مما لا شك فيه أن الأمم والشعوب لا تتقدم إلا من خلال العلم والفكر والإبداع الأدبي الراقي ، تلك الأسباب هي التي تفتح الأبواب نحو الزراعة والصناعة والابتكار والتقدم في شتى مجالات الحياة ، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالأخذ بأسباب العلم والفكر والسعي إليها سعيا جادا وذكر ذلك في أكثر من آية منها قوله تعالى في الأية التاسعة من سورة الزمر ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) ، كما أوصانا بذلك أيضا سيد الخلق وخاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن ذلك حديثه الوارد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا به إلى الجنة ) ، إذن لابد من الأخذ بالعلم والفكر للحصول على أسباب القوة والبقاء والصمود في هذا العالم الذي يدهس الجهلاء بقسوة ولا يعتبرهم من جنس البشر حينما أصبحوا عالة على الإنسانية ولا يقدمون أي مساهمة تذكر في الرقي والتقدم والابتكار .
وقد وهب الله لمصر أسبابا لا تعد ولا تحصى للمضي قدما نحو ريادة العالم ، يأتي في مقدمتها هذا الإنسان المصري الشجاع الكريم المفكر والذي قدم للبشرية حضارة من أقدم وأروع وأزهى الحضارات وأكثرها صمودا عبر التاريخ ، تلك الحضارة التي عرفت العلوم والفنون والآداب وما زالت وستظل شواهدها خالدة لمن يسمع ويبصر وذلك على امتداد أرض مصر العظيمة ، ومع هذا الإنسان النادر في عبقريته كانت أسباب أخرى منها الموقع والمناخ والكنوز والثروات ومباركة السماء لهذا كله بحياة بعض الرسل والأنبياء عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام ورسالاتهم التي استقبلوها على أرضها المباركة ، ثم جاء دور العلماء في كل فروع العلم ومساهمة المفكرين والمبدعين والفلاسفة والشعراء الذين حفظوا وحافظوا على قيمة مصر ومكانتها فجعلوها أرض أمن وسلام وعلم يقصدها كل ذي عزم على العلم والرقي حتى أشارت إليها أصابع الإنسانية جمعاء بالإعجاب والفخر .
أما عنوان مقالتي هذه والذي يمثل تسأولا محوريا هاما يبحث عن إجابة شافية لدى جميع العلماء والمفكرين والمثقفين والأدباء والشعراء ومن قبل كل هؤلاء صناع القرار الذين نثق في ولائهم وانتمائهم لهذا الشعب العريق ولهذا البلد الذي أضاء العالم بنور حضارته ، هذا التساؤل يتحدد على إجابته مصير الفكر والإبداع وتضعنا تلك الإجابة بين خيارين لا ثالث لهما : إما الاستمرار في الإبداع الذي يشيد بالإيجابيات ويحاول علاج السلبيات بطريقة أدبية بليغة لا تجرح مشاعر أحد ، وإما التوقف فورا عن الإبداع والكتابة وإلقاء القلم في عرض البحر . أقول ذلك لأننا نعشق تراب هذا الوطن وندافع عن وحدته وتماسكه وقوته بكل ما نملك ونحاول علاج ما يبدو من مساؤى كل في مجاله وتخصصه وما وهبه الله من قدرات ومواهب ، وقد أوصانا ربنا جل وعلا بذلك ، كما نريد أن نترك لأولادنا وأحفادنا وطنا قويا يعرفون قدره ويتمسكون به .
وبعد كل ما تقدم ، نسوق حدثا بالغ الخطورة ، لكنه برهان واضح على شرح ما سبق ، يقول أحد المعلمين وهو أيضا أديب وشاعر معروف للأوساط الثقافية وله من الأعمال الأدبية ما يشهد بكفاءته حتى صدرت عن أعماله كتبا نقدية عديدة بخلاف الأبحاث والدراسات ورسائل الماجستير والدكتوراه ، يقول هذا المعلم الأديب : كتبت عدة قصص قصيرة تلقي الضوء على بعض السلبيات الاجتماعية بصفة عامة وتشير إلى فساد الأشخاص الذي يتكرر في كل زمان ومكان ، وبمجرد نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإعلامية الإليكترونية وإذ بالإدارة التعليمية تعاقبني وتضطهدني لمجرد أن أسماء بعض الأبطال في تلك القصص تشابهت مع الجد الرابع أو الخامس لبعض المعلمين ، وقبيل العقاب جاء أحد موظفي الإدارة وهو ليس عضوا بالشئون القانونية وكذلك لم يأت بتكليف رسمي من مسئولى الإدارة ثم سألني عن طبيعة تلك القصص فأكدت له أنها قصص خيالية ، فظل يكرر نفس السؤال وأنا أكرر نفس الإجابة حتى تعدت الأوراق عشر ورقات أو أكثر دون إي إضافة إدركت بعدها أنه يريد ملفا كاملا حتى يبدو لمن يقرأه أن الموضوع خطير ، بعدها جاءني استدعاء رسمي من الشئون القانونية بالإدارة للمثول أمام أحد موظفيها ، ولكن لعدم ثقتي في هذا الشخص طلبت تحويل الأمر لموظف آخر ممن يجلسون على المكاتب دون عمل يذكر ، لكنني فؤجئت بعقوبات ظالمة لا تمت للقانون بصلة مما زاد من شعوري بالاضطهاد الشديد ، وهنا ينتهي كلام المعلم الأديب .
وبما أننا نتحدث عن قيمة العلم والفكر والإبداع ونسمع تصريحات كبار المسئولين عن حرية الفكر ما لم تؤدي إلى ضرر بالوطن ومقدراته ووحدته ، لذلك فإننا نتوجه بطلب للسادة المسئولين عن التعليم والثقافة لاستجواب مسئولى تلك الإدارة التعليمية الذين لا يحترمون ولا يقدرون قيمة الفكر والإبداع ولا يساندون أبناء الوطن الموهوبين ، فبدلا من تكريمهم وتشجيعهم وإسناد مهام تثقيف الأجيال إليهم لغرس الوفاء والانتماء فقد ذهبوا لعقابهم واضطهادهم وهذا يعطل مسيرة الوطن نحو الرخاء والتقدم .
ونختم بسؤالين هامين يلحان في الإجابة لكي نبين مدى الظلم والاجحاف والغطرسة التي يتعامل بها بعض مديري المدارس والإدارات التعليمية مع معلمي مصر الشرفاء وخاصة الموهوبين منهم والذين يمثلون خط دفاع هام عن أمن وأمان ورخاء هذا الوطن الصامد ، وأول هذه الأسئلة التي نوجهها لمسئولى تلك الإدارة : إذا كانت قصص هذا الأديب واقعية من وجهة نظركم وتنطبق فعلا على بعض المعلمين المنحرفين ، فكيف وبماذا عاقبتم هؤلاء المنحرفين وهم ما زالوا في أماكنهم يتمتعون ويلعبون ؟ أما إذا كانت هذه القصص خيالية ولا تمت لهم بصلة فلماذا عاقبتم هذا المعلم الأديب على فكره وخياله ؟ ألا تشعرون بالتناقض الغريب ؟
هذه دعوة للنقاش مع رجاء بتدخل المسئولين من وزارتي التعليم والثقافة وتكوين لجنة لبحث الأمر والبت فيه عاجلا حتى يعود الحق لصاحبه ، حفظ الله مصر أرضا طيبة مباركة وشعبا عزيزا كريما منتصرا .