسبب أو لآخر، وندخل البهجة على الآخرين أقارب وجيران وأخوة في الإنسانية تقربًا إلى الخالق العظيم ..كل هذا ينعكس على الإنسان روحا وجسدا ونشاطًا بدنيًا وذهنيًا وروحيًا .
كذلك قد تكون النوائب في حياة الواحد منا وقفات للتأمل يتغير من خلالها النظر إلى الأشياء في كل جوانبها بل إلى الحياة والموت ومعنى السعادة والشقاء بل آليات السعادة ومصادرها .
إذن التغيير هو الحل .وإذا كنا في الأعياد التي يفرح فيها الإنسان بإتمام فريضة الصوم فإن الله سبحانه وتعالى عندما قال : “اعملوا آل داوود شكرا ” نبهنا إلى الحقيقة الكبرى التي هي مصدر التغيير وهي العمل فالشكر يكون بالعمل وليس بالقول والقول بلاعمل كذب على الله والنفس والناس والكذب لايقبله الناس فما بالنا بعلام الغيوب الذي يعلم ما تخفي الصدور . يقول الحسن البصري : [ إن قوماً غرهم حسن الظن بالله حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم، يقولون: نحسن الظن بالله، كذبوا والله لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل “
وعندما قال لنا ربنا :إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ” فهو يحدثنا عن آليات التغيير الحقيقي التي تبدأ بنفس راغبة في التغيير، ونية صادقة تعرف أن العمل هو الترجمة الحقيقية للصدق مع النفس في الخروج مما هي فيه سواء بالسلب أو بالايجاب ،” الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل”. أخيرا نسأل الله التغيير للأفضل والاحسن.