ويؤكد:
الصناعة قاطرة التنمية في العصر الحديث
وبالعلم تتقدم الأمم وبالقوة تصان الأمم
كتب عادل يحيى
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي ، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الجمعة 13/ 5/ 2022م خطبة الجمعة بمسجد “محمد علي” بالقلعة بمحافظة القاهرة بعنوان “الصانع المتقن والجندي المرابط يدًا بيد” ، بحضور السيد اللواء/ خالد عبد العال محافظ القاهرة ، والأستاذ/ محمد نوار رئيس الإذاعة المصرية ، والدكتور/ عمرو الليثي رئيس اتحاد الإذاعات الإسلامية ، والإعلامي الكبير الأستاذ/ نشأت الديهي ، والدكتور/ هشام عبد العزيز علي رئيس القطاع الديني ، والدكتور/ أيمن أبو عمر رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة ، والدكتور/ خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة ، ونخبة ممتازة من رؤساء ووكلاء ومديري الإذاعات الإسلامية وكبار المسئولين والمذيعين المشاركين في فعاليات دورة اتحاد الإذاعات الإسلامية المنعقدة بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين التي يشارك فيها نحو 25 مشاركًا من واحد وعشرين دولة .
وفي خطبته أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن جيشًا قويا واقتصادًا قويا يعني دولة ذات مكانة ومواطنًا ذا كرامة وفي ذلك يقول الشاعر:
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم
لم يُبْن مُلْكٌ على جهلٍ وإقلالِ
ويقول الآخر
أَرُوِني أُمَّةً بَلَغَتْ مُنَاهَا
بَغَيْرِ الْعِلْمِ أَوْ حَدِّ الْيَمَانِي
فبالعلم تتقدم الأمم وبالقوة تصان الأمم ، ولذلك قامت وزارة الأوقاف بتخصيص خطب هذا الشهر للحديث عن أهمية الاقتصاد ، فكانت خطبة الجمعة الماضية عن “التاجر الأمين” والخطبة القادمة إن شاء الله ستكون حول “الزارع المجد” ، والتي تليها حول ” المستثمر الوطني” ، وخطبتنا هذه عن “الصانع المتقن والجندي المرابط يدًا بيد” فالصناعة بمقاييس أهل العلم والاقتصاد والخبراء هي قاطرة التنمية في عالمنا المعاصر سواء كانت حرفية أو يدوية أو تقنية ، أو صناعة موصلات أو أشباه موصلات أو صناعات تكنولوجية ، فالصناعة قاطرة التنمية في العصر الحديث ، وقد تحدث القرآن الكريم عن قضية الصناعة وعبَّر عنها تعبيرًا واضحًا قويًا علينا أن نتنبه له حيث يقول سبحانه لسيدنا نوح (عليه السلام): “وَاصْنَعِ الْفُلْكَ” وهو أمر واضح بالصناعة ، وأهل العلم يقولون أن خطاب الله (عز وجل) للأمم السابقة هو خطاب لنا ولهم مالم يأت ما يفيد أنه خاص بهم ، ولم ينته الأمر على ذلك بل قال تعالى: “بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا” أي قم بالصناعة بأمر من الله سبحانه ، فالصانع المتقن بعين الله.
ويقول سبحانه بشأن سيدنا داوود (عليه السلام) : ” وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ” ، ويقول سبحانه: ” وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ” وذلك بيان بأهمية الصناعة ، وفي هذا يقول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ” ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ ، خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ” يقول الإمام القرطبي (رحمه الله) ، وقد خص النبي (صلى الله عليه وسلم) سيدنا داود (عليه السلام) بالذكر من بين جميع الأنبياء (عليهم السلام) لأن سيدنا داود (عليه السلام) كان نبيًا ملكًا ولم يكن في حاجة لأن يعمل ليتقوت وإنما كان يعمل لشرف العمل وقيمة العمل.
مؤكدًا أننا أمة “اقرأ” وأمة “أتقن” ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ” فلم يطلب من الإسلام مجرد العمل بل أمر بإتقان العمل لنكون بحق خير أمة أخرجت للناس حينما نتمسك بديننا علمًا وعملًا وقيمًا وأخلاقًا ، لا نغش أحدًا ولا ندلس على أحد ، حتي يكون منا الصانع المتقن والزارع المتقن والتاجر المتقن فهؤلاء جميعًا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، نسأل الله أن نكون منهم.
كما أكد أنه لا اقتصاد بلا أمن ، ولا استقرار بلا أمن ، فلا بد للاقتصاد من قوة تحميه ، وهنا يأتي دور الجندي والشرطي المرابط على حماية هذا الوطن داخليًا أو على حدود هذا الوطن ، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: “والَّذي نفسي بيدِه لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيلِ اللهِ ـ واللهُ أعلَمُ بمَن يُكْلَمُ في سبيلِه ـ إلَّا جاء يومَ القيامةِ وجُرحُه ينثَعِبُ دمًا اللَّونُ لونُ دمٍ والرِّيحُ ريحُ مِسكٍ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “عَينانِ لا تمَسَّهما النَّارُ : عينٌ بكت من خشيةِ اللهِ ، وعينٌ باتت تحرسُ في سبيل اللهِ” ، مشيرًا إلى أن ما تقوم به قواتنا المسلحة الباسلة من حماية الوطن وحماية الأنفس والأموال والأعراض هو عين الجهاد في سبيل الله ، ويجب علينا جميعًا أن نقف صفًا واحدًا وبقوة خلف قواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الوطنية لحماية أمننا ، فمن مات دون نفسه فهو شهيد ، ومن مات دون عرضه فهو شهيد ، ومن مات دون ماله فهو شهيد، ومن مات دون وطنه فهو شهيد ، بل في أعلى درجات الشهادة لأنه قدم نفسه فداء لوطنه وللآخرين ، أما جماعات أهل الشر والضلال الذين يخربون الأوطان ويسفكون الدماء ويعبثون بمقدرات أوطانهم فهؤلاء قتلة مجرمون ليسوا من الأديان ولا من الإنسانية في شيء ، فكل من يعتدي على الآمنين أو على أبناء وطنه أو على مقدرات وطنه فهذه جريمة في حق الدين والوطن.
مؤكدًا أن الأبطال هم الذين يدافعون عن دينهم أوطانهم بعزة وشرف يقدمون أنفسهم في سبيل الله ، نسأل الله (عز وجل) أن يتقبل شهداءنا مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وأن يربط على قلوب أسرهم وذوييهم وأن يخلف فيهم الخير ، وأن يحفظ مصر وأهلها وجيشها وشرطتها من كل سوء ومكروه.