قلت : والله يا شيخي ما أذيناهم بشق تمرة، لكنهم خربوا أرواحنا بحجم الكون .
قال : يا ولدي تغضبك الاختبارات وكانك تقترب من
النار، و يأتى فرج الله، وينقذك بما لا تتوقعه .
قلت : يكاد الحزن يقتلني .
قال شيخي : إنَّ الله إذا أحبَّ عبدًا أنارَ بصيرته، ولا تُستنار البصيرة إلا بالحزن، فعند الحزن يرى المرء حقيقة كل شيء، حقيقة نفسه، وحال قلبه، وصحبته وأهله، حقيقة الدنيا على حالها، وما صارت إليه روحه، تُدرك بصيرته جمال الأشياء التي مرّت عليه وتجاوزها على عَجل، تتصل روحه بالسماء وتقترب من الله.
قلت : تنوء نفسي من كثرة الأحمال .
قال شيخي: يا ولدي إن الله يعلم ما في القلوب، ويعلم ما في النيّات، ويعلم ما تكن الصّدور وما يدور في الخواطر، تأكد أن الحساب بيد الله، و الرزق بيد الله، والرحمة بيد الله، و الفتوح كلها بيد الله، وأن تدابير البشر ومكائدهم في كفة، وتدابير الله في كفة .
قلت : أتمنى أن تجمعني الحياة بكل ما هو حنون،
وأن يقع في طريقي كل ما يجلب الطمأنينة إليّ وإلى قلبي، فأنا لا أرغب بالقلق بعد الآن .
قال شيخي : المرء تائهٌ بين إقبالهِ على شرٍّ يظنّه خيرًا وإعراضه عن خيرٍ يظنّه شرّا ، والسعيد من كانت خيرة الله لهُ أحبّ إليه من خيرته لنفسه، إعلم يا ولدي أنه سيظهر الإتّساع من أضيق نقطة، وسيخرج النور من أظلم بقعة، وسيبدأ الفرج من لحظة الشِدَّة، ما دمت تؤمن بالله وتثق به، فالفرج قادم لا محالة .