بدات المشكلة وتوحشت مع تحويل القائمة من أداة لحفظ الحق إلى وسيلة ضغط وتحويلها من علامة فرحة وبهجة إلى علامة قهر وإذلال والى ما يشبه عقد الإذعان.حولوها إلى أداة للتفاخر الاجتماعي والفشخرة الكاذبة والمباهاة السقيمة.
فجأة أصبحت القايمة حديث الأحاديث في الفضاء الافتراضي وغيرالافتراضي..فتاوى رهيبة وحكايات لها العجب العجاب حتى يخيل للمرء أن القائمة هي ام القضايا واس كل البلايا وأنها طاعون العصر لكل مقبل على الزواج والداء الفتاك الساحق الماحق وسبب الأسباب وعلة العلل في كل حالة طلاق!
بدا الأمر مزعجا للغاية من حالة الفوضى القائمة حول القايمة إياها فقد اختلط الحابل بالنابل ولم يعد أحد يتبين الابيض من الأسود رغم شروق الشمس..
لفت نظري تغريدة على تويتر وسط الهوجة الهوجاء للإعلامية الجزائرية آنيا الافندي تتساءل فيها مندهشة..حين قالت :الإخوة المصريين مشغولون بحديث كثير عن القايمة.. ما حكاية القايمة؟!
ومعها كل الحق لأن السفسطة بلغت حد اللامعقول بين المتمردين والمؤيدين ومن يرفعون شعار بلاها قائمة سيبها تعنس.. ومن يرفعون لافتة من يؤتمن على العرض الا يؤتمن على المال.. وبين دعوات لتحكيم العقل والالتزام بالضرورات والابتعاد عن الخيلاء وما يجلب المذمات وما هو غير ضروري من حاجات.ولكن هيهات!
وبين حديث التخلي والتحلي بعيدا عن التجلي ارتفعت أصوات تطالب بالتقنين وضرورة إصدار تشريع يضع القائمة تحت سيطرة وسيف القانون.وظهرت مشروعات لقوانين اعدها المعدون من انصار حقوق المراة ومن على شاكلتهم يستعدون لطرحها على البرلمان..
والحقيقة أن كل الأطراف ذهبت بعيدا بعيدا في اللعب بالزواج والخروج به عن مقاصده الشرعية ليكون سكينة ومودة ورحمة.. وقذفوا به في أتون دوامات هلامية ووصلوا به إلى حافة الضيق الشديد والنكد الاكيد وجعلوا منه مربطا ومرتعا للهم والغم آناء الليل وأطراف النهار.أو على الأقل تلويث الثوب الابيض الناصع بهالات من القطران.
اللاعبون بالقائمة يتسترون وراء لافتة حق المرأة والحفاظ عليه وهذا حق ظاهر..تحول للاسف إلى حق يراد به باطل حين اراده البعض قيدا وسيفا على رقبة العريس وهم يتوهمون أنهم يؤمنون الطلاق.وهو ما اوقعهم في شر أعمالهم فبدلا من أن يكون الحرص على تأمين الحياة وضمانات السعادة وهدوء البال. فإذابهم يبحثون ويضعون بذور منغصات وعقبات وعراقيل وعقابيل حتى إذا ما وقع المحظور أو فكر المتعوس في شيء ما فإنه لن يستطيع وسيفكر ويفكر كما يتصورون.ليبدا هو الاخر في البحث عن حيل جهنمية للهروب ورد الصاع صاعين واذا كنتم ناصحين فها انا ذا جاهز وسترون العيون الحمراء والسمراء..مسلسلات من العناد والعناد المضاد تحاك على جثث مستقبل الحياة الزوجية السعيدة !!
والحقيقة أن حق المرأة معروف ومكفول شرعا وعرفا.. وعندما كان هناك احترام للشرع والعرف كانت الأمور على خير مايرام ولم تكن الأمور بتلك البجاحة والفظاعة التى طفت وطغت على السطح في الأيام الأخيرة..رغم ارتفاع المستوى العلمي للمتزوجين والمتزوجات وارتفاع مستوى المعيشة أيضا عن ذي قبل!
كان البعض يعرف نظام القائمة والبعض لايعرفها وبعيدا عن أصلها وفصلها فإن التغيرات التى حدثت مؤخرا ودخول جماعات نسوية أو ما يعرف بالمرأة الجديدة والقديمة وغيرها من مسميات ثم ما حدث من بلايا اجتماعية في تقليد بعض الطبقات لبعض مع ثورة التطلعات الاجتماعية اياها التى ضربت المجتمعات وما تبع ذلك من مغالاة شديدة في التجهيزات بما يلزم وما لايلزم وتكبيل عدد كبير من الأسر بالديون الباهظة بسبب حالة الهبل والهطل في تكبير وتفخيم القائمة وأنها لا يجب ألا تقل عن قائمة بنت فلان أو علان..حتى لجأ البعض إلى كتابة قوائم غير حقيقية وشحنها بما لم ينزل به الله من سلطان لعشرات الاطقم من الهوالك وغيرهامن المضحكات المبكيات..وتمادي البعض وأسرف بالحق والباطل. وأصبحت القائمة عبئا حقيقيا وحتى من غير وقوع الطلاق وكان من تجلياتها ظاهرة الغارمين والغارمات لعشرات المئات من الإباء والامهات وراء القضبان..والسبب الرئيسي حشو القائمة إياها وشراء كل شيئ بالتقسيط والفوائد المركبة..
وقد تدخلت الدولة والقيادة السياسة بتوجيهات صريحة ومباشرة لحل جزء من الأزمة وسداد ديون الغارمين والغارمات لاخراجهم من السجون.
بعض الجهات تسعى لإصدار قانون..وتلح على ذلك مدفوعة بهواجس الحصول على مكاسب وامتيازات للمرأة والزعم بحماية حقوقها من غدر الرجل!!
في رأيي أن القضية تحتاج إلى التوعية بشكل رئيسي قبل البحث عن تشريع فكم من قوانين لم تردع ولم تمنع حدوث جريمة.
لا ابالغ اذا قلت ان المجتمع في الفترات الأخيرة فقد بعضا من عقله أمام متغيرات عديدة وترك الحبل على الغارب دون ارشاد أو توجيه أو مواجهة الأمور عندما كانت تخرج عن الحد وتتعالى الصرخات والنداءات بمواجهة الخلل الظاهر..فقضية المهور ليست من البدع الحديثة والتوجيهات الشرعية واضحة لا لبس فيها والقيمة والقدر متروكة للناس وفقا لحالاتهم واوضاعهم الاجتماعية من غنى وفقر وغير ذلك.وكل مجتمع وفق مايسمح به نظامه العام في تحقيق الزواج والاستقرار الاسري واحصان الشباب.
قد يستغرب البعض حين يعرف إن المهر ليس شرطا في صحة الزواج ولكنه واجب وإذا تم الزواج فقد جعل الشرع للمرأة مهر مثلها من أهل ابيها ..والإسلام حرص علي تيسير الزواج وأول المظاهر يسر تكاليفه وهي المهر الذي يُدفع صداقًا للمرأة والمهر في حقيقته رمز للرغبة والمودة والمحبة التي يريد الزوج أن يعبّر عنها لزوجته بتعبير فضيلة الامام الأكبر د.احمد الطيب الذي يرى “أن فلسفة الإسلام في المهر أنه رمز وليس ثمنًا ولا مقابلًا ماديًّا لأي من معاني الزواج الذي عبر عنه القرآن بأنه ميثاق غليظ وإنما هو مشروع إنساني يقوم على معانٍ وأحاسيس ومشاعر لا يمكن أن تُقدَّر بثمن أو بمقابل مادي”.
السؤال اين تكمن المشكلة اذن؟!
الجواب ببساطة بدات المشكلة وتوحشت مع تحويل القائمة من أداة لحفظ الحق إلى وسيلة ضغط وتحويلها من علامة فرحة وبهجة إلى علامة قهر وإذلال والى ما يشبه عقد الإذعان.حولوها إلى أداة للتفاخر الاجتماعي والفشخرة الكاذبة والمباهاة السقيمة.
ورغم أنه يتم الاتفاق على كل شيء في أول الارتباط الا أن الماكرين يؤخرون كتابة القائمة إلى اللحظات الأخيرة ليكون الوقت قاتلا وليس أمام كل طرف إلا أن يفرض كلمته وتجد الأطراف نفسهاأمام خيار وحيد نعم ام لا ومن هنا تبدأ شرارة الكوارث وينقلب كل شيء على عقب مع غياب صوت الحكمة لتمتلىء السجلات بماسي درامية وإذ بالعروسان واهليهما كل في طريق!
وكم شهدت لحظات الحسم قبيل الزفاف مشاهد مروعة على الأصعدة كافة وتم هدم كل شيء بسبب الست القائمة..العريس وأهله يريدونها واقعية أهل العروس يريدونها رقما وقدره زي بنت فلان وعلان وترتان.ويتحكم العناد وعندها لا مفر من فركش. وبكل بساطة يتم تنزيل العفش واسدال الستار الذي لم ينصب بعد. مع الإشارة أنه في تلك الأوقات الأيدي على الزناد والمساحات والهتافات تتصاعد وفواصل لا تنقطع من الردح البلدي ولا مانع من فرش الملاية في كل الشوارع الرئيسية والخلفية.
واضح ان المجتمع قد ارتفعت حساسيته من القايمة واي قايمة وكل ما قرب اليها من قول وعمل.
والله المستعان..
Megahedkh@hotmail.com