ماهي دعوى الاستيثاق ؟هي توثّيق شهادة الشهود قبل رفع الدعوى لدى المحكمة، وذلك خشيت غياب أو وفاة الشهود من حقك رفع دعوى وإن كانت المصلحة محتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النـزاع فيه. نصت المادة 3 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري –المعدلة بالقانون رقم 81 لسنة 1996 بتعديل بعض أحكام المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968- على:
“لا تقبل أي دعوى، كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر، لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون.
وتقضي الح كمة من تلقاء نفسها، في أي حال تكون عليها الدعوى، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين.
نصت الفقرة الأولى من المادة 2 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي؛ على:
“لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه“.
كما قررت المذكرة الإيضاحية للنص الكويتي؛ أن:
“أما المادة الثانية من المشروع فتعالج المصلحة كشرط لقبول الدعوى بحسبان أن المصلحة كما يقال؛ مناط الدعوى. وليست المصلحة شرطاً لازماً لقبول الطلبات فقط، بل هي لازمة أيضاً لقبول الدفوع ((شكلية كانت أو موضوعية أو بعدم القبول)). والنص بصيغته تلك؛ يواجه الخصائص التي جرى القول على وجوب توافرها لتبرير قبول الدعوى من كونها مصلحة شخصية، قانونية وقائمة. ثم عقّبت المادة فنصت على أن المصلحة المحتملة تكفي حيث يراد تحقيق إحدى فكرتين، أولاهما: الاحتياط لدفع ضرر محدق. والثانية: الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه. وهذا وذاك لإتاحة الفرصة لقبول أنواع من الدعاوى كان الرأي مختلفاً في شأن قبولها، إلى أن اتجه القضاء والفقه إلى إجازتها. ومن أمثلة ما يندرج تحت الفكرة الأولى؛ قبول دعوى المطالبة بحق لم يحل أجل الوفاء به في العقود المستمرة .. ومن أمثلته أيضاً دعوى وقف الأعمال الجديدة. وكذلك دعوى قطع النزاع التي يقصد بها ..، ومن أمثلة ما يندرج تحت الفكرة الثانية
–وهي الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه- الدعوى التي يرفعها صاحب حق لم يحل أجله طالباً فيها سماع شهادة شاهد يخشى وفاته مثلاً حتى يمكن الاستناد عليها عند المطالبة بحقه بعد حلول أجله، ودعوى إثبات الحالة، ودعوى التزوير الأصلية، ودعوى تحقيق الخطوط الأصلية”. (بتصرُّف).
وكان من المقرر فقهاً أيضاً؛ أن:
“ويختلف تعريف المصلحة إذا نظر إليها من خلال الغاية من رفع الدعوى عما إذا نظر إليها من خلال الباعث على رفعها، فإذا نظر إليها من خلال الغاية من رفع الدعوى، فإنها تكون الحاجة إلى حماية القانون لأنها ترتبط بالاعتداء على حق أو التهديد بالاعتداء عليه، أما إذا نظر إليها من خلال الباعث أو الدافع إلى رفع الدعوى فإنها تكون المنفعة التي يجنيها المدعي من جراء الحكم له بطلباته“.
(د. عبد المنعم الشرقاوي: رسالته “نظرية المصلحة في الدعوى” طبعة 1947- مشار إليها في محمد كمال عبد العزيز: تقنين المرافعات في ضوء القضاء والفقه- الطبعة الثالثة 1995 ص 86، 87)
ومن المقرر فقهاً كذلك؛ أن:
“المصلحة القانونية: أي أن يستند رافع الدعوى إلى حق أو مركز قانوني فيكون الغرض من الدعوى حماية هذا الحق“.
(محمد كمال عبد العزيز: المرجع السابق- ص 88)
وكان قضاء محكمة النقض المصرية قد استقر على:
“ولا تكفي مجرد المصلحة الاقتصادية التي للمدعي، فالنص في المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه .. يدل على أن المصلحة التي تجيز رفع الدعوى أو المطالبة بالحق؛ تلك المصلحة القانونية التي يحميها القانون دونما نظر إلى المصلحة الاقتصادية“.
(23/6/1997، الطعنان رقما 8240، 8296 لسنة 65 ق)
(14/6/1987 طعن 1455 سنة 53 ق – مجموعة أحكام النقض الصادرة عن الجمعية العمومية وعن الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية وعن دائرة الأحوال الشخصية- إصدار المكتب الفني لمحكمة النقض- سنة 38 من إصدار المجموعة- صحيفة 822)
(وأيضاً 19/6/1958 المجموعة السابقة- س 9 ص 571)
كما استقر قضاء محكمة النقض المصرية؛ على:
“يجب أن يكون للمدعي مصلحة قانونية فلا يكفي مجرد توافر مصلحة له في الحصول على منفعة مادية أو أدبية“.
(28/12/1988 طعن 2015 سنة 54 ق “غير منشور” مشار إليه في المرجع السابق لمحمد كمال عبد العزيز ص 89)
ومن المقرر فقهاً أيضاً؛ أن: “لا تكفي المصلحة النظرية“.
(محمد كمال عبد العزيز: المرجع السابق- ص 89)
كما أن من المقرر فقهاً –في شأن المصلحة النظرية- أن:
“ونكرر الإشارة إلى أن المصلحة القانونية سواء كانت أدبية أو مادية يجب ألا تكون مجرد مصلحة نظرية، بل يجب أن تعود على المدعي فائدة عملية من دعواه وإلا كانت غير مقبولة لأن المصلحة النظرية البحتة لا تكفي لقبول الدعوى حتى مع وصفها بأنها قانونية“.
(د. عبد الباسط جميعي: مبادئ المرافعات في قانون المرافعات الجديد- طبعة 1980 من ص 317 : 319)
ويستفاد من جماع ما سبق؛ أنه يشترط لقبول الدعوى أن تكون هناك مصلحة قانونية أي أن يكون المطلوب منفعة يجنيها المدعي من دعواه، فلا يكفي لتوافر شرط المصلحة القانونية –وبالتالي قبول الدعوى- مجرد إقامته دعوى لتحديد مركزه المالي من شخص آخر (المدعى عليه) كدعوى ندب الخبير أو دعوى الحساب والتي يقتصر فيها المدعي على طلبه ندب خبير لبيان مدى مداينته للمدعى عليه دون أن يطلب القضاء بإلزام هذا الأخير بما يسفر عنه تقرير الخبرة لأن دعواه في تلك الحالة؛ نظرية بحتة حيث ليست هناك فائدة عملية تعود عليه لمجرد إقامة دعوى ندب خبير. دعوى إثبات الحالة (تهيئة الدليل)- دعوى إثبات الحالة المستعجلة المنصوص عليها في المادتين (133) و(134) من قانون الإثبات يقصد بها مجرد الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله، فهي دعوى إجراءات وقتية تحفظية، لا يجوز قبولها في غير حالات الاستعجال، ويمتنع فيها على القاضي المساس بالموضوع- دعوى إثبات الحالة بصورها المتعددة في غير هاتين الحالتين لا تعدو أيضا أن تكون دعوى إجرائية تحفظية صرفة، يقيمها رافعها على نفقته ليكون ما يثبت فيها من وقائع سمعها الخبير المنتدب في الدعوى من طرفيها وشهودهم، وما يطلع عليه من أوراق أو مستندات، سندا يتقدم به إلى محكمة الموضوع، بما قد يدعيه مستحَقا له، وتملك هذه المحكمة أن تطرحه أو تأخذ ببعض ما جاء به- لا تتضمن تلك الدعوى أي طلب موضوعي عقدت تلك الخصومة ابتغاء الحكم للمدعى به على المدعى عليه- على المحكمة أن تقضي فيها بانتهاء الدعوى، وهذا الحكم لا يفصل في خصومة ولا يحسم نزاعا بين طرفيها؛ إذ لم يكن الهدف من الدعوى سوى اتخاذ إجراء تحفظي صرف بقصد تهيئة الدليل مقدما لحين عرضه على محكمة الموضوع لتقول كلمتها فيه، مما مؤداه أن الحكم الصادر في تلك الدعوى بانتهائها لا يحوز حجية الأمر المقضي.
المادة رقم (45) من قانون المرافعات. المادتان رقما (133) و(134) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968