إن قضية التغيرات المناخية أصبحت حقيقة، والتكيف معها أصبح أمرا حتميا ومهما لنا جميعا، وعلينا بذل كل ما فى وسعنا من أجل خفض الانبعاثات الحرارية لإبطاء الاحتباس الحراري كل حسب المكان الذي يعيش فيه.
فى هذه المقالة نرصد كيفية المساهمة فى حلول التكيف مع التغيرات المناخية، حيث أكدت الدراسات والبحوث البيئية، أن هناك طرقا عدّة للتكيف مع ما يحدث الآن، وما سيحدث في المستقبل.
بالنسبة للأفراد:
يمكن للأفراد والاشخاص العاديين اتخاذ بعض الإجراءات البسيطة التى من شأنها حماية البيئة وتقليل الانبعاثات ، فمثلاً يمكنهم زراعة الأشجار، والحفاظ عليها حول المنزل الذى يعيشون فيه او المدرسة التي يتعلموا بها، من أجل الحفاظ على برودة درجات الحرارة بالداخل، بالإضافة لتقليل المخلفات الناجمة عن المنزل وكذلك تقليل استهلاك الطاقة والاجهزة التى تستهلك الطاقة من حولنا مثل التكيفيات والاجهزة الكهربائية، وايضا على الافراد تحجيم وترشيد استهلاكهم للمياه.
بالنسبة للكيانات الاقتصادية:
إن حجم التغيرات المناخية التى ستؤثر على العديد من مجالات الحياة، تستوجب التكيف معها أيضًا على نطاق أوسع من نطاق الأفراد، لتشمل نطاق الكيانات الاقتصادية والمجتمعات ككل، حيث يتعين على هذه الكيانات الاقتصادية، أن تكتسب قدرة أكبر على الصمود لمواجهة التأثيرات المناخية، وهذا الأمر سيتطلب جهودًا واسعة النطاق من قبل الحكومات فى تنسيق العديد منها.
فقد نحتاج إلى المزيد من بناء الطرق والجسور قادرة على تحمل درجات الحرارة المرتفعة والعواصف الأكثر قوة، وإنشاء أنظمة لمنع الفيضانات في الشوارع فى بعض المدن الساحلية، إضافة إلى زيادة منشآت النقل تحت الأرض، بالمناطق الجبلية، كملاذ لأى انهيارات أرضية أو فيضانات التى قد تنجم عن ذوبان الأنهار الجليدية.
وتحتاج بعض المجتمعات إلى الانتقال إلى مواقع جديدة لأنه سيكون من الصعب عليها جدًا التكيف مع هذه الظواهر. هذا ما يحدث بالفعل في الوقت الحاضر في بعض البلدان الجزرية التي تعاني من ارتفاع مستوى سطح البحر.
ويحتاج الجميع الى الاتجاه الى الاستثمار في التكيف، الأمر الذى يبدو أقرب إلى المنطق من مجرد الانتظار ثم محاولة الاستدراك لاحقًا، فمثلا إذا قامت المزيد من المزارع والكيانات بتركيب أنظمة ري تعمل بالطاقة الشمسية، واستخدام أنواع جديدة من المحاصيل، وأنظمة الإنذار بشأن الطقس واتخاذ التدابير سيكون الامر اخف وطأة من المتوقع.
بالنسبة للتعليم:
يعتبر التعليم عنصراً حاسماً في معالجة قضية تغير المناخ، ودعت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ /2007، الدول الأعضاء إلى القيام بحملات توعية وتثقيف للجمهور بشأن تغير المناخ، وضمان مشاركته في البرامج والوصول إلى المعلومات بشأن هذه القضية. وتعمل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة من خلال برنامجها على تطوير برنامج مستدام بغية مساعدة الناس على فهم تأثير الاحتباس الحراري، وتثقيف الصغار للحد من “الجهل بالحالة المناخية”.
إن وعي ما يحصل من التغير المناخي، يشجع الناس على تغيير مواقفهم وسلوكهم، كما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة. تالياً، يشكل التعليم عنصراً جوهرياً في فهم التغير المناخي والتأقلم والتقليل من آثاره وليس تصويرها بطابع الهلاك والكآبة. ومن هذا المنطلق، تعمل منظمة “اليونيسكو” على برنامج مستدام من أجل التعليم في مجال التغير المناخي ومساعدة الناس على مواجهة التحديات المناخية بما يتيح لهم من الوسائل. وتنص المادة 6 من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على أنه ينبغي على الدول أن تعمل على تشجيع برامج التعليم والتوعية العامة بشأن تغير المناخ وتيسيرها.
بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ – عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم