القلوب الممتحنة هي القلوب التي هيأها الله لقبول نوره وصارت مستعدة لتمتلىء بتقواه بما أجراه سبحانه لها من تمحيص واختبارات إجتازتها هذه القلوب وتخلصت من خلالها من شوائبها وثبتت على يقينها فلا تتغير بالم ولا تغتر بفرح “لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ ..”. يقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : القتلى ثلاث ،(منهم) رجل مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يقتل فذلك الشهيد الممتحن في جنة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة”.قال شمر (ما زلنا في لسان العرب ) فذلك الشهيد الممتحن هو المصفى المهذب المخلص من مَحَنْتُ الفضة إذا صفيتها وخلصتها بالنار
وفي لسان العرب امتحن من الفعل مَحَنَ ومَحَنْت البئر إذا أخرجت ترابها وطينها ومحنته وامتحنته بمنزلة خبرته واختبرته وبلوته وابتليته
وقد ذُكرت القلوب الممتحنة في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة الحجرات وهي السورة التي يصفها العلماء بأنها تضع معالم كاملة لمجتمع مثالي نظيف وسليم متضمنة القواعد والأصول والمبادىء التي يقوم عليها مثل هذا المجتمع والتي تكفل قيامه وصيانته في الوقت ذاته كما تضع السوره توجيهات تربوية لتربية هذا المجتمع المثالي المنشود .أما الآية التى تناولت القلوب الممتحنة فهي قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ”
أما كلمة الامتحان وحدها فقد وردت مرة أخرى في سورة الممتحنة وتتعلق أيضا باستشفاف ما في القلوب أيضا على قدر ما يستطيعه العقل البشري وذلك في قوله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ..”.
لكن الامتحان في معناه فقد جاء في القرآن الكريم بمعناه في مواضع كثير بل أن القرآن الكريم أخبرنا أنه لا إيمان بلا اختبار لهذا الإيمان يقول تعالى : “أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ” فالفتنة هي الاختبار الذي تتنوع أساليبه وطرقه فكل نعمة اختبار وكل نقمة اختبار وهكذا .بل إن القرآن الكريم استعرض اختيارات شتى واصفا لها مثلما جاء في قوله تعالى في وصف ما عناه المسلمون في يوم الأحزاب في سورة الاحزاب :” إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا(١١) ” فكان اختبارٌا شديدًا وصفه القرآن الكريم بالزلزال وو صف ما كان عليه المسلمون بالبلاء أي الاختبار “هنالك ابتلي”.
كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن أحداث معينه بأنها كانت لاختبار قوة الايمان لدي المجتمع الإيمانية كتحويل القبلة يقول تعالى :” وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ ..”